عدد تصفح الموقع
اضغط على الآية لمعرفة المزيد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 50 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 50 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 184 بتاريخ الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:23 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 206 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Nour El Houda Khaldi فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 71341 مساهمة في هذا المنتدى في 44690 موضوع
وصية ذهبية
صفحة 1 من اصل 1
وصية ذهبية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وصية ذهبية
# خطب عمرو بن حجر إلى عوف بن محلمٍ الشيباني ابنته: أم إياس، فلما كان بناؤه بها خلت بها أمها أمامة بنت الحارث فقالت:
# أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت إلى رجلٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فكوني له أمةً يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشرا تكن لك ذخراً:
# أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
# وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم إلا أطيب ريح !
# وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن حرارة الجوع ملهبةٌ وتنغيص النوم مغضبةٌ.
# وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير !
# وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتما ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
# فولدت له الحارث بن عمرو جد امرئ القيس الشاعر.
المأمون وامرأة متظلمة
# قال الشيباني: حدثنا محمد بن زكريا عن عباس بن الفضل الهاشمي عن قحطبة بن حميد قال: إني لواقف على رأس المأمون يوما وقد جلس للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه، وقد هم بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثة، فوقفت بين يديه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم، فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي في حاجتك. فقالت:
# (يا خير منتصف يهدى له الرشد % ويا إماما به قد أشرق البلد)
# (تشكو إليك عميد القوم أرملة % عدي عليها فلم يترك لها سبد)
# (وابتز مني ضياعي بعد منعتها % ظلما وفرق مني الأهل والولد)
# فأطرق المأمون حينا، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول:
# (في دون ما قلت زال الصبر والجلد % عني وأقرح مني القلب والكبد)
# (هذا أذان صلاة العصر فانصرفي % وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد)
# (والمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا % ننصفك منه وإلا المجلس الأحد)
# قال: فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
# فقال: وعليك السلام، أين الخصم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين. وأومأت إلى العباس ابنه. فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس، فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها وأخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة.
وفود أم سنان بنت خيثمة على معاوية
# قال سعيد بن حذافة: حبس مروان بن الحكم وهو والي المدينة غلاماً من بني ليث في جنايةٍ جناها فأتته جدة الغلام أم أبيه، وهي أم سنان بنت خيثمة بن خرشة المذحجية، فكلمته في الغلام فأغلظ لها مروان.
# فخرجت إلى معاوية، فدخلت عليه، فانتسبت فعرفها، فقال لها: مرحبا يا ابنة خيثمة، ما أقدمك أرضنا، وقد عهدتك تشتميننا وتحضين علينا عدونا؟
# قالت: إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة، وأعلاما ظاهرة، ولا ينتقمون بعد عفو، وإن أولى الناس باتباع ما سن آباؤه لأنت.
# قال: صدقت ! نحن كذلك. فكيف قولك:
# (عزب الرقاد فمقلتي لا ترقد % والليل يصدر بالهموم ويورد)
# (يا آل مذحج لا مقام فشمروا % إن العدو لآل أحمد يقصد)
# (هذا علي كالهلال تحفه % وسط السماء من الكواكب أسعد)
# (خير الخلائق وابن عم محمد % إن يهدكم بالنور منه تهتدوا)
# (ما زال مذ شهد الحروب مظفرا % والنصر فوق لوائه ما يفقد)
#قالت: كان ذلك يا أمير المؤمنين، وأرجو أن تكون لنا خلفاً بعده، فقال رجل من جلسائه: كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة:
# (إما هلكت أبا الحسين فلم تزل % بالحق تعرف هادياً مهديا)
# (فاذهب عليك صلاة ربك ما دعت % فوق الغصون حمامة قمريا)
# (قد كنت بعد محمد خلفا كما % أوصى إليك بنا فكنت وفيا)
# (فاليوم لا خلفٌ يؤمل بعده % هيهات نأمل بعده إنسيا)
# قالت: يا أمير المؤمنين، لسان نطق، وقول صدق، ولئن تحقق فيك ما ظننا فحظك الأوفر. والله ما ورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلا هؤلاء.
#فادحض مقالتهم، وأبعد منزلتهم، فإنك إن فعلت ذلك تزدد من الله قرباً ومن المؤمنين حباً.
#قال: وإنك لتقولين ذلك؟ قالت: سبحان الله!
#والله ما مثلك مدح بباطل، ولا أعتذر إليه بكذب، وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا.
#كان والله علي أحب إلينا منك، وأنت أحب إلينا من غيرك.
#قال: ممن؟ قالت: من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص.
#قال: ومم استحققت ذلك عندك؟
قالت: بسعة حلمك، وكريم عفوك.
#قال: إنهما يطمعان في ذلك.
#قالت: هما والله من الرأي على ما كنت عليه لعثمان بن عفان رحمه الله قال: والله لقد قاربت. فما حاجتك؟ قالت: يا أمير المؤمنين، إن مروان تبنك في المدينة تبنك من لا يريد منها البراح، لا يحكم بعدل، ولا يقضي بسنة، يتتبع عثرات المسلمين، ويكشف عورات المؤمنين، حبس ابن ابني، فأتيته، فقال: كيت وكيت، فألقمته أخشن من الحجر، وألعقته أمر من الصاب، ثم رجعت إلى نفسي بالملائمة، وقلت لم لا أصرف ذلك إلى من هو أولى بالعفو منه؟ فأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا، وعليه معديا.
#قال: صدقت، لا أسألك عن ذنبه، والقيام بحجته، اكتبوا لها بإطلاقه.
#قالت: يا أمير المؤمنين، وإني لي بالرجعة، وقد نفذ زادي وكلت راحلتي. فأمر لها براحلة، وخمسة آلاف درهم.
أم البنين بنت عبد العزيز
# أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أخت عمر بن عبد العزيز، وزوج الوليد بن عبد الملك، وابنة عمه.
نشأت، ونشأ معها نصيبها من عزة الجانب، وحرمة الرأي، وشرف النفس ومضاء القلب، وسناء المنزلة، جرى لها مع الحجاج محاورة قرعت بجوابها حجته وأفحمته بكلام مبين، وكان الحجاج قد وفد على الوليد بن عبد الملك، وكان عائدا من رحلة صيد، فلما رآه الحجاج نزل عن فرسه واندفع إليه يقبل يديه وجعل يمشي وعليه درع وكنانة وقوس عربية، فقال له الوليد: اركب يا أبا محمد، فانتهزها الحجاج فرصة لإبداء ولائه وإخلاصه، كما يفعل المنافقون، فقال: دعني يا أمير المؤمنين أستكثر من الجهاد، فإن عبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الأشعث شغلاني عنك، ثم ركب الحجاج وسار مع الوليد حتى دخل القصر، وانصرف الوليد وبدل ثيابه وعاد في غلالة رقيقة، ثم أذن للحجاج فدخل عليه، وبينما الوليد يتحدث مع الحجاج إذ جاءت جارية من جواري القصر، وأسرت إلى الوليد شيئا، ثم ذهبت وعادت فأسرت إليه حديثا ثم انصرفت. فقال الوليد للحجاج: أتدري ما قالت هذه يا أبا محمد؟ فقال: لا والله. قال: بعثتها إلي ابنة عمي أم البنين بنت عبد العزيز تقول: ما مجالستك لهذا الأعرابي المتسلح بالسلاح وأنت في غلالة؟ فأرسلت لها أنه الحجاج فراعها ذلك، وقالت: والله ما أحب أن يخلو بك وقد قتل الخلق. فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول، فإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فلا تطلعهن على سرك، ولا مكايدة عدوك، ولا تطمعهن في غير أنفسهن، ولا تشغلهن بأكثر من زينتهن، وإياك ومشاروتهن في الأمور، فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن، ولا تملك الواحدة من الأمور ما يجاوز نفسها، ولا تطمعها أن تشفع عندك لغيرها، ولا تطل الجلوس معها فإن ذلك أوفر لعقلك، وأبين لفضلك. ثم نهض الحجاج فخرج، ودخل الوليد على أم البنين فأخبرها بمقالة الحجاج، فقالت: يا أمير المؤمنين، أحب أن تأمره غداً إذا بالتسليم علي. فقال: سأفعل فلما غدا الحجاج على الوليد، قال له: يا أبا محمد، إن أم البنين تطلبك، فاذهب وسلم عليها. فقال: اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين. فقال: لا بد من ذلك. فمضى الحجاج إليها، فحجبته طويلا تحقيرا له، ثم أذنت له، فدخل، فلم تأذن له بالجلوس وتركته قائماً، ثم قالت تخاطبه: إيه يا حجاج، أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير، وابن الأشعث، أما والله لولا أن جعلك أهون خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين وأول مولود ولد في الإسلام، وأما ابن الأشعث فقد والله والى عليك الهزائم حتى لذت بأمير المؤمنين عبد الملك فأغاثك بأهل الشام، فأنجاك كفاحهم، ولولا ذلك لكنت أذل من الذل. وأما ما أشرت به على أمير المؤمنين من ترك لذاته والامتناع من بلوغ أوطاره من نسائه، فإن كن ينفرجن (تقصد الولادة) عن مثل ما انفرجت به عنك أمك، فما أحقه بالأخذ عنك والقبول منك، وإن كن ينفرجن عن مثل أمير المؤمنين، فإنه غير قابل منك ولا مصغ إلى نصيحتك. قاتل الله الشاعر وقد نظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك، فقال الشاعر:
# (أسد علي وفي الحروب نعامة %ربذاء تفزع من صفير الصافر)
# (هلا برزت إلى غزالة في الوغى %بل كان قلبك في جناحي طائر)
# (صدعت غزالة قلبه بفوارس %تركت مناظره كامس الدائر)
# ثم قالت له: هلا خرجت عني؟ فرجع إلى الوليد من فوره فقال: يا أبا محمد، ما كنت فيه؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلي من ظهرها. فضحك الوليد، ثم قال: يا أبا محمد إنها ابنة عبد العزيز، أين صلف الحجاج وتكبره على الناس وغروره؟ كانت أم البنين بارة بالفقراء تقدم كثيرا من أعمال الخير، وتحث على البذل والإنفاق، ومن أقوالها: أف للبخل، لو كان قميصا ما لبسته، ولو كان طريقا ما سلكته. كانت تجمع صديقاتها ونساءها (خدمها) تكسوهن الثياب الحسنة، وتعطيهن الدنانير، وكانت تقول: إذا كان لكل إنسان رغبة في شيء، فإن أمنيتي ورغبتي جعلت في البذل والعطاء، والله إن مواساة الناس وصلتهن لأحب إلي من الطعام الطيب بعد جوع، ومن الشراب البارد بعد الظمأ.
أم كلثوم بنت علي الهاشمية
# أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، وأمها فاطمة الزهراء ابنة رسول الله A ، وكانت قد ولدتها قبل وفاته A .
# خطبها عمر بن الخطاب إلى أبيها وهي صغيرة، فقال له علي: إنها صغيرة. فقال عمر: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال علي: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: أرسلني أبي يقرئك السلام، ويقول: إن رضيت البرد فأمسكه، وإن سخطته فرده. فقالت ذلك لعمر: فقال عمر: قولي له: قد رضيت رضي الله عنك، ووضع يده عليها، فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها وأخبرته الخبر، وقالت له: بعثتني إلى شيخ سوء. فقال لها: يا بنية إنه زوجك. فجاء عمر، وجلس إلى المهاجرين في الروضة، وقال: باركوا لي. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي، فإني سمعت رسول الله A يقول: * كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري. وكان له به عليه السلام النسب والسبب فأردت أن أجمع إليه الصهر. فباركوا له، وتزوجها على مهر أربعين ألفا، وولدت له زيد بن عمر الأكبر، ورقية وبقيت عنده إلى أن قتل رضي الله عنه، فزوجها والدها من ابن عمها عون بن جعفر بن أبي طالب، وذكر ابن سعد أنه لما توفي عنها خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب، وتوفي عنها، فخلف عليها أخوه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فقالت رضي الله عنها: والله إني لأستحيي من أسماء بنت عميس، فإن ابنيها ماتا عندي، وإني لأتخوف على هذا الثالث. فهلكت عنده ولم تلد لأحد منهم، وكانت وفاتها مع ابنها زيد بن عمر في وقت واحد، وصلى عليهما عبد الله بن عمر.
الجمانة بنت المهاجر
# الجمانة بنت المهاجر بن خالد بن الوليد، ذكر لها طيفور في البلاغات محاورة مع عبد الله بن الزبير بن العوام تدل على فصاحتها وبلاغتها، وكان عبد الله بن الزبير قد صعد على المنبر يخطب بالناس في يوم جمعة، فقالت: أيا نقار يا نقار، أما والله لو كان فوقه نجيب من بني أمية أو صقر من بني مخزوم لقال المنبر: طيق طيق. فبلغ كلامها إلى عبد الله، فبعث إليها؟ وقال لها: ما الذي بلغني عنك يا لكاع؟ قالت: الحق يا أمير المؤمنين.
# قال فما حملك على ذلك؟ قالت: لا تعدم الحسناء ذاما والساخط ليس براض، ومع ذلك فما عدوت فيما قلت لك إن نسبتك إلى التواضع والدين، وعدوك إلى الخيلاء والطمع، ولئن ذاقوا وبال أمرهم لتحمدن عاقبة شأنك، وليس من قال فكذب كمن حدث فصدق؟ وأنت بالتجاوز منك جدير ونحن للعفو منك أهل، فاستر على الحرمة تستتم النعمة، فوالله ما يرفعك القول ولا يضعك وإن قريشا لتعلم أنك عابدها وشجاعها ولسانها، حاط الله دنياك وعصم أخراك وألهمك شكر ما أولاك.
حفصة بنت سيرين
# حفصة بنت سيرين، أم الهذيل الأنصارية البصرية أخت محمد بن سيرين.
تابعية حجة ثقة نشأت في بيت تقى وعلم وروع وزهد، تخرجت في مدرسة الصحابة، وشهد لها بالفضل أهل العلم وأولو المعرفة، وأثنوا عليها ثناء رفعها مكانا علياً بين نسوة عصرها، وكشف عن مكانتها الكبيرة في العلم، فهذا إياس بن معاوية التابعي المشهور يقول عنها: ما أدركت أحداً أفضله عليها.
# قرأت القرآن الكريم وهي ابنة اثنتي عشرة سنة، وكان لها خلوات تقيم فيها الليالي الكثيرة للتعبد، فقال عنها مهدي بن ميمون: مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة، أو مقابلة، أو قضاء حاجة.
# ولهذا فقد كانت تحض على طاعة الله سبحانه وتعالى في مرحلة الشباب، وكثيرا ما كانت تخاطب الشباب من إناث وذكور بقولها المأثور:
# يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب.
كان لها رضي الله عنها كفن معد، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا كانت العشر الأواخر من رمضان قامت من الليل فلبسته، ووقفت بين يدي الله عز وجل تتضرع إليه بين الخشية والرجاء، وتدعوه خوفاً وطمعاً أن يتقبل منها أعمالها.
خرقاء العامرية
# خرقاء العامرية، شاعرة من شواعر العرب ومن أخبارها ما جاء في كتاب الأغاني، ومن ذلك:
# حج محمد بن الحجاج الأسدي التميمي، فلما صار بمران منصرفا، فإذا هو بغلام أشعث الذؤابة قد أورد غنيمات له، فجاءه فاستنشده. فقال له: إليك عني، فإني مشغول عنك. فألح عليه. فقال: أرشدك إلى بعض ما تحب. انظر إلى ذلك البيت الذي يلقاك، فإن فيه حاجتك، هذا بيت خرقاء ذي الرمة. فمضى محمد بن الحجاج نحوه، فطرح بالسلام من بعيد. فقالت خرقاء: ادنه. فدنا. فقالت: إنك لحضري، فمن أنت؟ قال: من تميم. وهو يحسب أنها لا معرفة لها بالناس. قالت: من أي تميم؟. فأعلمها. فلم تزل تنزله حتى انتسب إلى أبيه. فقالت: الحجاج بن عمير بن يزيد؟ قال: نعم. قالت: رحم الله أبا المثنى، قد كنا نرجو أن يكون خلفا من عمير بن يزيد. ثم قالت: حياك الله يا بني، من أين أقبلت؟ قال: من الحج. قالت: فما بالك لم تمر بي وأنا أحد مناسك الحج، إن حجك ناقص، فأقم حتى تحج، أو تكفر بعتق. قال: وكيف ذلك؟ قالت: أما سمعت قول غيلان عمك:
# (تمام الحج أن تقف المطايا % على خرقاء واضعة اللثام)
# ثم سألها عن سنها؟ فقالت: لا أدري إلا أني أذكر شمر بن ذي الجوشن حين قتل الحسين بن علي ابن أبي طالب. ثم أنشدته لنفسها في ذي الرمة:
# (لقد أصبحت في فرعي معد % مكان النجم في فلك السماء)
# (إذا ذكرت محاسنه تدرت % بحار الجود من نحو السماء)
# (حصين شاد باسمك غير شك % فأنت غياث محل بالفناء)
# (إذا ضنت سحابة ماء مزن % تثج بحار جودك بارتواء)
# (لقد نصرت باسمك أرض قحط %كما نثرت عدي بالثراء)
# فقال: أحسنت يا خرقاء، فهل سمع ذلك منك ذو الرمة؟
قالت: إي وربي. قال: فماذا قال؟ قالت: قال: شكر الله لك يا خرقاء، نعمة ربيت شكرها من ذكرها. فقالت: أثقلنا حقها، ثم قالت: اللهم غفرا هذا في اللفظ ونحتاج إلى العمل.
الخنساء السلمية
# الخنساء بنت عمرو بن الشريد بن رباح السلمية، واسمها تماضر، والخنساء لقبها لخنس في أنفها، وهي به أشهر.
# شاعرة مشهورة أجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وصحابية جليلة، قدمت على رسول الله A مع قومها وأسلمت معهم.
# وقيل لجرير الشاعر: من أشعر الناس؟ قال: أنا لولا الخنساء. قيل: لم فضلتها؟ قال: لقولها:
# (إن الزمان وما يفنى له عجب % أبقى لنا ذنبا وأستأصل الرأس)
# (إن الجديدين في طول اختلافهما % لا يفسدان ولكن يفسد الناس.)
# كانت الخنساء في أول أمرها تقول البيتين والثلاثة من الشعر حتى قتل أخواها معاوية، وصخر، وبقتلهما أكثرت من الشعر وأجادت، ومن شعرها في أخيها صخر، وهو أحبهما إليها:
# (أعيني جوداً ولا تجمدا % ألا تبكيان لصخر الندى)
# (ألا تبكيان الجريء الجميل % ألا تبكيان الفتى السيدا)
# (طويل النجاد رفيع العماد % ساد عشيرته أمردا)
# ولها فيه أيضا:
# (أشم أبلج يأتم الهداة به % كأنه علم في رأسه نار)
# (وإن صخرا لمولانا وسيدنا%وإن صخرا إذا نشتو لنحار)
# وقالت ترثي أخاها معاوية:
# (ألا لا أرى في الناس مثل معاوية % إذا طرقت إحدى الليالي بداهية)
# (بداهية يضفي الكلاب حسيسها % وتخرج من سر النجي علانية)
# (وكان لزاز الحرب عند نشوبها % إذا شمرت عن ساقها وهي ذاكية)
# (وقواد خيل نحو أخرى كأنها % سعال وعقبان عليها زبانية)
# (فأقسمت لا ينفعك دمعي وعولتي %عليك بحزن ما دعا الله داعية)
# وقيل لها: صفي لنا أخويك صخرا ومعاوية. فقالت: كان صخر والله جنة الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان والله معاوية القائل الفاعل.
# قيل لها: فأيهما كان أسنى وأفخر؟ قالت: أما صخر، فحر الشتاء. وأما معاوية، فبرد الهواء.
# قيل لها: فأيهما أوجع وأفجع؟ قالت: أما صخر فجمر الكبد. وأما معاوية فسقام الجسد، وأنشأت تقول:
# (أسدان محمرا المخالب نجدة % بحران في الزمن الغضوب الأنمر)
# (قمران في النادي رفيعا محتدٍ % في المجد فرعا سؤدد متخير)
# قال لها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: ما أقرح مآقي عينيك؟ قالت: بكائي على السادات من مضر. قال: يا خنساء، إنهم في النار. قالت: ذاك أطول لعويلي عليهم.
# وقالت أيضا: كنت أبكي لصخر على الحياة فأنا اليوم أبكي له من النار.
# شهدت الخنساء القادسية ومعها أربعة بنين لها، فقالت لهم: يا بني، إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا غيره إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: (^ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) [آل عمران:200].
# فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدو إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
# فخرج بنوها وتقدموا فقاتلوا وأبلوا بلاء حسنا واستشهدوا جميعا، فلما بلغها الخبر قالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
وصية ذهبية
# خطب عمرو بن حجر إلى عوف بن محلمٍ الشيباني ابنته: أم إياس، فلما كان بناؤه بها خلت بها أمها أمامة بنت الحارث فقالت:
# أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت إلى رجلٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فكوني له أمةً يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشرا تكن لك ذخراً:
# أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
# وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم إلا أطيب ريح !
# وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن حرارة الجوع ملهبةٌ وتنغيص النوم مغضبةٌ.
# وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير !
# وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتما ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
# فولدت له الحارث بن عمرو جد امرئ القيس الشاعر.
المأمون وامرأة متظلمة
# قال الشيباني: حدثنا محمد بن زكريا عن عباس بن الفضل الهاشمي عن قحطبة بن حميد قال: إني لواقف على رأس المأمون يوما وقد جلس للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه، وقد هم بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثة، فوقفت بين يديه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم، فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي في حاجتك. فقالت:
# (يا خير منتصف يهدى له الرشد % ويا إماما به قد أشرق البلد)
# (تشكو إليك عميد القوم أرملة % عدي عليها فلم يترك لها سبد)
# (وابتز مني ضياعي بعد منعتها % ظلما وفرق مني الأهل والولد)
# فأطرق المأمون حينا، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول:
# (في دون ما قلت زال الصبر والجلد % عني وأقرح مني القلب والكبد)
# (هذا أذان صلاة العصر فانصرفي % وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد)
# (والمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا % ننصفك منه وإلا المجلس الأحد)
# قال: فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
# فقال: وعليك السلام، أين الخصم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين. وأومأت إلى العباس ابنه. فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس، فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها وأخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة.
وفود أم سنان بنت خيثمة على معاوية
# قال سعيد بن حذافة: حبس مروان بن الحكم وهو والي المدينة غلاماً من بني ليث في جنايةٍ جناها فأتته جدة الغلام أم أبيه، وهي أم سنان بنت خيثمة بن خرشة المذحجية، فكلمته في الغلام فأغلظ لها مروان.
# فخرجت إلى معاوية، فدخلت عليه، فانتسبت فعرفها، فقال لها: مرحبا يا ابنة خيثمة، ما أقدمك أرضنا، وقد عهدتك تشتميننا وتحضين علينا عدونا؟
# قالت: إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة، وأعلاما ظاهرة، ولا ينتقمون بعد عفو، وإن أولى الناس باتباع ما سن آباؤه لأنت.
# قال: صدقت ! نحن كذلك. فكيف قولك:
# (عزب الرقاد فمقلتي لا ترقد % والليل يصدر بالهموم ويورد)
# (يا آل مذحج لا مقام فشمروا % إن العدو لآل أحمد يقصد)
# (هذا علي كالهلال تحفه % وسط السماء من الكواكب أسعد)
# (خير الخلائق وابن عم محمد % إن يهدكم بالنور منه تهتدوا)
# (ما زال مذ شهد الحروب مظفرا % والنصر فوق لوائه ما يفقد)
#قالت: كان ذلك يا أمير المؤمنين، وأرجو أن تكون لنا خلفاً بعده، فقال رجل من جلسائه: كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة:
# (إما هلكت أبا الحسين فلم تزل % بالحق تعرف هادياً مهديا)
# (فاذهب عليك صلاة ربك ما دعت % فوق الغصون حمامة قمريا)
# (قد كنت بعد محمد خلفا كما % أوصى إليك بنا فكنت وفيا)
# (فاليوم لا خلفٌ يؤمل بعده % هيهات نأمل بعده إنسيا)
# قالت: يا أمير المؤمنين، لسان نطق، وقول صدق، ولئن تحقق فيك ما ظننا فحظك الأوفر. والله ما ورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلا هؤلاء.
#فادحض مقالتهم، وأبعد منزلتهم، فإنك إن فعلت ذلك تزدد من الله قرباً ومن المؤمنين حباً.
#قال: وإنك لتقولين ذلك؟ قالت: سبحان الله!
#والله ما مثلك مدح بباطل، ولا أعتذر إليه بكذب، وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا.
#كان والله علي أحب إلينا منك، وأنت أحب إلينا من غيرك.
#قال: ممن؟ قالت: من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص.
#قال: ومم استحققت ذلك عندك؟
قالت: بسعة حلمك، وكريم عفوك.
#قال: إنهما يطمعان في ذلك.
#قالت: هما والله من الرأي على ما كنت عليه لعثمان بن عفان رحمه الله قال: والله لقد قاربت. فما حاجتك؟ قالت: يا أمير المؤمنين، إن مروان تبنك في المدينة تبنك من لا يريد منها البراح، لا يحكم بعدل، ولا يقضي بسنة، يتتبع عثرات المسلمين، ويكشف عورات المؤمنين، حبس ابن ابني، فأتيته، فقال: كيت وكيت، فألقمته أخشن من الحجر، وألعقته أمر من الصاب، ثم رجعت إلى نفسي بالملائمة، وقلت لم لا أصرف ذلك إلى من هو أولى بالعفو منه؟ فأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا، وعليه معديا.
#قال: صدقت، لا أسألك عن ذنبه، والقيام بحجته، اكتبوا لها بإطلاقه.
#قالت: يا أمير المؤمنين، وإني لي بالرجعة، وقد نفذ زادي وكلت راحلتي. فأمر لها براحلة، وخمسة آلاف درهم.
أم البنين بنت عبد العزيز
# أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أخت عمر بن عبد العزيز، وزوج الوليد بن عبد الملك، وابنة عمه.
نشأت، ونشأ معها نصيبها من عزة الجانب، وحرمة الرأي، وشرف النفس ومضاء القلب، وسناء المنزلة، جرى لها مع الحجاج محاورة قرعت بجوابها حجته وأفحمته بكلام مبين، وكان الحجاج قد وفد على الوليد بن عبد الملك، وكان عائدا من رحلة صيد، فلما رآه الحجاج نزل عن فرسه واندفع إليه يقبل يديه وجعل يمشي وعليه درع وكنانة وقوس عربية، فقال له الوليد: اركب يا أبا محمد، فانتهزها الحجاج فرصة لإبداء ولائه وإخلاصه، كما يفعل المنافقون، فقال: دعني يا أمير المؤمنين أستكثر من الجهاد، فإن عبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الأشعث شغلاني عنك، ثم ركب الحجاج وسار مع الوليد حتى دخل القصر، وانصرف الوليد وبدل ثيابه وعاد في غلالة رقيقة، ثم أذن للحجاج فدخل عليه، وبينما الوليد يتحدث مع الحجاج إذ جاءت جارية من جواري القصر، وأسرت إلى الوليد شيئا، ثم ذهبت وعادت فأسرت إليه حديثا ثم انصرفت. فقال الوليد للحجاج: أتدري ما قالت هذه يا أبا محمد؟ فقال: لا والله. قال: بعثتها إلي ابنة عمي أم البنين بنت عبد العزيز تقول: ما مجالستك لهذا الأعرابي المتسلح بالسلاح وأنت في غلالة؟ فأرسلت لها أنه الحجاج فراعها ذلك، وقالت: والله ما أحب أن يخلو بك وقد قتل الخلق. فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول، فإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فلا تطلعهن على سرك، ولا مكايدة عدوك، ولا تطمعهن في غير أنفسهن، ولا تشغلهن بأكثر من زينتهن، وإياك ومشاروتهن في الأمور، فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن، ولا تملك الواحدة من الأمور ما يجاوز نفسها، ولا تطمعها أن تشفع عندك لغيرها، ولا تطل الجلوس معها فإن ذلك أوفر لعقلك، وأبين لفضلك. ثم نهض الحجاج فخرج، ودخل الوليد على أم البنين فأخبرها بمقالة الحجاج، فقالت: يا أمير المؤمنين، أحب أن تأمره غداً إذا بالتسليم علي. فقال: سأفعل فلما غدا الحجاج على الوليد، قال له: يا أبا محمد، إن أم البنين تطلبك، فاذهب وسلم عليها. فقال: اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين. فقال: لا بد من ذلك. فمضى الحجاج إليها، فحجبته طويلا تحقيرا له، ثم أذنت له، فدخل، فلم تأذن له بالجلوس وتركته قائماً، ثم قالت تخاطبه: إيه يا حجاج، أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير، وابن الأشعث، أما والله لولا أن جعلك أهون خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين وأول مولود ولد في الإسلام، وأما ابن الأشعث فقد والله والى عليك الهزائم حتى لذت بأمير المؤمنين عبد الملك فأغاثك بأهل الشام، فأنجاك كفاحهم، ولولا ذلك لكنت أذل من الذل. وأما ما أشرت به على أمير المؤمنين من ترك لذاته والامتناع من بلوغ أوطاره من نسائه، فإن كن ينفرجن (تقصد الولادة) عن مثل ما انفرجت به عنك أمك، فما أحقه بالأخذ عنك والقبول منك، وإن كن ينفرجن عن مثل أمير المؤمنين، فإنه غير قابل منك ولا مصغ إلى نصيحتك. قاتل الله الشاعر وقد نظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك، فقال الشاعر:
# (أسد علي وفي الحروب نعامة %ربذاء تفزع من صفير الصافر)
# (هلا برزت إلى غزالة في الوغى %بل كان قلبك في جناحي طائر)
# (صدعت غزالة قلبه بفوارس %تركت مناظره كامس الدائر)
# ثم قالت له: هلا خرجت عني؟ فرجع إلى الوليد من فوره فقال: يا أبا محمد، ما كنت فيه؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلي من ظهرها. فضحك الوليد، ثم قال: يا أبا محمد إنها ابنة عبد العزيز، أين صلف الحجاج وتكبره على الناس وغروره؟ كانت أم البنين بارة بالفقراء تقدم كثيرا من أعمال الخير، وتحث على البذل والإنفاق، ومن أقوالها: أف للبخل، لو كان قميصا ما لبسته، ولو كان طريقا ما سلكته. كانت تجمع صديقاتها ونساءها (خدمها) تكسوهن الثياب الحسنة، وتعطيهن الدنانير، وكانت تقول: إذا كان لكل إنسان رغبة في شيء، فإن أمنيتي ورغبتي جعلت في البذل والعطاء، والله إن مواساة الناس وصلتهن لأحب إلي من الطعام الطيب بعد جوع، ومن الشراب البارد بعد الظمأ.
أم كلثوم بنت علي الهاشمية
# أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، وأمها فاطمة الزهراء ابنة رسول الله A ، وكانت قد ولدتها قبل وفاته A .
# خطبها عمر بن الخطاب إلى أبيها وهي صغيرة، فقال له علي: إنها صغيرة. فقال عمر: زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد. فقال علي: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، فبعثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: أرسلني أبي يقرئك السلام، ويقول: إن رضيت البرد فأمسكه، وإن سخطته فرده. فقالت ذلك لعمر: فقال عمر: قولي له: قد رضيت رضي الله عنك، ووضع يده عليها، فقالت: أتفعل هذا؟! لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك. ثم جاءت أباها وأخبرته الخبر، وقالت له: بعثتني إلى شيخ سوء. فقال لها: يا بنية إنه زوجك. فجاء عمر، وجلس إلى المهاجرين في الروضة، وقال: باركوا لي. فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي، فإني سمعت رسول الله A يقول: * كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري. وكان له به عليه السلام النسب والسبب فأردت أن أجمع إليه الصهر. فباركوا له، وتزوجها على مهر أربعين ألفا، وولدت له زيد بن عمر الأكبر، ورقية وبقيت عنده إلى أن قتل رضي الله عنه، فزوجها والدها من ابن عمها عون بن جعفر بن أبي طالب، وذكر ابن سعد أنه لما توفي عنها خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب، وتوفي عنها، فخلف عليها أخوه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فقالت رضي الله عنها: والله إني لأستحيي من أسماء بنت عميس، فإن ابنيها ماتا عندي، وإني لأتخوف على هذا الثالث. فهلكت عنده ولم تلد لأحد منهم، وكانت وفاتها مع ابنها زيد بن عمر في وقت واحد، وصلى عليهما عبد الله بن عمر.
الجمانة بنت المهاجر
# الجمانة بنت المهاجر بن خالد بن الوليد، ذكر لها طيفور في البلاغات محاورة مع عبد الله بن الزبير بن العوام تدل على فصاحتها وبلاغتها، وكان عبد الله بن الزبير قد صعد على المنبر يخطب بالناس في يوم جمعة، فقالت: أيا نقار يا نقار، أما والله لو كان فوقه نجيب من بني أمية أو صقر من بني مخزوم لقال المنبر: طيق طيق. فبلغ كلامها إلى عبد الله، فبعث إليها؟ وقال لها: ما الذي بلغني عنك يا لكاع؟ قالت: الحق يا أمير المؤمنين.
# قال فما حملك على ذلك؟ قالت: لا تعدم الحسناء ذاما والساخط ليس براض، ومع ذلك فما عدوت فيما قلت لك إن نسبتك إلى التواضع والدين، وعدوك إلى الخيلاء والطمع، ولئن ذاقوا وبال أمرهم لتحمدن عاقبة شأنك، وليس من قال فكذب كمن حدث فصدق؟ وأنت بالتجاوز منك جدير ونحن للعفو منك أهل، فاستر على الحرمة تستتم النعمة، فوالله ما يرفعك القول ولا يضعك وإن قريشا لتعلم أنك عابدها وشجاعها ولسانها، حاط الله دنياك وعصم أخراك وألهمك شكر ما أولاك.
حفصة بنت سيرين
# حفصة بنت سيرين، أم الهذيل الأنصارية البصرية أخت محمد بن سيرين.
تابعية حجة ثقة نشأت في بيت تقى وعلم وروع وزهد، تخرجت في مدرسة الصحابة، وشهد لها بالفضل أهل العلم وأولو المعرفة، وأثنوا عليها ثناء رفعها مكانا علياً بين نسوة عصرها، وكشف عن مكانتها الكبيرة في العلم، فهذا إياس بن معاوية التابعي المشهور يقول عنها: ما أدركت أحداً أفضله عليها.
# قرأت القرآن الكريم وهي ابنة اثنتي عشرة سنة، وكان لها خلوات تقيم فيها الليالي الكثيرة للتعبد، فقال عنها مهدي بن ميمون: مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة، أو مقابلة، أو قضاء حاجة.
# ولهذا فقد كانت تحض على طاعة الله سبحانه وتعالى في مرحلة الشباب، وكثيرا ما كانت تخاطب الشباب من إناث وذكور بقولها المأثور:
# يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب.
كان لها رضي الله عنها كفن معد، فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا كانت العشر الأواخر من رمضان قامت من الليل فلبسته، ووقفت بين يدي الله عز وجل تتضرع إليه بين الخشية والرجاء، وتدعوه خوفاً وطمعاً أن يتقبل منها أعمالها.
خرقاء العامرية
# خرقاء العامرية، شاعرة من شواعر العرب ومن أخبارها ما جاء في كتاب الأغاني، ومن ذلك:
# حج محمد بن الحجاج الأسدي التميمي، فلما صار بمران منصرفا، فإذا هو بغلام أشعث الذؤابة قد أورد غنيمات له، فجاءه فاستنشده. فقال له: إليك عني، فإني مشغول عنك. فألح عليه. فقال: أرشدك إلى بعض ما تحب. انظر إلى ذلك البيت الذي يلقاك، فإن فيه حاجتك، هذا بيت خرقاء ذي الرمة. فمضى محمد بن الحجاج نحوه، فطرح بالسلام من بعيد. فقالت خرقاء: ادنه. فدنا. فقالت: إنك لحضري، فمن أنت؟ قال: من تميم. وهو يحسب أنها لا معرفة لها بالناس. قالت: من أي تميم؟. فأعلمها. فلم تزل تنزله حتى انتسب إلى أبيه. فقالت: الحجاج بن عمير بن يزيد؟ قال: نعم. قالت: رحم الله أبا المثنى، قد كنا نرجو أن يكون خلفا من عمير بن يزيد. ثم قالت: حياك الله يا بني، من أين أقبلت؟ قال: من الحج. قالت: فما بالك لم تمر بي وأنا أحد مناسك الحج، إن حجك ناقص، فأقم حتى تحج، أو تكفر بعتق. قال: وكيف ذلك؟ قالت: أما سمعت قول غيلان عمك:
# (تمام الحج أن تقف المطايا % على خرقاء واضعة اللثام)
# ثم سألها عن سنها؟ فقالت: لا أدري إلا أني أذكر شمر بن ذي الجوشن حين قتل الحسين بن علي ابن أبي طالب. ثم أنشدته لنفسها في ذي الرمة:
# (لقد أصبحت في فرعي معد % مكان النجم في فلك السماء)
# (إذا ذكرت محاسنه تدرت % بحار الجود من نحو السماء)
# (حصين شاد باسمك غير شك % فأنت غياث محل بالفناء)
# (إذا ضنت سحابة ماء مزن % تثج بحار جودك بارتواء)
# (لقد نصرت باسمك أرض قحط %كما نثرت عدي بالثراء)
# فقال: أحسنت يا خرقاء، فهل سمع ذلك منك ذو الرمة؟
قالت: إي وربي. قال: فماذا قال؟ قالت: قال: شكر الله لك يا خرقاء، نعمة ربيت شكرها من ذكرها. فقالت: أثقلنا حقها، ثم قالت: اللهم غفرا هذا في اللفظ ونحتاج إلى العمل.
الخنساء السلمية
# الخنساء بنت عمرو بن الشريد بن رباح السلمية، واسمها تماضر، والخنساء لقبها لخنس في أنفها، وهي به أشهر.
# شاعرة مشهورة أجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وصحابية جليلة، قدمت على رسول الله A مع قومها وأسلمت معهم.
# وقيل لجرير الشاعر: من أشعر الناس؟ قال: أنا لولا الخنساء. قيل: لم فضلتها؟ قال: لقولها:
# (إن الزمان وما يفنى له عجب % أبقى لنا ذنبا وأستأصل الرأس)
# (إن الجديدين في طول اختلافهما % لا يفسدان ولكن يفسد الناس.)
# كانت الخنساء في أول أمرها تقول البيتين والثلاثة من الشعر حتى قتل أخواها معاوية، وصخر، وبقتلهما أكثرت من الشعر وأجادت، ومن شعرها في أخيها صخر، وهو أحبهما إليها:
# (أعيني جوداً ولا تجمدا % ألا تبكيان لصخر الندى)
# (ألا تبكيان الجريء الجميل % ألا تبكيان الفتى السيدا)
# (طويل النجاد رفيع العماد % ساد عشيرته أمردا)
# ولها فيه أيضا:
# (أشم أبلج يأتم الهداة به % كأنه علم في رأسه نار)
# (وإن صخرا لمولانا وسيدنا%وإن صخرا إذا نشتو لنحار)
# وقالت ترثي أخاها معاوية:
# (ألا لا أرى في الناس مثل معاوية % إذا طرقت إحدى الليالي بداهية)
# (بداهية يضفي الكلاب حسيسها % وتخرج من سر النجي علانية)
# (وكان لزاز الحرب عند نشوبها % إذا شمرت عن ساقها وهي ذاكية)
# (وقواد خيل نحو أخرى كأنها % سعال وعقبان عليها زبانية)
# (فأقسمت لا ينفعك دمعي وعولتي %عليك بحزن ما دعا الله داعية)
# وقيل لها: صفي لنا أخويك صخرا ومعاوية. فقالت: كان صخر والله جنة الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان والله معاوية القائل الفاعل.
# قيل لها: فأيهما كان أسنى وأفخر؟ قالت: أما صخر، فحر الشتاء. وأما معاوية، فبرد الهواء.
# قيل لها: فأيهما أوجع وأفجع؟ قالت: أما صخر فجمر الكبد. وأما معاوية فسقام الجسد، وأنشأت تقول:
# (أسدان محمرا المخالب نجدة % بحران في الزمن الغضوب الأنمر)
# (قمران في النادي رفيعا محتدٍ % في المجد فرعا سؤدد متخير)
# قال لها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: ما أقرح مآقي عينيك؟ قالت: بكائي على السادات من مضر. قال: يا خنساء، إنهم في النار. قالت: ذاك أطول لعويلي عليهم.
# وقالت أيضا: كنت أبكي لصخر على الحياة فأنا اليوم أبكي له من النار.
# شهدت الخنساء القادسية ومعها أربعة بنين لها، فقالت لهم: يا بني، إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا غيره إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: (^ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) [آل عمران:200].
# فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدو إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
# فخرج بنوها وتقدموا فقاتلوا وأبلوا بلاء حسنا واستشهدوا جميعا، فلما بلغها الخبر قالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
رياض- دائم الحضور
- عدد المساهمات : 2903
مواضيع مماثلة
» فلسطين كلمة خطت بحروف ذهبية ...
» أبيات ذهبية في مدح اللغة العربيةللشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله
» لكل حرف وصية
» وصية أب لابنه :
» وصية ملك عند موته
» أبيات ذهبية في مدح اللغة العربيةللشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله
» لكل حرف وصية
» وصية أب لابنه :
» وصية ملك عند موته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى