عدد تصفح الموقع
اضغط على الآية لمعرفة المزيد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 10 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 10 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 184 بتاريخ الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:23 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 206 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Nour El Houda Khaldi فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 71341 مساهمة في هذا المنتدى في 44690 موضوع
لجزء الأول من الأخطاء اللغوية الشائعة
صفحة 1 من اصل 1
لجزء الأول من الأخطاء اللغوية الشائعة
الموضع الأول :
يقولون : ( طبعًا ) . وهاتي الكلمةُ يلوكها في لسانه كلُّ أحدٍ ، جاهلٍ ، أو مؤتزرٍ بإزارِ العلمِ .
وهي كلمة دخيلة في العربية ، أحسَِبها وردت علينا من تَرْجَمة الكتبِ الأجنبيةِ مع بِداءةِ عصر النهضة أو السقطةِ .
وللحديثِ عما جرته علينا الترجمةُ من مصائبَ مقامٌ طويلٌ .
وربتما أراد بعضُ المترجمين أن يترجم الكلمة الإنجليزيةَ ( of course ) ، فلم يعرف لها في العربية مرادفًا ؛ فترجمها لفسادِ الطبعِ ( بالطبع أو طبعًا ) . وهي حشوٌ من القولِ ، وعِيّ في الكلامِ ، لا ينبغي أن يلفظها من في قلبِه ذرةٌ من أنفةٍ ، أو قليلٌ من فقهٍ (2) . وإني أرى لها في العربيةِ بدَلاً هو ( لا جرم ) و ( حقًّا ) و ( أجَلْ ) و ( نعَم ) و ( لا ريب ) و ( لا شك ) ونحوُها .
فإنْ قيلَ : إنَّ ( طبعًا ) تستعملُ في مواضعَ أُخَرَ غيرَ حشوٍ ، كقولِك : ( طبعًا ) في جوابِ من سألكَ : ( هل العرب كرماء ؟ ) .
قلتُ : إن ظاهرَ المعنى يقضي بإعرابِ " طبعًا " في هذا السياقِ مفعولاً مطلَقًا مؤكّدًا للجملةِ قبلَه ؛ نحو : ( هذا صاحبي صدقًا ) .
وهذا في رأيي غيرُ سائغٍ ، لأن " الطبعَ " في نحوِ جوابِ ( هل العربُ كرماءُ ؟ ) تقديرُه ( طُبعَ هذا الكلامُ طبعًا ) بالبناءِ للمجهولِ ، لا ( طَبعَ ) بالبناءِ للمعلوم . وهذا مخالِفٌ لنحو : ( هذا صاحبي صدقًا ) ؛ إذْ تقديرُه : ( صدقَ هذا الكلامُ صِدقًا ) بالبناءِ للمعلومِ .
فإنِ احتججتَ بالسماعِ على ذلكَ ، قلنا : لا نعرفُ في ذلك سماعًا ؛ فإن يكنْ فهو قليلٌ . وإن احتججتَ بعلةِ عدمِ الفرقِ ؛ وذلك أن تزعمَ أن العلةَ المجيزةَ لقياسِ المبنيّ للمعلومِ ينبغي أن تجيزَ القياسَ في المبنيّ للمجهولِ ، وإن لم يوجدْ سماعٌ ؛ إذْ لا فرقَ بينَهما ، كما أجازَ ابنُ السرّاجِ القياسَ على إلغاءِ " ما " المتصلةِ بـ " إنّ " وأخواتِها حملاً لها على إلغاءِ " ليتَ " إذا اتصلت بها ، كما روى سيبويهِ بيتَ النابغةِ :
قالت : ألا ليتما هذا الحمامَ لنا *** إلى حمامتِنا ، أو نصفَه ، فقدِ
وإنما أجازَ ذلك من طريقِ ادّعاءِ عدمِ الفرقِ .
قلنا : كلا ؛ فإن بينَ المبني للمعلومِ ، والمبني للمجهولِ فرقًا ؛ وذلكَ أنّ إجراءَ أحدِهما مُجرى الآخرِ مدعاةٌ إلى اللبسِ .
والعربُ يعتدّونَ كثيرًا بهذه العلةِ ، ويَبنونَ قوانينَهم عليها ، كما فعلوا في الإعرابِ ، وفي الزياداتِ التصريفيةِ الدالّةِ على معنًى ، وفي غيرِ ذلكَ .
وربّما لم يعتدّوا بها ، كما فعلوا في " مختار " اسمَ فاعلٍ ، واسمَ مفعولٍ . فإنْ بلغنا عنهم سماعٌ ، لم يكن لنا أن نجاوزَه إلى غيرِه ؛ قالَ الإمامُ سيبويهِ رحمه الله تعالى : ( فاستعملْ من هذا ما استعملتْه العربُ ، وأجزْ ما أجازوا ) (3) .
ولذلك أنكروا على ابنِ مالكٍ أنّه فرقَ بين ( بِعت ) مبنيًّا للفاعلِ ، والمفعولِ ، معَ أنَّه كما نقلَ المازنيُّ لغةٌ لبعضِ العربِ فقطْ . وعلى كلِّ حالٍ فما تقدَّم يكشِفُ لنا التفاتَ العربِ إلى هذه العلةِ ، واعتدادَهم بها كثيرًا .
وإذا كانَ اللبسُ ثابتًا في أصلِ المسألةِ التي نحنُ بسبيلِها كانَ هذا موجِبًا للفرقِ ؛ وإذا ثبتَ الفرقُ امتنعَ القياسُ . فإن قالَ قائلٌ : ما لكَ حملتَ المسألةَ على مذهبِ العربِ في اجتنابِ اللبسِ ، ولم تحملها على مذهبِهم الآخرِ في عدمِ الاعتدادِ بهِ ، كما في " مختار " ؟ قلتُ : لأنَّ الاحتجاجَ بـ " عدمِ الفرقِ " احتجاجٌ ظنّيّ ؛ فأدنى احتمالٍ ينقضُه ، كالاحتجاجِ باستصحابِ الأصلِ ؛ وقد وُجدَ احتمالُ مراعاةِ اللبسِ .
ثمَّ إنّا وجدنا العربَ يعتدّونَ بها في نحوٍ من مسألتِنا ؛ وذلك في مسألتينِ يجمعُها ومسألتَنا أصلٌ واحدٌ ؛ هو الفرقُ بينَ المبنيّ للفاعلِ ، والمبنيِّ للمفعولِ ؛ فالمسألةُ الأولى في أفعلِ التعجبِ ، والثانيةُ في اسمِ التفضيلِ ؛ فإنهم منعوا بناءَهما من المبنيِّ للمفعولِ ، لئلا يلتبسا بالمبنيّ للفاعلِ ؛ فلا تقولُ مثلاً : محمدٌ أضربُ من زيدٍ . تريدُ أنه يُضرَبُ أكثرَ من زيدٍ . وبذلك يتبيّنُ أنّ بينَهما فرقًا ؛ فلم يبقَ لهم إلا السّماعُ ؛ ولا سَماعَ يسوّغُ القياسَ .
وإنْ أريدَ بـ " طبعًا " في مثالِ هذه المسألةِ أنهم كرماءُ عن طبعٍ ، لا عن تصنّعٍ ، فهذا أصلاً ليسَ موضعَ خلافٍ ؛ إذْ يكونُ حينئذٍ تمييزًا .
معَ أنه ينبغي العلمُ أني لا أنفي " طبعًا " من العربيةِ ؛ ولكني أنفي استعمالَها حيثُ لا يسنِدها القياسُ .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الثاني :
يقولون : نحن كمسلمين نخافُ الله . وهذا التعبير المرذول المحرِّف للمعنى عن موضعه من تبِعات الترجمة الرديئة . وأنا أحسبها مترجمة حرفيًّا من الكلمةِ الإنجليزيةِ ( as ) ؛ فإنها تستعمل بمعنى الكاف ، ويضعونها موضع الاختصاص في العربية . وذِهِْ مما عمت وطمت حتى لا ترى لسانًا إلا يتشدق بها ، وبئسَ من لسانٍ يتبعُ كل ما يسمعُ ، ويجعل لغته حلالاً لكل مفسدٍ !
وفي لغتنا بديل عن هذا التعبير ، أُفردَ له في النحو بابٌ مستقلٌّ هو بابُ ( الاختصاصِ ) تقولُ ـ مثلاً ـ : نحنُ المسلمين نخافُ الله . نُصب ( المسلمين ) بفعل مضمر وجوبًا تقديره أعني أو نحوُه . أو تقول : نحن أيها المسلمون نخاف الله . ومما ورد في ذلك قول الشاعر :
جُد بعفوٍ فإنني أيها العبـ *** ـدُ إلى العفو يا إلهي فقيرُ
وقول الآخر :
إنا بني نهشلٍ لا ندّعي لأبٍ *** عنه ولا هو بالآباءِ يشرينا
وأنبه على أن هذا التعبيرَ الفاسدَ قد أجازه مجمع اللغة العربية في القاهرة بحجج واهيةٍ داحضةٍ لا يُلتفتُ إليها .
وهذا شأن المجمع في كل ما يفشو على ألسنةِ الناسِ ؛ إذ يتكلفونَ له التأويلَ تكلفًا ظاهرًا ! فإن قيلَ : وما تُنكرُ أن يكونَ هذا من قبيلِ التطوُّرِ الدَِّلاليِّ ؟ قلتُ : من الخطأ أن تقاسَ العربيةُ على سائرِ اللُّغاتِ ، وأن تكونَ تابعةً لها ؛ فإنَّ اللغاتِ الأخرَ ليسَ لها مُحتَكمٌ ، ولا مرجِعٌ ثابتٌ ؛ فهي تتطوّرُ كلَّ يومٍ من غيرِ أن يعُدّوا هذا التطوُّرَ لحنًا ، أو خروجًا عن الجادّةِ .
أما العربيةُ فشأنُها شأنٌ آخرُ ؛ إذ خصَّها الله تعالى بحفظِهِ ، وهيّأ لها البقاءَ ؛ فأصحابُ هذا العصرِ يقرءونَ كلامَ الله تعالى المنزلَ قبلَ أربعةَ عشرَ قرنًا ؛ فيفهمونَ كثيرًا منه ، والإنجليزُ مثلاً يقرءونَ كلامَ شكسبيرَ ؛ فلا يفهمونَه ، على قربِ عَهدِه منهم . والقولُ في التطوّرِ الدّلاليِّ أنه على ثلاثة أضربٍ ؛ الضرب الأول : تطور في زمن الاحتجاج ، سواءٌ كان بملابسة أم بغيرها .
فهذا يُعتدّ به ، كتطور كلمة ( بأس ) ؛ فقد كان يراد بها الحرب ، ثم كثرت حتى قيل : لا بأس عليك ؛ أي : لا خوف .
الثاني : تطور في غير زمن الاحتجاج . وهذا لا يصحّ إلا بملابسة ، إما مشابهة ، أو غير مشابهة ؛ نحوُ تسمية صاحب العلم بـ ( الشيخ ) ؛ فإن هذا من باب الاستعارة ؛ إذ شُبه العالم بكبير السن بجامع لزوم الاحترام والتوقير في كلٍّ . ثم إن هذا الضرب من التطور إما أن يظل مجازًا ، كـ ( البدر ) بمعنى ( الحسنِ الجميلِ ) ، وإما أن يكون حقيقةً عرفيةً إذا اشتهر ، وأصبح هو السابقَ إلى الذهن عند إطلاقه لدى الناس ، كـ ( الشيخ ) بمعنى العالم .
الضرب الثالث : تطور في غير زمن الاحتجاج بغير ملابسة . فهذا يُطّرح ، ولا يُعتد به ، وهو خطأ في اللغة وضلال عن القصد فيها . وهذا بيّن معلوم عند علماء العربية جميعًا ؛ ولهذا ألفت الكتب في التنبيه على ما يلحن فيه العامة والخاصة ؛ من ذلك كتاب ( إصلاح المنطق ) لابن السكيت ، و ( الفصيح ) لثعلب ، و ( ما تلحن فيه العوام ) للكسائي ، و ( فقه اللغة ) للثعالبي ، و ( درة الغواص في أوهام الخواص ) للحريري ، و ( تقويم اللسان ) لابن الجوزي ، و ( تثقيف اللسان ) لابن مكي الصقليّ ، و ( لحن العوام ) للزبيدي .
فإن قيلَ : إنَّ منعَ التوسع في التطوّرِ الدلاليّ يجعلُ اللغةَ ميّتةً هامدةً . قلتُ : ليس هذا بحقٍّ ؛ فإنَّ ثَمَّ مسالك كثيرة من الاشتقاق ، والتصريف ، والقياس . بلِ الذي يسيءُ إلى العربيةِ ، ويُسرِع في القضاءِ عليها أن يُفتحَ بابُ التطوّر على مصراعيهِ ؛ فيصيبَها ما أصابَ اللغاتِ مِن قَبلِها .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الثالث :
يقولون : في هذه الفترة . أو بعد فترة ؛ أي : مدة . وهو خطأ ؛ فإن الفترة في اللغة هي الضعفُ والسكون وانكسارُ الحدة والنشاطِ ؛ ولهذا يطلق على ما بين النبيَّين ، كما قال ـ تعالى ـ : نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي يا أهل الكتابِ قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي [ المائدة : 19 ] .
والبديل من ذلك هو ( مدة ) و ( زمن ) و ( حقبة ) ونحوُها . أما تصريفُ ( الفَترةِ ) ، فإنها تحتملُ أن تكونَ اسمَ مرة ؛ نحو ضرْبة ، أو مصدرً عامًّا ؛ نحو رَحْمة - وهو الأرجح - ، من ( فَتَرَ ) الذي مضارعه من باب " ضرب " ، و " نصر " ، بمعنى سكن وضعُف ، وانكسرت حِدَّته ونشاطه .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الرابع :
يخطئون من يقولُ من العامة ( تَفْتَر ) في ( دَِفتر ) وهو صواب ؛ فـ ( التفتر ) لغة بني أسدٍ ، حكاها الفراءُ ، واللحيانيّ (4) .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الخامس :
يقفونَ على التنوين ؛ فيقولون ـ مثلاً ـ هذا كتابُن ، أو قرأت كتابَن ، أو اطلعت على كتابِن . وهو غلط ؛ فإن العربَ لا تقف على التنوين البتةَ إلا تنوينَ الترنم ، والتنوينَ الغالي ، كما ذكر أبو سعيد السيرافيُّ وابن جنيْ وغيرُهما ، وقال ابن مالك في ألفيته :
تنوينًا اثْرَ فتحٍ اجعلْ ألفا *** وقفًا وتلوَ غيرِ فتحٍ احذفا (5)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
- الهوامش :
(1) : الأصمعيات 27 ( شاكر وهارون ) . وتمامُ البيتِ :
فلئنْ صرمتِ الحبلَ يا بنةَ مالكٍ *** والرأيُ فيهِ مخطئ ومصيبُ
(2) : انظر : البيان والتبيين 1 / 113 ( هارون ) .
(3) : الكتاب 1 / 414 ( هارون ) .
(4) : لسان العرب ، وتاج العروس ( تفتر ) .
(5) انظر مثلاً : ضرورة الشعر ، للسيرافيِّ 37 ( رمضان عبد التواب ) ، وسرّ صناعة الإعراب ، لابن جني 2 / 518 ( حسن هنداوي ) .
يقولون : ( طبعًا ) . وهاتي الكلمةُ يلوكها في لسانه كلُّ أحدٍ ، جاهلٍ ، أو مؤتزرٍ بإزارِ العلمِ .
وهي كلمة دخيلة في العربية ، أحسَِبها وردت علينا من تَرْجَمة الكتبِ الأجنبيةِ مع بِداءةِ عصر النهضة أو السقطةِ .
وللحديثِ عما جرته علينا الترجمةُ من مصائبَ مقامٌ طويلٌ .
وربتما أراد بعضُ المترجمين أن يترجم الكلمة الإنجليزيةَ ( of course ) ، فلم يعرف لها في العربية مرادفًا ؛ فترجمها لفسادِ الطبعِ ( بالطبع أو طبعًا ) . وهي حشوٌ من القولِ ، وعِيّ في الكلامِ ، لا ينبغي أن يلفظها من في قلبِه ذرةٌ من أنفةٍ ، أو قليلٌ من فقهٍ (2) . وإني أرى لها في العربيةِ بدَلاً هو ( لا جرم ) و ( حقًّا ) و ( أجَلْ ) و ( نعَم ) و ( لا ريب ) و ( لا شك ) ونحوُها .
فإنْ قيلَ : إنَّ ( طبعًا ) تستعملُ في مواضعَ أُخَرَ غيرَ حشوٍ ، كقولِك : ( طبعًا ) في جوابِ من سألكَ : ( هل العرب كرماء ؟ ) .
قلتُ : إن ظاهرَ المعنى يقضي بإعرابِ " طبعًا " في هذا السياقِ مفعولاً مطلَقًا مؤكّدًا للجملةِ قبلَه ؛ نحو : ( هذا صاحبي صدقًا ) .
وهذا في رأيي غيرُ سائغٍ ، لأن " الطبعَ " في نحوِ جوابِ ( هل العربُ كرماءُ ؟ ) تقديرُه ( طُبعَ هذا الكلامُ طبعًا ) بالبناءِ للمجهولِ ، لا ( طَبعَ ) بالبناءِ للمعلوم . وهذا مخالِفٌ لنحو : ( هذا صاحبي صدقًا ) ؛ إذْ تقديرُه : ( صدقَ هذا الكلامُ صِدقًا ) بالبناءِ للمعلومِ .
فإنِ احتججتَ بالسماعِ على ذلكَ ، قلنا : لا نعرفُ في ذلك سماعًا ؛ فإن يكنْ فهو قليلٌ . وإن احتججتَ بعلةِ عدمِ الفرقِ ؛ وذلك أن تزعمَ أن العلةَ المجيزةَ لقياسِ المبنيّ للمعلومِ ينبغي أن تجيزَ القياسَ في المبنيّ للمجهولِ ، وإن لم يوجدْ سماعٌ ؛ إذْ لا فرقَ بينَهما ، كما أجازَ ابنُ السرّاجِ القياسَ على إلغاءِ " ما " المتصلةِ بـ " إنّ " وأخواتِها حملاً لها على إلغاءِ " ليتَ " إذا اتصلت بها ، كما روى سيبويهِ بيتَ النابغةِ :
قالت : ألا ليتما هذا الحمامَ لنا *** إلى حمامتِنا ، أو نصفَه ، فقدِ
وإنما أجازَ ذلك من طريقِ ادّعاءِ عدمِ الفرقِ .
قلنا : كلا ؛ فإن بينَ المبني للمعلومِ ، والمبني للمجهولِ فرقًا ؛ وذلكَ أنّ إجراءَ أحدِهما مُجرى الآخرِ مدعاةٌ إلى اللبسِ .
والعربُ يعتدّونَ كثيرًا بهذه العلةِ ، ويَبنونَ قوانينَهم عليها ، كما فعلوا في الإعرابِ ، وفي الزياداتِ التصريفيةِ الدالّةِ على معنًى ، وفي غيرِ ذلكَ .
وربّما لم يعتدّوا بها ، كما فعلوا في " مختار " اسمَ فاعلٍ ، واسمَ مفعولٍ . فإنْ بلغنا عنهم سماعٌ ، لم يكن لنا أن نجاوزَه إلى غيرِه ؛ قالَ الإمامُ سيبويهِ رحمه الله تعالى : ( فاستعملْ من هذا ما استعملتْه العربُ ، وأجزْ ما أجازوا ) (3) .
ولذلك أنكروا على ابنِ مالكٍ أنّه فرقَ بين ( بِعت ) مبنيًّا للفاعلِ ، والمفعولِ ، معَ أنَّه كما نقلَ المازنيُّ لغةٌ لبعضِ العربِ فقطْ . وعلى كلِّ حالٍ فما تقدَّم يكشِفُ لنا التفاتَ العربِ إلى هذه العلةِ ، واعتدادَهم بها كثيرًا .
وإذا كانَ اللبسُ ثابتًا في أصلِ المسألةِ التي نحنُ بسبيلِها كانَ هذا موجِبًا للفرقِ ؛ وإذا ثبتَ الفرقُ امتنعَ القياسُ . فإن قالَ قائلٌ : ما لكَ حملتَ المسألةَ على مذهبِ العربِ في اجتنابِ اللبسِ ، ولم تحملها على مذهبِهم الآخرِ في عدمِ الاعتدادِ بهِ ، كما في " مختار " ؟ قلتُ : لأنَّ الاحتجاجَ بـ " عدمِ الفرقِ " احتجاجٌ ظنّيّ ؛ فأدنى احتمالٍ ينقضُه ، كالاحتجاجِ باستصحابِ الأصلِ ؛ وقد وُجدَ احتمالُ مراعاةِ اللبسِ .
ثمَّ إنّا وجدنا العربَ يعتدّونَ بها في نحوٍ من مسألتِنا ؛ وذلك في مسألتينِ يجمعُها ومسألتَنا أصلٌ واحدٌ ؛ هو الفرقُ بينَ المبنيّ للفاعلِ ، والمبنيِّ للمفعولِ ؛ فالمسألةُ الأولى في أفعلِ التعجبِ ، والثانيةُ في اسمِ التفضيلِ ؛ فإنهم منعوا بناءَهما من المبنيِّ للمفعولِ ، لئلا يلتبسا بالمبنيّ للفاعلِ ؛ فلا تقولُ مثلاً : محمدٌ أضربُ من زيدٍ . تريدُ أنه يُضرَبُ أكثرَ من زيدٍ . وبذلك يتبيّنُ أنّ بينَهما فرقًا ؛ فلم يبقَ لهم إلا السّماعُ ؛ ولا سَماعَ يسوّغُ القياسَ .
وإنْ أريدَ بـ " طبعًا " في مثالِ هذه المسألةِ أنهم كرماءُ عن طبعٍ ، لا عن تصنّعٍ ، فهذا أصلاً ليسَ موضعَ خلافٍ ؛ إذْ يكونُ حينئذٍ تمييزًا .
معَ أنه ينبغي العلمُ أني لا أنفي " طبعًا " من العربيةِ ؛ ولكني أنفي استعمالَها حيثُ لا يسنِدها القياسُ .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الثاني :
يقولون : نحن كمسلمين نخافُ الله . وهذا التعبير المرذول المحرِّف للمعنى عن موضعه من تبِعات الترجمة الرديئة . وأنا أحسبها مترجمة حرفيًّا من الكلمةِ الإنجليزيةِ ( as ) ؛ فإنها تستعمل بمعنى الكاف ، ويضعونها موضع الاختصاص في العربية . وذِهِْ مما عمت وطمت حتى لا ترى لسانًا إلا يتشدق بها ، وبئسَ من لسانٍ يتبعُ كل ما يسمعُ ، ويجعل لغته حلالاً لكل مفسدٍ !
وفي لغتنا بديل عن هذا التعبير ، أُفردَ له في النحو بابٌ مستقلٌّ هو بابُ ( الاختصاصِ ) تقولُ ـ مثلاً ـ : نحنُ المسلمين نخافُ الله . نُصب ( المسلمين ) بفعل مضمر وجوبًا تقديره أعني أو نحوُه . أو تقول : نحن أيها المسلمون نخاف الله . ومما ورد في ذلك قول الشاعر :
جُد بعفوٍ فإنني أيها العبـ *** ـدُ إلى العفو يا إلهي فقيرُ
وقول الآخر :
إنا بني نهشلٍ لا ندّعي لأبٍ *** عنه ولا هو بالآباءِ يشرينا
وأنبه على أن هذا التعبيرَ الفاسدَ قد أجازه مجمع اللغة العربية في القاهرة بحجج واهيةٍ داحضةٍ لا يُلتفتُ إليها .
وهذا شأن المجمع في كل ما يفشو على ألسنةِ الناسِ ؛ إذ يتكلفونَ له التأويلَ تكلفًا ظاهرًا ! فإن قيلَ : وما تُنكرُ أن يكونَ هذا من قبيلِ التطوُّرِ الدَِّلاليِّ ؟ قلتُ : من الخطأ أن تقاسَ العربيةُ على سائرِ اللُّغاتِ ، وأن تكونَ تابعةً لها ؛ فإنَّ اللغاتِ الأخرَ ليسَ لها مُحتَكمٌ ، ولا مرجِعٌ ثابتٌ ؛ فهي تتطوّرُ كلَّ يومٍ من غيرِ أن يعُدّوا هذا التطوُّرَ لحنًا ، أو خروجًا عن الجادّةِ .
أما العربيةُ فشأنُها شأنٌ آخرُ ؛ إذ خصَّها الله تعالى بحفظِهِ ، وهيّأ لها البقاءَ ؛ فأصحابُ هذا العصرِ يقرءونَ كلامَ الله تعالى المنزلَ قبلَ أربعةَ عشرَ قرنًا ؛ فيفهمونَ كثيرًا منه ، والإنجليزُ مثلاً يقرءونَ كلامَ شكسبيرَ ؛ فلا يفهمونَه ، على قربِ عَهدِه منهم . والقولُ في التطوّرِ الدّلاليِّ أنه على ثلاثة أضربٍ ؛ الضرب الأول : تطور في زمن الاحتجاج ، سواءٌ كان بملابسة أم بغيرها .
فهذا يُعتدّ به ، كتطور كلمة ( بأس ) ؛ فقد كان يراد بها الحرب ، ثم كثرت حتى قيل : لا بأس عليك ؛ أي : لا خوف .
الثاني : تطور في غير زمن الاحتجاج . وهذا لا يصحّ إلا بملابسة ، إما مشابهة ، أو غير مشابهة ؛ نحوُ تسمية صاحب العلم بـ ( الشيخ ) ؛ فإن هذا من باب الاستعارة ؛ إذ شُبه العالم بكبير السن بجامع لزوم الاحترام والتوقير في كلٍّ . ثم إن هذا الضرب من التطور إما أن يظل مجازًا ، كـ ( البدر ) بمعنى ( الحسنِ الجميلِ ) ، وإما أن يكون حقيقةً عرفيةً إذا اشتهر ، وأصبح هو السابقَ إلى الذهن عند إطلاقه لدى الناس ، كـ ( الشيخ ) بمعنى العالم .
الضرب الثالث : تطور في غير زمن الاحتجاج بغير ملابسة . فهذا يُطّرح ، ولا يُعتد به ، وهو خطأ في اللغة وضلال عن القصد فيها . وهذا بيّن معلوم عند علماء العربية جميعًا ؛ ولهذا ألفت الكتب في التنبيه على ما يلحن فيه العامة والخاصة ؛ من ذلك كتاب ( إصلاح المنطق ) لابن السكيت ، و ( الفصيح ) لثعلب ، و ( ما تلحن فيه العوام ) للكسائي ، و ( فقه اللغة ) للثعالبي ، و ( درة الغواص في أوهام الخواص ) للحريري ، و ( تقويم اللسان ) لابن الجوزي ، و ( تثقيف اللسان ) لابن مكي الصقليّ ، و ( لحن العوام ) للزبيدي .
فإن قيلَ : إنَّ منعَ التوسع في التطوّرِ الدلاليّ يجعلُ اللغةَ ميّتةً هامدةً . قلتُ : ليس هذا بحقٍّ ؛ فإنَّ ثَمَّ مسالك كثيرة من الاشتقاق ، والتصريف ، والقياس . بلِ الذي يسيءُ إلى العربيةِ ، ويُسرِع في القضاءِ عليها أن يُفتحَ بابُ التطوّر على مصراعيهِ ؛ فيصيبَها ما أصابَ اللغاتِ مِن قَبلِها .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الثالث :
يقولون : في هذه الفترة . أو بعد فترة ؛ أي : مدة . وهو خطأ ؛ فإن الفترة في اللغة هي الضعفُ والسكون وانكسارُ الحدة والنشاطِ ؛ ولهذا يطلق على ما بين النبيَّين ، كما قال ـ تعالى ـ : نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي يا أهل الكتابِ قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي [ المائدة : 19 ] .
والبديل من ذلك هو ( مدة ) و ( زمن ) و ( حقبة ) ونحوُها . أما تصريفُ ( الفَترةِ ) ، فإنها تحتملُ أن تكونَ اسمَ مرة ؛ نحو ضرْبة ، أو مصدرً عامًّا ؛ نحو رَحْمة - وهو الأرجح - ، من ( فَتَرَ ) الذي مضارعه من باب " ضرب " ، و " نصر " ، بمعنى سكن وضعُف ، وانكسرت حِدَّته ونشاطه .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الرابع :
يخطئون من يقولُ من العامة ( تَفْتَر ) في ( دَِفتر ) وهو صواب ؛ فـ ( التفتر ) لغة بني أسدٍ ، حكاها الفراءُ ، واللحيانيّ (4) .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
* الموضع الخامس :
يقفونَ على التنوين ؛ فيقولون ـ مثلاً ـ هذا كتابُن ، أو قرأت كتابَن ، أو اطلعت على كتابِن . وهو غلط ؛ فإن العربَ لا تقف على التنوين البتةَ إلا تنوينَ الترنم ، والتنوينَ الغالي ، كما ذكر أبو سعيد السيرافيُّ وابن جنيْ وغيرُهما ، وقال ابن مالك في ألفيته :
تنوينًا اثْرَ فتحٍ اجعلْ ألفا *** وقفًا وتلوَ غيرِ فتحٍ احذفا (5)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
- الهوامش :
(1) : الأصمعيات 27 ( شاكر وهارون ) . وتمامُ البيتِ :
فلئنْ صرمتِ الحبلَ يا بنةَ مالكٍ *** والرأيُ فيهِ مخطئ ومصيبُ
(2) : انظر : البيان والتبيين 1 / 113 ( هارون ) .
(3) : الكتاب 1 / 414 ( هارون ) .
(4) : لسان العرب ، وتاج العروس ( تفتر ) .
(5) انظر مثلاً : ضرورة الشعر ، للسيرافيِّ 37 ( رمضان عبد التواب ) ، وسرّ صناعة الإعراب ، لابن جني 2 / 518 ( حسن هنداوي ) .
مواضيع مماثلة
» من بين الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون...
» الكفايات اللغوية - التعليم الثانوي ( المملكة العربية السعودية )
» الفروق اللغوية
» الفروق اللغوية - تابع-
» كتاب معجم الفروق اللغوية
» الكفايات اللغوية - التعليم الثانوي ( المملكة العربية السعودية )
» الفروق اللغوية
» الفروق اللغوية - تابع-
» كتاب معجم الفروق اللغوية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى