عدد تصفح الموقع
اضغط على الآية لمعرفة المزيد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 45 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 45 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 184 بتاريخ الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:23 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 206 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Nour El Houda Khaldi فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 71341 مساهمة في هذا المنتدى في 44690 موضوع
جماليات التشكيل الإيقاعي في القصيدة العربية الحديثة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جماليات التشكيل الإيقاعي في القصيدة العربية الحديثة
تمثل الحركة والتنظيم الأساس الذي يتولد منه الإيقاع، وإذا كانت الضربة
والسكون يمثلان جانبا مهما من الإيقاع في الموسيقى، فإن مادة الإيقاع في
الشعر تتحدد بطبيعة الوحدة الصوتية «الحرف والحركة »، إذ تشتمل الوحدات
الصوتية على إمكانات إيقاعية كامنة يتم تفجيرها في سياق إيقاعي يشتمل على
عنصري الحركة والتنظيم معا، بمعنى أن الشعر» يستمد موسيقاه من مادة صياغته
وهي اللغة « [1]ولا يعني هذا أنَّ الإيقاع » لا يتألف من الحركة مطلقة بلا
قيد ولا شرط ... الإيقاع يمتاز ... بالنظام « [2] ويخضع هذا النظام لتردد
الوحدات الصوتية » على مسافات زمنية متساوية أو متقابلة داخل الوحدة
الموسيقية، وقد تكون هذه الظاهرة صمتا خفيفا أو سكونا أو حركة معينة « [3]
.
إن الحركة والنظام قد يتوافران في مكونات لغوية عديدة، غير أن هذه
المكونات لا تقدم إيقاعا فنيا لخلوها من قيمة التناسب، » والتناسب هو أن
تتفق العناصر في الوزن فتكون بالنسب اللازمة لا تزيد عليها ولا تنقص وفي
النظام يحسن التآلف وكمال الانسجام، فالتناسب هو اعتدال النسب وتكافؤها به
يكسب الإيقاع ثوب الروعة والجمال ويرتقي الفن إلى أسمى درجات الكمال « [4]
ويؤكد محمد العياشي أن الغاية من هذا كله تحقيق ثمرتين هما القيمة
الجمالية والقيمة التعبيرية، أي أن » جمال الإيقاع مستفاد من تناسب
العناصر في وزنها وحركتها وشكل نظامها « فضلا عن قدرة الإيقاع على التعبير
والتصوير والتأثير .[5]
ولا بد من التمييز بين نمطين من الإيقاع : إيقاع بسيط يتميز بالرتابة
والتكرار ،ويتجلى ذلك في نبض القلب ودقات الساعة، ونمط مركب بالغ التعقيد
يتجلى في الشعر، ويحدد علي يونس فوارق بين النمطين على النحو التالي :
أ ـ فالعلاقة بين العناصر في النوع الأول ظاهرة بسيطة يسهل قياسها، أماني النوع الثاني فهي أخفى وأكثر تركيبا .
ب ـ والعلاقات في النوع الأول توشك أن تكون حسية خالصة، ولهذا لا يتفاوت
الناس في إدراكها وإن تفاوتوا في الثقافة أو العمر أو غير ذلك، بل أن من
صور هذا الإيقاع ما يدركه بعض الحيوان وينفعل له .
أما العلاقات في النوع الثاني فهي عقلية حسية، ولا تكفي الحواس لإدراكها،
بل تحتاج كذلك إلي الفكر، ولذلك يتفاوت الناس في فهمها وتذوقها وتقديرها
ولا بد أن تتوافر في متلقيها درجة من النضج والعقلي والثقافي .
ج ـ والعلاقات بين العناصر في النوع الأول تنتظم انتظاما تاما أو شبه تام،
أما في النوع الثاني فتجمع بوضوح بين النسق والخروج على النسق .[6]
2
ان الشعر لا يغير الوحدات الصوتية للغة، أو الألفاظ التي تتركب منها، ولا
يغير من التراكيب، ولكن الشعر ينظم هذه كلها بطريقة خاصة مختلفة، لدرجة
يصدق معها القول إن الشعر يمثل ظاهرة » ذات بنية أشد تعقيدا « [7]، وعلى
الرغم من ذلك فإن هناك تمايزا واضحا ـ والوضوح هنا لا يعني أهميته أو
تبنيه ـ بين الشعر والنثر يتجلى بداهة في كيفية أدائيهما، وكيفية رسمهما،
إذ اعتاد العرب قديما وحديثا تأدية النثر بكيفية تختلف عن الشعر، ولذا
نقول : قرأ مقالة، أو رسالة، أو رواية، وانشد قصيدة، ولذلك فإن » الإنشاد
عند الأداء إبراز الإيقاع « [8] .
ان كتابة الشعر تختلف وتتباين عن كتابة النثر، إذ بمجرد رؤية فضاء النص
نستدل على ان هذا شعر أو نثر، غير أن تحديدا علميا يميز الشعر عن النثر هو
التمايز الإيقاعي، أي انه يغلب عليه الانتظام » وهو النظام الذي يحكم عدد
المقاطع وأنواعها ) من حيث هي قصيرة أو طويلة أو زائدة الطول ( وترتيبها «
[9] .
وفي ضوء هذا فإن الشعر ليس قسيما أو مقابلا للنثر كما انه ليس خرقا أو
انتهاكا له ـ بل هو خرق للكلام العادي ـ انه تشكيل جديد يمثل خلقا ليس
بالقياس الى شيء موجود مسبقا، وإنما له استقلاله الذي يتجاور معه، ويختلف
عنه في آن، أن النثر هو الآخر خرق وانتهاك متعمد للكلام العادي .
3
أقام الخليل بن أحمد الفراهيدي نظريته في الإيقاع على أساس المتحرك
والساكن، وقام باستقراء ناقص للشعر العربي، أسس في ضوئه القواعد المعيارية
للعروض العربي، وهي النظرية الإيقاعية المهيمنة، ومن الجدير بالذكر ان
هناك نصوصا شعرية عديدة خارجه على هذه النظرية، منها جاهلية : لعبيد بن
الأبرص وامريء القيس والنابغة .
إن نظرية الإيقاع الخليلية تحكمها فرضيات ذهنية سابقة تصنف الموضوعات
وتحددها، وهي جزء من نظرة شمولية تستشري في مجمل النشاط اللغوي والموسيقي،
ولقد أسهمت الأسس المنطقية في تدعيم هذه الفرضيات وتأكيد أهميتها وجدواها،
وتتحدد الأصول المنطقية في ضوء القياس القائم على : اصل، وفرع، وعله،
وحكم، ولذلك لاحظنا اللغويين يحددون أصولا تمثل أساسا ويقيسون عليها
الفروع، ويمثل الأصل الأساس وتتولد عنه الفروع . ويصدق هذا على نظرية
الخليل العروضية التي أقامت فرضيات مسبقة تتحدد في الدوائر العروضية التي
تشتمل الواحدة منها على بحور مستعملة وأخرى مهملة، وان بعض هذه البحور
المستعملة لها أساس نظري ليس له وجود في واقع الشعر، ولذلك برر العروضيون
مثلا ان هذا البحر لم يرد تاما في الشعر على الرغم من انه في دائرته
العروضية ـ وهي فرضية مسبقة ـ ورد تاما . ان العروضيين » افترضوا ...
أوزانا » مثالية « لا وجود لها في الواقع الشعري، وافترضوا ان بعض الأوزان
الحقيقية صور مشتقة من هذه الأوزان المثالية . ويتضح ذلك إذا قارنا بين
صورة » المديد « في الدائرة، وصورته في الشعر وكذلك الوافر والهزج والرمل
والسريع والمنسرح والمجتث«[10].
ان الدرس العروضي بقي معياريا ومتخلفا عن تتبع حركة التطور الإيقاعي في
العصور المختلفة لان » العروضيين القدماء أقاموا بناء فكريا بعيدا عن
الزمان والمكان، فلا هو يمثل أوزان العرب القدماء، التي زادوا ونقصوا
فيها، ولا هو يمثل أوزان المحدثين التي أنكروها واهملوها « [11].
ولقد واجهت قواعد الخليل العروضية نقدا يتفاوت في حدته، ويبدو ان ادونيس
اكثر هذه الأصوات قساوة إذ يرى أن الإيقاع الخليلي يقدم » لذة للأذن اكثر
مما يقدم خدمة للفكر « [12] وان قواعده » الزامات كيفية تقتل دفقة الخلق
أو تعيقها أو تقسرها، فهي تجبر الشاعر أحيانا ان يضحي بأعمق حدوسه الشعرية
في سبيل مواصفات وزنية كعدد التفعيلات والقافية « [13] .ان نظرية الإيقاع
الخليلية تصل درجة القداسة لدى عدد من الدارسين وان مناقشتها أو هدمها لا
يقل في خطورته عن هدم مقدس، ويبدو لي ان هذا هو الذي دفع أدونيس الى القول
بان » الرؤية الخليلية لفن الشعر ترجمه دقيقة للرؤية الدينية . كانت
بينهما مطابقة شبه كاملة : أخضعت القواعد والأشكال لمبدأ مطلق وثابت تماما
« [14]
4
يحاول بعض الدارسين من القدامى والمحدثين ان يسم كل بحر من البحور الشعرية
بسمات معينة تحدد ماهيته وطبيعته ومن ثم يكون ملائما لغرض دون آخر، وتتجلى
ملامح ذلك عنده حازم القرطاجني من القدامى مثلا [15] وعند المحدثين مثل:
البستاني، وعبد الحميد الراضي، والعياشي، وأتوقف لمجرد الإشارة عند عبد
الله الطيب المجذوب الذي قسم الأوزان الشعرية الى البحور الصعبة :
كالمديد، والبحور المضطربة :كالسريع، والبحور القصار : كالمجتث والمضارع،
والبحور الشهوانية : كالمقتضب . ويصف البحور القصار مثلا بأنها » لا يصلح
فيها النظم إلا لمجرد الدندنة والترويح عن النفس بجرس الألفاظ« [16]،
ويقول عن البحور الشهوانية إن » نغماتها لا تكاد تصلح الا للكلام الذي قصد
منه قبل كل شيء ان يتغنى به في مجالس السكر والرقص المتهتك المخنث «[17]
ولم يقتصر المجذوب على هذا الوصف المعياري الثابت للأوزان الشعرية بعامة
ولكنه وصف البحور الشعرية بأحكام انطباعية محولا إياها الى معايير ثابتة،
فهو يقول عن المديد بان فيه» صلابة ووحشية وعنف، تناسب هذا النوع من الشعر
. ولا يستبعد أن تكون تفعيلاته قد اقتبست في الأصل من قرع الطبول التي
كانت تدق في الحرب « [18] ويقول عن الخبب بأنه » بحر دنيء للغاية وكله
جلبة وضجيج « [19] ويقول عن الرمل إن فيه » رقه وعذوبة مع ما فيه من الأسى
« [20] ويقول » ومع التكسر والرقص والتثني تجد في المنسرح لونا جنسيا يشبه
لون المتقارب المجزوء«[21] .
ان محاولة الربط بين البحور الشعرية ومعانيها وأغراضها الشعرية أمر تبطله
النصوص نفسها، لان مواقف الشعراء وتجاربهم الشعورية وحالتهم الانفعالية
تتفاوت وتختلف على الرغم من استخدامهم الأوزان الشعرية نفسها، ولذلك فإن
الوزن الشعري يمثل إيقاعا عاما يلونه الشاعر بتجربته الشعورية، ويخضعه
لانفعاله فيتلون بخصوصيته، ولذلك فليس هناك وزن شعري جنسي مثلا واخر دنيء
أو صلب .
5
تصدر نازك الملائكة في تصوراتها عن التجديد في الشعر العربي الى أمرين :
أحدهما : معرفتها بالعروض العربي، وثانيهما : قراءتها للشعر الإنجليزي،
غير أن المعرفة والقراءة هاتين لم تخرجا على الأصول العربية، لأن شعر
التفعيلة على الرغم من اختلافه عن شعر الشطرين فإنهما يتماثلان في مزايا
وعيوب، وإنهما جميعا لا يخرجان عن أصول عروضية معروفة، ولذلك أكدت نازك
الملائكة » أن شعرنا الجديد مستمد من عروض الخليل بن أحمد قائم على أساسه
« [22]، غاية ما في الأمر أن حركة شعر التفعيلة استعانت ببعض تفاصيل
العروض القديم على » إحداث تجديد يساعد الشاعر المعاصر على حرية التعبير
وإطالة العبارة وتقصيرها بحسب مقتضى الحال « [23]. إن نازك الملائكة لا
تنبذ شعر الشطرين ولا تهدف الى القضاء على أوزان الخليل وإنما ترمي الى »
أن تبدع أسلوبا جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض
موضوعات العصر المعقدة « [24]
وتمايز نازك الملائكة بين نظام الشطرين ونظام التفعيلة، لأن نظام الشطرين
يلزم الشاعر بنظامي الصدر والعجز، وان الشاعر لا بد أن يقف في البحور
الستة عشر » عند نهاية الشطر الثاني وقفة صارمة لا مهرب منها فتنتهي
الألفاظ وينتهي المعنى « [25]، إن نظام الشطرين عند نازك الملائكة يفرض
قيودا هندسية صارمة على الشاعر لأن » الأشطر المتساوية والوحدات المعزولة
لا بد أن تفرض، على المادة المصبوبة، شكلا مماثلا يملك عين الانضغاط
وتساوي المسافات . أو لنقل أن هندسة الشكل، لا بد أن تفرض هندسة مقابلة في
الفكر الذي يستوعبه هذا الشكل « [26] أما نظام التفعيلة فإنه يتمرد على
نظام الشطرين هذا أولا، ويعتمد التفعيلة ثانيا، ويتعمد ثالثا » تحطيم
استقلال الشطر تحطيما كاملا « [27]، وهذا لا يعني أنه ليس هناك من وقفات
صارمة يفرضها الإيقاع والمعنى في نهاية كل شطر ،لأن شعر التفعيلة لا يلزم
الشاعر » أن ينهي المعنى والإعراب عند آخر الشطر ،وإنما يجعل من حقه أن
يمدهما الى الشطر الثاني أو ما بعده « [28] .
وفي ضوء هذا يبدو تمرد نازك الملائكة على نظام الشطرين استجابة لعنصرين،
أحدهما : يتجاوب فيه شعر التفعيلة مع الفكر المعاصر الذي » يكره النسب
المتساوية ويضيق بفكرة النموذج ضيقا شديدا « [29] ولذلك فشعر التفعيلة هو
الآخر يتمرد على هذه السيمترية الصارمة فيخرج على الرتابة » وعلى فكرة
النموذج المتسق اتساقا « [30]، اما ثاني العنصرين فإنه يتصل بالمعنى
وعلاقته بنظامي الشطرين والتفعيلة على السواء، فإن نظام الشطرين يتحكم في
طول العبارة وفي المعنى الذي يحددها، ولذلك يخضع المعنى لهندسة نظام
الشطرين، بمعنى أن الأشطر المتساوية في نظام الشطرين تفرض عبارات متساوية
[31]، وهذا ما يتجاوزه شعر التفعيلة الذي تهدف نازك الملائكة من ورائه الى
أن يكون السطر الشعري خاضعا للمعنى، فيتوقف الشاعر » حيث يشاء المعنى
والتعبير « [32] .
إن المعنى وطول العبارة وقصرها خاضعة في نظام الشطرين لطبيعة الوزن وأطوال
أشطره، بمعنى أن الخارجي ـ نظام الشطرين ـ يتحكم في الداخلي ـ المعنى ـ،
ولكن طبيعة الوزن وأطوال الأشطر خاضعة للمعنى في شعر التفعيلة، أي أن
الداخلي ـ المعنى ـ يتحكم في تحديد الخارجي، ومن ثم تكون أشطر شعر
التفعيلة غير متساوية، ولا يستطيع أحد أن يحدد أبعادها .
وفي ضوء هذا تخلص نازك الملائكة الى القول إن نظام الشطرين » متسلط، يريد
ان يضحي الشاعر بالتعبير من أجل شكل معين من الوزن، والقافية الموحدة
مستبدة لأنها تفرض على الفكر أن يبدد نفسه في البحث عن عبارات تنسجم مع
قافية معينة ينبغي استعمالها، ومن ثم فإن الأسلوب القديم عروضي الاتجاه،
يفضل سلامة الشكل على صدق التعبير وكفاءة الانفعال، ويتمسك بالقافية
الموحدة ولو على حساب الصور والمعاني التي تملأ نفس الشاعر «[33]، وتتكرر
الأفكار ذاتها لدى رائد من رواد الشعر الحر ـ بلند الحيدري ـ الذي يرى أن
القصيدة التقليدية « تنمو طابقيا، هذا طابق فوقه طابق .. الخ ولكل طابق
حياته الخاصة، والتي تكاد القافية والروي أن تكون المزلاج الذي يغلق الباب
على المعنى الا في القصائد ذات الأشكال القصصية، وهي قصائد موضوعية نجدها
عند امريء القيس وأبي نواس بكثرة، وعند الجواهري وخاصة عند أبي ريشة في
الفترة الأخيرة«[34]
ويرفض محمد النويهي إيقاع الشطرين لأنه إيقاع حاد » يزيد من رتوبه وإملاله
تنظيمه في البحر التقليدي تنظيما هندسيا مسرفا في السيمترية، إذ بعد
انقسام القصيدة الى أبيات متساوية تماما ينقسم البيت الى شطرين متساويين
متناظرين وينتهي كل بيت بنفس القافية والروي من مطلع القصيدة الى نهايتها
« [35]، ويقرن النويهي الإيقاع بما يحدث في العالم الداخلي » فليس الشعر
بأوزانه المختلفة وأنظمة إيقاعه المتعددة سوى محاكاة لهذا الاهتزاز الجسمي
والتموج الصوتي اللذين يأخذاننا ونحن نعاني الانفعالات القوية «[36]
.ويقول النويهي » أما الشكل الجديد فلا يلتزم فيه الشاعر بأي عدد من
التفاعيل، بل يزيد منها وينقص بحسب ما تحتاج إليه كل فقرة من معناه وكل
موجة من موجات عاطفته في جملة من الجمل الموسيقية المتتالية التي تنقسم
عاطفته إليها وتتتابع فيها . فقد يكون البيت تفعيلة واحدة بل جزءا من
تفعيلة وقد يكون أي عدد من التفاعيل يحتاج إليها الشاعر لبناء جملته
الموسيقية « [37].
ولا يختلف عز الدين إسماعيل عن نازك الملائكة ومحمد النويهي في تحديد
الخصائص التي يتميز بها نظام الشطرين، والفوارق التي يختلف فيها شعر
التفعيلة ،إذ يرى عز الدين إسماعيل أن البحور الشعرية إنما تمثل أشياء
ناجزة يتعامل معها الشاعر بطريقتين فهو اما » أن يطوع الكلمات لنسق سابق
لم يصنعه ولم يشارك في صنعه . إنه بذلك كمن يشكل نفسه من خلال الطبيعة لا
كمن يشكل الطبيعة من خلال نفسه «[38]، وبذا نكون في صميم نظام الشطرين
الذي يتحكم فيه الوزن في الجور على انفعال الشاعر والمعاني التي يروم
التعبير عنها ،إن الخارجي متمثلا في الوزن والقافية يتحكمان في الداخلي،
ويحددان نوعه وطبيعته، إن البحر بالنسبة للشاعر » بمثابة الأدراج التي
يطلب منه أن يملأها . أما تصميم هذه الأدراج ذاتها فلا دخل له فيه « [39].
أما شعر التفعيلة فإن الشاعر » ينسق الطبيعة .... تنسيقا خاصا يتلاءم مع
حالته الشعورية « [40] أي أن الدفقة الشعورية والانفعالية تتحكم في تحديد
طبيعة الوزن، وهذا يعني أن الداخلي متمثلا في الانفعال والتجربة الشعورية
يتحكمان في الخارجي ـ الوزن والقافية ـ ويحددان نوعيهما وطبيعتيهما .
إذن هناك علاقة وثيقة بين العالم الداخلي للمبدع والإيقاع لدى بعض نقاد
شعر التفعيلة، ويتحكم الداخلي ـ المعنى عند نازك والانفعال عند النويهي
وعز الدين إسماعيل ـ بالخارجي ـ الإيقاع ـ، ويبدو لي أن هذه التصورات
تلوين وتنويع لتصورات اليوت الذي يرى أن » القصيدة ذات الطول يجب أن يكون
فيها صعود وهبوط في درجتها من الحدة حتى تطابق ما يحدث فعلا للعاطفة
الإنسانية من تراوح بين الصعود والهبوط . وبهذا التراوح تتم الوحدة
الموسيقية الشاملة لبناء القصية ككل « [41]
ويؤكد النويهي في مواطن عديدة أن شعر التفعيلة يمثل خطوة في تجديد القصيدة
العربية، وهو مرحلة انتقالية، ويعاني شعر التفعيلة من عيب أساسي كونه » لا
يزال مرتبطا بالتفعيلة القديمة لم يتخلص تماما من الموسيقية الحادة «
[42]، ويدعو النويهي الى بديل آخر يقوم على أساس النبر، غير أن النبر ليس
له تأثير دلالي في اللغة العربية، وان أبعاده الإيقاعية لم تتضح بعد بدليل
أن النويهي نفسه يؤكد » أن الإيقاع النبري يحتاج الى تدريب ومراس حتى
تألفه آذاننا وتهتدي الى ما فيه من موسيقى خفيفة ونظام سمح مرن « [43]،
ولما كان هذا البديل الإيقاعي المقترح لم يتأسس بعد، وإنما هو في طور
التكوين ،وحوله خلافات كثيرة، فإننا سندع الحديث عنه الآن .
إن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل يؤكدون أن نظام الشطرين
خاضع لنظام هندسي صارم [44]، ولكنهم لا ينفون عن الشعر : من نظام الشطرين
والتفعيلة التقيد بسيمترية معينه يحكمها العالم الداخلي، إذ تؤكد نازك
الملائكة أهمية المعنى في تحديد تشكيل الشعر، وتحديد أوزانه وأطوال أشطره،
وإذا كان المعنى يمثل خاصية تتولد في الذات فإن عز الدين إسماعيل لا يبتعد
كثيرا عن هذا التصور، إذ يؤكد أهمية النظام بوصفه عنصرا جوهريا في الأعمال
الفنية، ولكنه حريص على جعل » هذا النظام شيئا يصدر عن نفس الشاعر لا شيئا
يفرض من الخارج أو يفرضه الشاعر نفسه على نفسه « [45] .
إن المنظور الجديد لتشكيل الإيقاع عند عز الدين إسماعيل يرجع إلى أساس
جمالي يغاير الأساس الجمالي القديم تمام المغايرة ،لأن القصيدة القديمة لا
تمثل » بنية أو صورة موسيقية ... بل كانت ... وحدة موسيقية مكررة مرة ومرة
تكون هذه الوحدة بيتا ينتهي بقافية متكررة، ومرة تكون مجموعة من الأبيات
لها نظام وقواف تتكرر في الوحدات الأخرى . كانت القصيدة القديمة شكلا
موسيقيا » مفتوحا « ... يمكن أن تتكرر فيه الوحدة الموسيقية الى مالا
نهاية، شأنها شأن الزخرفة العربية » فن الأرابسك « [46] أما الأساس
الجمالي الجديد لشعر التفعيلة فيتجلى في » أن القصيدة بنية إيقاعية خاصة،
ترتبط بحالة شعورية معينة لشاعر بذاته، فتعكس هذه الحالة لا في صورتها
المهوشة التي كانت عليها من قبل نفس الشاعر « [47]
وأكدت نازك الملائكة أن الشعر الحر » ظاهرة عروضية قبل كل شيء . ذلك أنه
يتناول الشكل الموسيقي للقصيدة ويتعلق بعدد التفعيلات في الشطر، ويعنى
بترتيب الأشطر والقوافي، وأسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [48]،
بمعنى أنه ليس نفيا لقصيدة الشطرين، وإنما كان هدفها » أن تبدع أسلوبا
جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض موضوعات العصر
المعقدة « [49]، ويماثل هذا التصور ما ذهب اليه عز الدين إسماعيل فهو يؤكد
» أن الشعر الجديد لم يلغ الوزن ولا القافية، لكنه أباح لنفسه ... أن يدخل
تعديلا جوهريا عليهما لكي يحقق بهما الشاعر من نفسه وذبذبات مشاعره
وأعصابه ما لم يكن الإطار القديم يسعف على تحقيقه . فلم يعد الشاعر حين
يكتب القصيدة الجديدة يرتبط بشكل معين ثابت للبيت ذي الشطرين وذي
التفعيلات المتساوية العدد والمتوازنة في هذين الشطرين، وكذلك لم يتقيد في
نهاية الأبيات بالروي المتكرر أو المنوع على نظام ثابت « [50]
ومن الجدير بالذكر أن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل
يتحدثون عن تحطيم البيت في قصيدة الشطرين ،إذ تذهب نازك الملائكة الى »
تحطيم استقلال الشطر تحطيما كاملا « [51]ويتم ذلك من خلال تجاوز وقفات
القافية من ناحية واستخدام التضمين الذي يجعل البيت » مفضيا بمعناه
وإعرابه الى البيت الذي يليه « [52]من ناحية ثانية، ويؤكد النويهي أن
الشكل الجديد » يهدم السمترية الحادة البارزة للبيت ذي الشطرين « [53]،
ويذهب عز الدين إسماعيل الى الوصول الى بنية إيقاعية ذات أثر ودلالة لا
يتم بإلغاء الشعراء الوزن والقافية وإنما » أن يحطموا الوحدة الموسيقية
للبيت تلك الوحدة التي تفرض على النفس حركة معينة لم تكن في أغلب الأحيان
هي الحركة الأصلية التي تموج بها النفس « [54]
وفي ضوء هذا فإن النص الشعري لا يلغي الوزن أو القافية وإنما يقدم مفهوما
جديدا لهما، فالسطر الشعري » سواء أطال أم قصر ما زال خاضعا للتنسيق
الجزئي للأصوات والحركات المتمثل في التفعيلة، أما عدد هذه التفعيلات في
كل سطر فغير محدد وغير خاضع لنظام معين ثابت « [55]
إن المعنى عند نازك الملائكة هو الذي يحدد طول السطر الشعري أو قصره [56]،
ويرى محمد النويهي ان الأسطر الشعرية » ليست تطول وتقصر كيفما اتفق، ولا
لاستتمام المعنى اللغوي وحده، بل مع تهدجات العاطفة وتلاعبها بالنفس
الصادر من الرئتين « [57]، بمعنى أن الشاعر لا تحكمه سيمترية الشطرين،
فيتوقف في ضوء القوالب المسبقة، وإنما » يستطيع أن يقف ما أن ينتهي معناه
وموجته العاطفية في جملته الموسيقية » [58]ويرجع عز الدين إسماعيل ذلك »
لنوع الدفعات والتموجات الموسيقية التي تموج بها نفس الشاعر في حالته
الشعورية المعينة « [59]، ولا يختلف عنهم حسن توفيق الذي يرى » أن يكون
الإيقاع العروضي متمشيا مع الإيقاع النفسي الذي يتردد في روح الشاعر عندما
يشرع في التعبير عن تجربته، ومن الطبيعي أن يختلف الإيقاع النفسي من شاعر
الى آخر وان يختلف أيضا عند الشاعر الواحد تبعا لاختلاف تجاربه وتنوعها «
[60] .
ويبدو أن محمد بنيس لا يبتعد كثيرا عن التصورات السابقة، فهو يمايز بين
زمان الشعر وزمان نصوص أخرى كالتاريخ والنحو مثلا، ويؤكد أهمية الداخلي في
تحديد الخارجي، أي أنه يرجع عملية الإبداع كلها الى » منظومة الدواخل «
،وعلى الرغم من إغراء هذه العبارة التي تؤكد الداخل رؤية ولغة فإنه حين
يفسرها يرجع بها الى مقولات تكاد تقترب من مقولات بعض النقاد الذين سبقت
الإشارة اليهم، يقول : » يخالف الزمان الشعري كلا من أزمنة التاريخ والنحو
والتقنية . زمان الشعر متشكل من منظومة الدواخل، إنه النَّفس [61]بكل
توتراته وانبساطاته، لا يستسلم حتما لتقعيد مسبق « [62] إن النفس يمثل
جوهرا أساسيا تتشكل في ضوئه معطيات الكتابة وتجلياتها فهو الذي يتحكم في
تنظيم الوحدات الصوتية والوحدات الدلالية، لأن الربط بين هذه الوحدات
صوتية ودلالية » تبعا لإيقاع النَّفس هو ما يؤسس إيقاعا مغايرا له صيحة
المغامرة وحجة التجربة والممارسة وألق الخروج « [63]، إن العلاقة بين
النفس والإيقاع ليست علاقة التابع بالمتبوع، كما تدل النصوص السابقة وإنما
يصل الأمل بالناقد الى قصر أحدهما على الآخر في قوله » وما الإيقاع الا
النفَّس، ولذا فإن ما يحدد المتتاليات داخل النص هو هذا النفس، ضوء الجسد
النافذ الى عتمة الكلام اليومي وقوانينه العامة . إنه أيضا رؤية المبدع
للعالم . تدمير القوانين العامة، وإعادة تركيب المتتالية ـ المتتاليات،
حسب إيقاع النفس، مقدمة لتدمير سلطة اللغة وأنماط الخضوع لتراتب مسبق
للوجود والموجودات « [64].
إن الناقد يحيل هنا الى مجهول يتحكم في تحديد بناء الإيقاع فإن النَّفس
مفهوم مضبب لا حدود لطبيعته وماهيته، ومن الجدير بالذكر ان الناقد ينبه
الى هذا الأمر في قوله » إن قوانين اللاوعي التي نجهل أسرارها تتدخل في
صوغ هذا الإيقاع « [65].
إن هذه التصورات تحيل في بعض تجلياتها الى أن عملية الإبداع الشعري في
الشعر الحر ترجع الى قوى غيبية تذكرنا بكهنة معبد كوبيلا ـ التي ذكرها
أفلاطون ـ، وبشياطين الشعر ـ عند العرب ـ، وليس الأمر كذلك في تقديري لأن
عملية الإبداع ترجع في الحقيقة الى عملية واعية يقصد إليها الشاعر، وهي
نتاج عملية جدل بين الذات ت وموضوعها . وأعني بالذات ـ هنا ـ الوعي
الإنساني المقصود القار في أعماق الإنسان، وأن الموضوع يقع خارجها، مهما
كان نوعه وشكله، وإن الذات في أثناء تفاعلها مع موضوعها تحدث حركة جدل يتم
من خلالهما وعي للذات ولموضوعها، ويعبر الإنسان عن هذا بطرائق كتابية
مختلفة، شعرا، تاريخا، فلسفة، وقد تكون محصلة الجدل ـ هذا ـ وعيا ناقصا
وبسيطا، ومن ثم لا يقدم سوى نتاج هزيل، وقد يكون التجادل عميقا يسهم في
التأثير بين طرفي الذات بموضوعها، تأثيرا بالغا .
إن الوعي في حالة إبداع النص الأدبي يلغي التراتبية التي يتم تأكيدها في
مواطن أخرى من الكتابة، لأن الشعر ليس وصفا وتحليلا، وإنما خلق، والخلق لا
يلتزم بتراتبية مسبقة، وإنما يخلق تراتبيته الخاصة به، وهي وليدة جدل عميق
بين الذات وموضوعها، والجدل هذا وعي .
6
تؤكد نازك الملائكة أن الشعر الحر » أسلوب في ترتيب تفاعيل الخليل تدخل
فيه بحور عديدة من البحور العربية الستة عشر المعروفة « [66] ،ولذلك فإن
شعر التفعيلة لا يعدو كونه مجرد » ظاهرة عروضية تعنى بـ
1- عدد التفعيلات في السطر .
2- ترتيب الأشطر والقوافي
3- أسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [67]
وتتبدى ملامح المحافظة عند نازك الملائكة في تأكيدها إحالة عروض شعر التفعيلة، وكأنه فرع من عروض الخليل، إذ تتحدد جدته من خلال :
1- استبدال نظم الشطرين بنظام السطر الشعري .
2- حرية مقيدة لعدد التفعيلات في السطر الشعري .
وما عدا ذلك فإن الشاعر لا يخرج على القانون العروضي » جاريا على السنن
الشعرية التي أطاعها الشاعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا « [68]
إن أساس شعر التفعيلة هو وحدة التفعيلة عند نازك الملائكة، إضافة إلى حرية
مقيدة في عدد التفعيلات في السطر الشعري الواحد، وتضع نازك قواعد صارمة
فهي تخرج عددا من البحور الشعرية لعدم صلاحيتها للشعر الحر، وهي : الطويل،
والمديد، والبسيط، والمنسرح، » فهي لا تصلح للشعر الحر على الإطلاق، لأنها
ذات تفعيلات منوعة لا تكرار فيها، وإنما يصح الشعر الحر في البحور التي
كان التكرار في تفعيلاتها كلها أو بعضها« [69] . وقد نظم الشعراء على هذه
البحور، ومن هؤلاء بدر شاكر السياب، يقول من بحر البسيط :
نافورة من ظلال من أزاهير مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
ومن عصافير مفاعلن فعْلن
جيكور، جيكور، يا حقلا من النور مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
يا جدولا من الفراشات نطاردها مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في الليل في عالم الأحلام والقمر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
يتشرت الأجنحة أندى من المطر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في أول الصيف [70] مستفعلن فعْلن
ويقول في سفر أيوب من بحر البسيط أيضا :
يا رب أيوب قد أعيا به الداءُ مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
في غربة دونما مالٍ ولا سكن ِ مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يدعوك في الدُجنِ مستفعلن فعلن
يدعوك في ظلمات الموت أعباءُ مستفعلن فعلن مستفعلن فعْلن
ناد الفؤاد بها فارحمه ان هتفا مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يا منجيا فلك نوح مزق السدفا مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
عني أعدني الى داري الى وطني[71] مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
يقول السياب
رأيت الذي لو صدق الحلم نفسه فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
لمد لك الفما فعول مفاعلن
وطوق خصرا منك واحتاز معصما فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن
لقد كنت شمسه فعولن مفاعلن
وشاء احتراقا فيك، فالقلب يصهر فعولن مفاعيلن فعولن نفاعلن
فيبدو على خديك والثغر أحمر فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
وفي لهف يحسو ويحسو فيسكر [72] فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
والبحور الصالحة للشعر الحر عند نازك الملائكة هي :
أ ـ البحور الصافية :
وهي البحور التي يتألف شطراها من تكرار تفعيلة واحدة ست مرات، وهذه هي :
الكامل، شطره ( متفاعلن متفاعلن متفاعلن )
الرمل، شطره ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن )
الهزج، شطره ( مفاعيلن مفاعيلن )
الرجز، شطره ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن )
ومن البحور الصافية اثنان يتألف كل شطر فيهما من أربع :
المتقارب، شطره ( فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن )
المتدارك، شطره ( فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن )
أو ( فعلن فعلن فعلن فعلن )
وينبغي لنا أن نضيف هنا ( مجزوء الوافر ) ( مفاعلتن مفاعلتن ) فإنه من البحور الصافية وشطره تفعيلتان . « [73]
وأضافت نازك بحرا آخر تزعم أنها ابتكرته، وهو بحر صاف، » اشتقته من الوزن
الخليلي المعروف المسمى » مخلع البسيط « [74] ووزنه مستفعلاتن مستفعلاتن .
ب ـ البحور الممزوجة :
وهي التي يتألف الشطر فيها من أكثر من تفعيلة واحدة على أن تتكرر إحدى التفعيلات، وهما بحران اثنان :
السريع، شطره ( مستفعلن مستفعلن فاعلن )
الوافر، شطره ( مفاعلتن مفاعلتن فعولن ) [75]
وتشترط نازك الملائكة في هذين البحرين شرطا مفاده » أن يكون » التنويع في
عددالتفعيلة المتكررة وحسب « [76]، ففي بحر الوافر لا بد أن يجري على
النسق التالي :
مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن فعولن
أي أن ينتهي كل سطر شعري بالتفعيلة فعولن .
والسكون يمثلان جانبا مهما من الإيقاع في الموسيقى، فإن مادة الإيقاع في
الشعر تتحدد بطبيعة الوحدة الصوتية «الحرف والحركة »، إذ تشتمل الوحدات
الصوتية على إمكانات إيقاعية كامنة يتم تفجيرها في سياق إيقاعي يشتمل على
عنصري الحركة والتنظيم معا، بمعنى أن الشعر» يستمد موسيقاه من مادة صياغته
وهي اللغة « [1]ولا يعني هذا أنَّ الإيقاع » لا يتألف من الحركة مطلقة بلا
قيد ولا شرط ... الإيقاع يمتاز ... بالنظام « [2] ويخضع هذا النظام لتردد
الوحدات الصوتية » على مسافات زمنية متساوية أو متقابلة داخل الوحدة
الموسيقية، وقد تكون هذه الظاهرة صمتا خفيفا أو سكونا أو حركة معينة « [3]
.
إن الحركة والنظام قد يتوافران في مكونات لغوية عديدة، غير أن هذه
المكونات لا تقدم إيقاعا فنيا لخلوها من قيمة التناسب، » والتناسب هو أن
تتفق العناصر في الوزن فتكون بالنسب اللازمة لا تزيد عليها ولا تنقص وفي
النظام يحسن التآلف وكمال الانسجام، فالتناسب هو اعتدال النسب وتكافؤها به
يكسب الإيقاع ثوب الروعة والجمال ويرتقي الفن إلى أسمى درجات الكمال « [4]
ويؤكد محمد العياشي أن الغاية من هذا كله تحقيق ثمرتين هما القيمة
الجمالية والقيمة التعبيرية، أي أن » جمال الإيقاع مستفاد من تناسب
العناصر في وزنها وحركتها وشكل نظامها « فضلا عن قدرة الإيقاع على التعبير
والتصوير والتأثير .[5]
ولا بد من التمييز بين نمطين من الإيقاع : إيقاع بسيط يتميز بالرتابة
والتكرار ،ويتجلى ذلك في نبض القلب ودقات الساعة، ونمط مركب بالغ التعقيد
يتجلى في الشعر، ويحدد علي يونس فوارق بين النمطين على النحو التالي :
أ ـ فالعلاقة بين العناصر في النوع الأول ظاهرة بسيطة يسهل قياسها، أماني النوع الثاني فهي أخفى وأكثر تركيبا .
ب ـ والعلاقات في النوع الأول توشك أن تكون حسية خالصة، ولهذا لا يتفاوت
الناس في إدراكها وإن تفاوتوا في الثقافة أو العمر أو غير ذلك، بل أن من
صور هذا الإيقاع ما يدركه بعض الحيوان وينفعل له .
أما العلاقات في النوع الثاني فهي عقلية حسية، ولا تكفي الحواس لإدراكها،
بل تحتاج كذلك إلي الفكر، ولذلك يتفاوت الناس في فهمها وتذوقها وتقديرها
ولا بد أن تتوافر في متلقيها درجة من النضج والعقلي والثقافي .
ج ـ والعلاقات بين العناصر في النوع الأول تنتظم انتظاما تاما أو شبه تام،
أما في النوع الثاني فتجمع بوضوح بين النسق والخروج على النسق .[6]
2
ان الشعر لا يغير الوحدات الصوتية للغة، أو الألفاظ التي تتركب منها، ولا
يغير من التراكيب، ولكن الشعر ينظم هذه كلها بطريقة خاصة مختلفة، لدرجة
يصدق معها القول إن الشعر يمثل ظاهرة » ذات بنية أشد تعقيدا « [7]، وعلى
الرغم من ذلك فإن هناك تمايزا واضحا ـ والوضوح هنا لا يعني أهميته أو
تبنيه ـ بين الشعر والنثر يتجلى بداهة في كيفية أدائيهما، وكيفية رسمهما،
إذ اعتاد العرب قديما وحديثا تأدية النثر بكيفية تختلف عن الشعر، ولذا
نقول : قرأ مقالة، أو رسالة، أو رواية، وانشد قصيدة، ولذلك فإن » الإنشاد
عند الأداء إبراز الإيقاع « [8] .
ان كتابة الشعر تختلف وتتباين عن كتابة النثر، إذ بمجرد رؤية فضاء النص
نستدل على ان هذا شعر أو نثر، غير أن تحديدا علميا يميز الشعر عن النثر هو
التمايز الإيقاعي، أي انه يغلب عليه الانتظام » وهو النظام الذي يحكم عدد
المقاطع وأنواعها ) من حيث هي قصيرة أو طويلة أو زائدة الطول ( وترتيبها «
[9] .
وفي ضوء هذا فإن الشعر ليس قسيما أو مقابلا للنثر كما انه ليس خرقا أو
انتهاكا له ـ بل هو خرق للكلام العادي ـ انه تشكيل جديد يمثل خلقا ليس
بالقياس الى شيء موجود مسبقا، وإنما له استقلاله الذي يتجاور معه، ويختلف
عنه في آن، أن النثر هو الآخر خرق وانتهاك متعمد للكلام العادي .
3
أقام الخليل بن أحمد الفراهيدي نظريته في الإيقاع على أساس المتحرك
والساكن، وقام باستقراء ناقص للشعر العربي، أسس في ضوئه القواعد المعيارية
للعروض العربي، وهي النظرية الإيقاعية المهيمنة، ومن الجدير بالذكر ان
هناك نصوصا شعرية عديدة خارجه على هذه النظرية، منها جاهلية : لعبيد بن
الأبرص وامريء القيس والنابغة .
إن نظرية الإيقاع الخليلية تحكمها فرضيات ذهنية سابقة تصنف الموضوعات
وتحددها، وهي جزء من نظرة شمولية تستشري في مجمل النشاط اللغوي والموسيقي،
ولقد أسهمت الأسس المنطقية في تدعيم هذه الفرضيات وتأكيد أهميتها وجدواها،
وتتحدد الأصول المنطقية في ضوء القياس القائم على : اصل، وفرع، وعله،
وحكم، ولذلك لاحظنا اللغويين يحددون أصولا تمثل أساسا ويقيسون عليها
الفروع، ويمثل الأصل الأساس وتتولد عنه الفروع . ويصدق هذا على نظرية
الخليل العروضية التي أقامت فرضيات مسبقة تتحدد في الدوائر العروضية التي
تشتمل الواحدة منها على بحور مستعملة وأخرى مهملة، وان بعض هذه البحور
المستعملة لها أساس نظري ليس له وجود في واقع الشعر، ولذلك برر العروضيون
مثلا ان هذا البحر لم يرد تاما في الشعر على الرغم من انه في دائرته
العروضية ـ وهي فرضية مسبقة ـ ورد تاما . ان العروضيين » افترضوا ...
أوزانا » مثالية « لا وجود لها في الواقع الشعري، وافترضوا ان بعض الأوزان
الحقيقية صور مشتقة من هذه الأوزان المثالية . ويتضح ذلك إذا قارنا بين
صورة » المديد « في الدائرة، وصورته في الشعر وكذلك الوافر والهزج والرمل
والسريع والمنسرح والمجتث«[10].
ان الدرس العروضي بقي معياريا ومتخلفا عن تتبع حركة التطور الإيقاعي في
العصور المختلفة لان » العروضيين القدماء أقاموا بناء فكريا بعيدا عن
الزمان والمكان، فلا هو يمثل أوزان العرب القدماء، التي زادوا ونقصوا
فيها، ولا هو يمثل أوزان المحدثين التي أنكروها واهملوها « [11].
ولقد واجهت قواعد الخليل العروضية نقدا يتفاوت في حدته، ويبدو ان ادونيس
اكثر هذه الأصوات قساوة إذ يرى أن الإيقاع الخليلي يقدم » لذة للأذن اكثر
مما يقدم خدمة للفكر « [12] وان قواعده » الزامات كيفية تقتل دفقة الخلق
أو تعيقها أو تقسرها، فهي تجبر الشاعر أحيانا ان يضحي بأعمق حدوسه الشعرية
في سبيل مواصفات وزنية كعدد التفعيلات والقافية « [13] .ان نظرية الإيقاع
الخليلية تصل درجة القداسة لدى عدد من الدارسين وان مناقشتها أو هدمها لا
يقل في خطورته عن هدم مقدس، ويبدو لي ان هذا هو الذي دفع أدونيس الى القول
بان » الرؤية الخليلية لفن الشعر ترجمه دقيقة للرؤية الدينية . كانت
بينهما مطابقة شبه كاملة : أخضعت القواعد والأشكال لمبدأ مطلق وثابت تماما
« [14]
4
يحاول بعض الدارسين من القدامى والمحدثين ان يسم كل بحر من البحور الشعرية
بسمات معينة تحدد ماهيته وطبيعته ومن ثم يكون ملائما لغرض دون آخر، وتتجلى
ملامح ذلك عنده حازم القرطاجني من القدامى مثلا [15] وعند المحدثين مثل:
البستاني، وعبد الحميد الراضي، والعياشي، وأتوقف لمجرد الإشارة عند عبد
الله الطيب المجذوب الذي قسم الأوزان الشعرية الى البحور الصعبة :
كالمديد، والبحور المضطربة :كالسريع، والبحور القصار : كالمجتث والمضارع،
والبحور الشهوانية : كالمقتضب . ويصف البحور القصار مثلا بأنها » لا يصلح
فيها النظم إلا لمجرد الدندنة والترويح عن النفس بجرس الألفاظ« [16]،
ويقول عن البحور الشهوانية إن » نغماتها لا تكاد تصلح الا للكلام الذي قصد
منه قبل كل شيء ان يتغنى به في مجالس السكر والرقص المتهتك المخنث «[17]
ولم يقتصر المجذوب على هذا الوصف المعياري الثابت للأوزان الشعرية بعامة
ولكنه وصف البحور الشعرية بأحكام انطباعية محولا إياها الى معايير ثابتة،
فهو يقول عن المديد بان فيه» صلابة ووحشية وعنف، تناسب هذا النوع من الشعر
. ولا يستبعد أن تكون تفعيلاته قد اقتبست في الأصل من قرع الطبول التي
كانت تدق في الحرب « [18] ويقول عن الخبب بأنه » بحر دنيء للغاية وكله
جلبة وضجيج « [19] ويقول عن الرمل إن فيه » رقه وعذوبة مع ما فيه من الأسى
« [20] ويقول » ومع التكسر والرقص والتثني تجد في المنسرح لونا جنسيا يشبه
لون المتقارب المجزوء«[21] .
ان محاولة الربط بين البحور الشعرية ومعانيها وأغراضها الشعرية أمر تبطله
النصوص نفسها، لان مواقف الشعراء وتجاربهم الشعورية وحالتهم الانفعالية
تتفاوت وتختلف على الرغم من استخدامهم الأوزان الشعرية نفسها، ولذلك فإن
الوزن الشعري يمثل إيقاعا عاما يلونه الشاعر بتجربته الشعورية، ويخضعه
لانفعاله فيتلون بخصوصيته، ولذلك فليس هناك وزن شعري جنسي مثلا واخر دنيء
أو صلب .
5
تصدر نازك الملائكة في تصوراتها عن التجديد في الشعر العربي الى أمرين :
أحدهما : معرفتها بالعروض العربي، وثانيهما : قراءتها للشعر الإنجليزي،
غير أن المعرفة والقراءة هاتين لم تخرجا على الأصول العربية، لأن شعر
التفعيلة على الرغم من اختلافه عن شعر الشطرين فإنهما يتماثلان في مزايا
وعيوب، وإنهما جميعا لا يخرجان عن أصول عروضية معروفة، ولذلك أكدت نازك
الملائكة » أن شعرنا الجديد مستمد من عروض الخليل بن أحمد قائم على أساسه
« [22]، غاية ما في الأمر أن حركة شعر التفعيلة استعانت ببعض تفاصيل
العروض القديم على » إحداث تجديد يساعد الشاعر المعاصر على حرية التعبير
وإطالة العبارة وتقصيرها بحسب مقتضى الحال « [23]. إن نازك الملائكة لا
تنبذ شعر الشطرين ولا تهدف الى القضاء على أوزان الخليل وإنما ترمي الى »
أن تبدع أسلوبا جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض
موضوعات العصر المعقدة « [24]
وتمايز نازك الملائكة بين نظام الشطرين ونظام التفعيلة، لأن نظام الشطرين
يلزم الشاعر بنظامي الصدر والعجز، وان الشاعر لا بد أن يقف في البحور
الستة عشر » عند نهاية الشطر الثاني وقفة صارمة لا مهرب منها فتنتهي
الألفاظ وينتهي المعنى « [25]، إن نظام الشطرين عند نازك الملائكة يفرض
قيودا هندسية صارمة على الشاعر لأن » الأشطر المتساوية والوحدات المعزولة
لا بد أن تفرض، على المادة المصبوبة، شكلا مماثلا يملك عين الانضغاط
وتساوي المسافات . أو لنقل أن هندسة الشكل، لا بد أن تفرض هندسة مقابلة في
الفكر الذي يستوعبه هذا الشكل « [26] أما نظام التفعيلة فإنه يتمرد على
نظام الشطرين هذا أولا، ويعتمد التفعيلة ثانيا، ويتعمد ثالثا » تحطيم
استقلال الشطر تحطيما كاملا « [27]، وهذا لا يعني أنه ليس هناك من وقفات
صارمة يفرضها الإيقاع والمعنى في نهاية كل شطر ،لأن شعر التفعيلة لا يلزم
الشاعر » أن ينهي المعنى والإعراب عند آخر الشطر ،وإنما يجعل من حقه أن
يمدهما الى الشطر الثاني أو ما بعده « [28] .
وفي ضوء هذا يبدو تمرد نازك الملائكة على نظام الشطرين استجابة لعنصرين،
أحدهما : يتجاوب فيه شعر التفعيلة مع الفكر المعاصر الذي » يكره النسب
المتساوية ويضيق بفكرة النموذج ضيقا شديدا « [29] ولذلك فشعر التفعيلة هو
الآخر يتمرد على هذه السيمترية الصارمة فيخرج على الرتابة » وعلى فكرة
النموذج المتسق اتساقا « [30]، اما ثاني العنصرين فإنه يتصل بالمعنى
وعلاقته بنظامي الشطرين والتفعيلة على السواء، فإن نظام الشطرين يتحكم في
طول العبارة وفي المعنى الذي يحددها، ولذلك يخضع المعنى لهندسة نظام
الشطرين، بمعنى أن الأشطر المتساوية في نظام الشطرين تفرض عبارات متساوية
[31]، وهذا ما يتجاوزه شعر التفعيلة الذي تهدف نازك الملائكة من ورائه الى
أن يكون السطر الشعري خاضعا للمعنى، فيتوقف الشاعر » حيث يشاء المعنى
والتعبير « [32] .
إن المعنى وطول العبارة وقصرها خاضعة في نظام الشطرين لطبيعة الوزن وأطوال
أشطره، بمعنى أن الخارجي ـ نظام الشطرين ـ يتحكم في الداخلي ـ المعنى ـ،
ولكن طبيعة الوزن وأطوال الأشطر خاضعة للمعنى في شعر التفعيلة، أي أن
الداخلي ـ المعنى ـ يتحكم في تحديد الخارجي، ومن ثم تكون أشطر شعر
التفعيلة غير متساوية، ولا يستطيع أحد أن يحدد أبعادها .
وفي ضوء هذا تخلص نازك الملائكة الى القول إن نظام الشطرين » متسلط، يريد
ان يضحي الشاعر بالتعبير من أجل شكل معين من الوزن، والقافية الموحدة
مستبدة لأنها تفرض على الفكر أن يبدد نفسه في البحث عن عبارات تنسجم مع
قافية معينة ينبغي استعمالها، ومن ثم فإن الأسلوب القديم عروضي الاتجاه،
يفضل سلامة الشكل على صدق التعبير وكفاءة الانفعال، ويتمسك بالقافية
الموحدة ولو على حساب الصور والمعاني التي تملأ نفس الشاعر «[33]، وتتكرر
الأفكار ذاتها لدى رائد من رواد الشعر الحر ـ بلند الحيدري ـ الذي يرى أن
القصيدة التقليدية « تنمو طابقيا، هذا طابق فوقه طابق .. الخ ولكل طابق
حياته الخاصة، والتي تكاد القافية والروي أن تكون المزلاج الذي يغلق الباب
على المعنى الا في القصائد ذات الأشكال القصصية، وهي قصائد موضوعية نجدها
عند امريء القيس وأبي نواس بكثرة، وعند الجواهري وخاصة عند أبي ريشة في
الفترة الأخيرة«[34]
ويرفض محمد النويهي إيقاع الشطرين لأنه إيقاع حاد » يزيد من رتوبه وإملاله
تنظيمه في البحر التقليدي تنظيما هندسيا مسرفا في السيمترية، إذ بعد
انقسام القصيدة الى أبيات متساوية تماما ينقسم البيت الى شطرين متساويين
متناظرين وينتهي كل بيت بنفس القافية والروي من مطلع القصيدة الى نهايتها
« [35]، ويقرن النويهي الإيقاع بما يحدث في العالم الداخلي » فليس الشعر
بأوزانه المختلفة وأنظمة إيقاعه المتعددة سوى محاكاة لهذا الاهتزاز الجسمي
والتموج الصوتي اللذين يأخذاننا ونحن نعاني الانفعالات القوية «[36]
.ويقول النويهي » أما الشكل الجديد فلا يلتزم فيه الشاعر بأي عدد من
التفاعيل، بل يزيد منها وينقص بحسب ما تحتاج إليه كل فقرة من معناه وكل
موجة من موجات عاطفته في جملة من الجمل الموسيقية المتتالية التي تنقسم
عاطفته إليها وتتتابع فيها . فقد يكون البيت تفعيلة واحدة بل جزءا من
تفعيلة وقد يكون أي عدد من التفاعيل يحتاج إليها الشاعر لبناء جملته
الموسيقية « [37].
ولا يختلف عز الدين إسماعيل عن نازك الملائكة ومحمد النويهي في تحديد
الخصائص التي يتميز بها نظام الشطرين، والفوارق التي يختلف فيها شعر
التفعيلة ،إذ يرى عز الدين إسماعيل أن البحور الشعرية إنما تمثل أشياء
ناجزة يتعامل معها الشاعر بطريقتين فهو اما » أن يطوع الكلمات لنسق سابق
لم يصنعه ولم يشارك في صنعه . إنه بذلك كمن يشكل نفسه من خلال الطبيعة لا
كمن يشكل الطبيعة من خلال نفسه «[38]، وبذا نكون في صميم نظام الشطرين
الذي يتحكم فيه الوزن في الجور على انفعال الشاعر والمعاني التي يروم
التعبير عنها ،إن الخارجي متمثلا في الوزن والقافية يتحكمان في الداخلي،
ويحددان نوعه وطبيعته، إن البحر بالنسبة للشاعر » بمثابة الأدراج التي
يطلب منه أن يملأها . أما تصميم هذه الأدراج ذاتها فلا دخل له فيه « [39].
أما شعر التفعيلة فإن الشاعر » ينسق الطبيعة .... تنسيقا خاصا يتلاءم مع
حالته الشعورية « [40] أي أن الدفقة الشعورية والانفعالية تتحكم في تحديد
طبيعة الوزن، وهذا يعني أن الداخلي متمثلا في الانفعال والتجربة الشعورية
يتحكمان في الخارجي ـ الوزن والقافية ـ ويحددان نوعيهما وطبيعتيهما .
إذن هناك علاقة وثيقة بين العالم الداخلي للمبدع والإيقاع لدى بعض نقاد
شعر التفعيلة، ويتحكم الداخلي ـ المعنى عند نازك والانفعال عند النويهي
وعز الدين إسماعيل ـ بالخارجي ـ الإيقاع ـ، ويبدو لي أن هذه التصورات
تلوين وتنويع لتصورات اليوت الذي يرى أن » القصيدة ذات الطول يجب أن يكون
فيها صعود وهبوط في درجتها من الحدة حتى تطابق ما يحدث فعلا للعاطفة
الإنسانية من تراوح بين الصعود والهبوط . وبهذا التراوح تتم الوحدة
الموسيقية الشاملة لبناء القصية ككل « [41]
ويؤكد النويهي في مواطن عديدة أن شعر التفعيلة يمثل خطوة في تجديد القصيدة
العربية، وهو مرحلة انتقالية، ويعاني شعر التفعيلة من عيب أساسي كونه » لا
يزال مرتبطا بالتفعيلة القديمة لم يتخلص تماما من الموسيقية الحادة «
[42]، ويدعو النويهي الى بديل آخر يقوم على أساس النبر، غير أن النبر ليس
له تأثير دلالي في اللغة العربية، وان أبعاده الإيقاعية لم تتضح بعد بدليل
أن النويهي نفسه يؤكد » أن الإيقاع النبري يحتاج الى تدريب ومراس حتى
تألفه آذاننا وتهتدي الى ما فيه من موسيقى خفيفة ونظام سمح مرن « [43]،
ولما كان هذا البديل الإيقاعي المقترح لم يتأسس بعد، وإنما هو في طور
التكوين ،وحوله خلافات كثيرة، فإننا سندع الحديث عنه الآن .
إن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل يؤكدون أن نظام الشطرين
خاضع لنظام هندسي صارم [44]، ولكنهم لا ينفون عن الشعر : من نظام الشطرين
والتفعيلة التقيد بسيمترية معينه يحكمها العالم الداخلي، إذ تؤكد نازك
الملائكة أهمية المعنى في تحديد تشكيل الشعر، وتحديد أوزانه وأطوال أشطره،
وإذا كان المعنى يمثل خاصية تتولد في الذات فإن عز الدين إسماعيل لا يبتعد
كثيرا عن هذا التصور، إذ يؤكد أهمية النظام بوصفه عنصرا جوهريا في الأعمال
الفنية، ولكنه حريص على جعل » هذا النظام شيئا يصدر عن نفس الشاعر لا شيئا
يفرض من الخارج أو يفرضه الشاعر نفسه على نفسه « [45] .
إن المنظور الجديد لتشكيل الإيقاع عند عز الدين إسماعيل يرجع إلى أساس
جمالي يغاير الأساس الجمالي القديم تمام المغايرة ،لأن القصيدة القديمة لا
تمثل » بنية أو صورة موسيقية ... بل كانت ... وحدة موسيقية مكررة مرة ومرة
تكون هذه الوحدة بيتا ينتهي بقافية متكررة، ومرة تكون مجموعة من الأبيات
لها نظام وقواف تتكرر في الوحدات الأخرى . كانت القصيدة القديمة شكلا
موسيقيا » مفتوحا « ... يمكن أن تتكرر فيه الوحدة الموسيقية الى مالا
نهاية، شأنها شأن الزخرفة العربية » فن الأرابسك « [46] أما الأساس
الجمالي الجديد لشعر التفعيلة فيتجلى في » أن القصيدة بنية إيقاعية خاصة،
ترتبط بحالة شعورية معينة لشاعر بذاته، فتعكس هذه الحالة لا في صورتها
المهوشة التي كانت عليها من قبل نفس الشاعر « [47]
وأكدت نازك الملائكة أن الشعر الحر » ظاهرة عروضية قبل كل شيء . ذلك أنه
يتناول الشكل الموسيقي للقصيدة ويتعلق بعدد التفعيلات في الشطر، ويعنى
بترتيب الأشطر والقوافي، وأسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [48]،
بمعنى أنه ليس نفيا لقصيدة الشطرين، وإنما كان هدفها » أن تبدع أسلوبا
جديدا توقفه الى جوار الأسلوب القديم وتستعين به على بعض موضوعات العصر
المعقدة « [49]، ويماثل هذا التصور ما ذهب اليه عز الدين إسماعيل فهو يؤكد
» أن الشعر الجديد لم يلغ الوزن ولا القافية، لكنه أباح لنفسه ... أن يدخل
تعديلا جوهريا عليهما لكي يحقق بهما الشاعر من نفسه وذبذبات مشاعره
وأعصابه ما لم يكن الإطار القديم يسعف على تحقيقه . فلم يعد الشاعر حين
يكتب القصيدة الجديدة يرتبط بشكل معين ثابت للبيت ذي الشطرين وذي
التفعيلات المتساوية العدد والمتوازنة في هذين الشطرين، وكذلك لم يتقيد في
نهاية الأبيات بالروي المتكرر أو المنوع على نظام ثابت « [50]
ومن الجدير بالذكر أن نازك الملائكة ومحمد النويهي وعز الدين إسماعيل
يتحدثون عن تحطيم البيت في قصيدة الشطرين ،إذ تذهب نازك الملائكة الى »
تحطيم استقلال الشطر تحطيما كاملا « [51]ويتم ذلك من خلال تجاوز وقفات
القافية من ناحية واستخدام التضمين الذي يجعل البيت » مفضيا بمعناه
وإعرابه الى البيت الذي يليه « [52]من ناحية ثانية، ويؤكد النويهي أن
الشكل الجديد » يهدم السمترية الحادة البارزة للبيت ذي الشطرين « [53]،
ويذهب عز الدين إسماعيل الى الوصول الى بنية إيقاعية ذات أثر ودلالة لا
يتم بإلغاء الشعراء الوزن والقافية وإنما » أن يحطموا الوحدة الموسيقية
للبيت تلك الوحدة التي تفرض على النفس حركة معينة لم تكن في أغلب الأحيان
هي الحركة الأصلية التي تموج بها النفس « [54]
وفي ضوء هذا فإن النص الشعري لا يلغي الوزن أو القافية وإنما يقدم مفهوما
جديدا لهما، فالسطر الشعري » سواء أطال أم قصر ما زال خاضعا للتنسيق
الجزئي للأصوات والحركات المتمثل في التفعيلة، أما عدد هذه التفعيلات في
كل سطر فغير محدد وغير خاضع لنظام معين ثابت « [55]
إن المعنى عند نازك الملائكة هو الذي يحدد طول السطر الشعري أو قصره [56]،
ويرى محمد النويهي ان الأسطر الشعرية » ليست تطول وتقصر كيفما اتفق، ولا
لاستتمام المعنى اللغوي وحده، بل مع تهدجات العاطفة وتلاعبها بالنفس
الصادر من الرئتين « [57]، بمعنى أن الشاعر لا تحكمه سيمترية الشطرين،
فيتوقف في ضوء القوالب المسبقة، وإنما » يستطيع أن يقف ما أن ينتهي معناه
وموجته العاطفية في جملته الموسيقية » [58]ويرجع عز الدين إسماعيل ذلك »
لنوع الدفعات والتموجات الموسيقية التي تموج بها نفس الشاعر في حالته
الشعورية المعينة « [59]، ولا يختلف عنهم حسن توفيق الذي يرى » أن يكون
الإيقاع العروضي متمشيا مع الإيقاع النفسي الذي يتردد في روح الشاعر عندما
يشرع في التعبير عن تجربته، ومن الطبيعي أن يختلف الإيقاع النفسي من شاعر
الى آخر وان يختلف أيضا عند الشاعر الواحد تبعا لاختلاف تجاربه وتنوعها «
[60] .
ويبدو أن محمد بنيس لا يبتعد كثيرا عن التصورات السابقة، فهو يمايز بين
زمان الشعر وزمان نصوص أخرى كالتاريخ والنحو مثلا، ويؤكد أهمية الداخلي في
تحديد الخارجي، أي أنه يرجع عملية الإبداع كلها الى » منظومة الدواخل «
،وعلى الرغم من إغراء هذه العبارة التي تؤكد الداخل رؤية ولغة فإنه حين
يفسرها يرجع بها الى مقولات تكاد تقترب من مقولات بعض النقاد الذين سبقت
الإشارة اليهم، يقول : » يخالف الزمان الشعري كلا من أزمنة التاريخ والنحو
والتقنية . زمان الشعر متشكل من منظومة الدواخل، إنه النَّفس [61]بكل
توتراته وانبساطاته، لا يستسلم حتما لتقعيد مسبق « [62] إن النفس يمثل
جوهرا أساسيا تتشكل في ضوئه معطيات الكتابة وتجلياتها فهو الذي يتحكم في
تنظيم الوحدات الصوتية والوحدات الدلالية، لأن الربط بين هذه الوحدات
صوتية ودلالية » تبعا لإيقاع النَّفس هو ما يؤسس إيقاعا مغايرا له صيحة
المغامرة وحجة التجربة والممارسة وألق الخروج « [63]، إن العلاقة بين
النفس والإيقاع ليست علاقة التابع بالمتبوع، كما تدل النصوص السابقة وإنما
يصل الأمل بالناقد الى قصر أحدهما على الآخر في قوله » وما الإيقاع الا
النفَّس، ولذا فإن ما يحدد المتتاليات داخل النص هو هذا النفس، ضوء الجسد
النافذ الى عتمة الكلام اليومي وقوانينه العامة . إنه أيضا رؤية المبدع
للعالم . تدمير القوانين العامة، وإعادة تركيب المتتالية ـ المتتاليات،
حسب إيقاع النفس، مقدمة لتدمير سلطة اللغة وأنماط الخضوع لتراتب مسبق
للوجود والموجودات « [64].
إن الناقد يحيل هنا الى مجهول يتحكم في تحديد بناء الإيقاع فإن النَّفس
مفهوم مضبب لا حدود لطبيعته وماهيته، ومن الجدير بالذكر ان الناقد ينبه
الى هذا الأمر في قوله » إن قوانين اللاوعي التي نجهل أسرارها تتدخل في
صوغ هذا الإيقاع « [65].
إن هذه التصورات تحيل في بعض تجلياتها الى أن عملية الإبداع الشعري في
الشعر الحر ترجع الى قوى غيبية تذكرنا بكهنة معبد كوبيلا ـ التي ذكرها
أفلاطون ـ، وبشياطين الشعر ـ عند العرب ـ، وليس الأمر كذلك في تقديري لأن
عملية الإبداع ترجع في الحقيقة الى عملية واعية يقصد إليها الشاعر، وهي
نتاج عملية جدل بين الذات ت وموضوعها . وأعني بالذات ـ هنا ـ الوعي
الإنساني المقصود القار في أعماق الإنسان، وأن الموضوع يقع خارجها، مهما
كان نوعه وشكله، وإن الذات في أثناء تفاعلها مع موضوعها تحدث حركة جدل يتم
من خلالهما وعي للذات ولموضوعها، ويعبر الإنسان عن هذا بطرائق كتابية
مختلفة، شعرا، تاريخا، فلسفة، وقد تكون محصلة الجدل ـ هذا ـ وعيا ناقصا
وبسيطا، ومن ثم لا يقدم سوى نتاج هزيل، وقد يكون التجادل عميقا يسهم في
التأثير بين طرفي الذات بموضوعها، تأثيرا بالغا .
إن الوعي في حالة إبداع النص الأدبي يلغي التراتبية التي يتم تأكيدها في
مواطن أخرى من الكتابة، لأن الشعر ليس وصفا وتحليلا، وإنما خلق، والخلق لا
يلتزم بتراتبية مسبقة، وإنما يخلق تراتبيته الخاصة به، وهي وليدة جدل عميق
بين الذات وموضوعها، والجدل هذا وعي .
6
تؤكد نازك الملائكة أن الشعر الحر » أسلوب في ترتيب تفاعيل الخليل تدخل
فيه بحور عديدة من البحور العربية الستة عشر المعروفة « [66] ،ولذلك فإن
شعر التفعيلة لا يعدو كونه مجرد » ظاهرة عروضية تعنى بـ
1- عدد التفعيلات في السطر .
2- ترتيب الأشطر والقوافي
3- أسلوب استعمال التدوير والزحاف والوتد « [67]
وتتبدى ملامح المحافظة عند نازك الملائكة في تأكيدها إحالة عروض شعر التفعيلة، وكأنه فرع من عروض الخليل، إذ تتحدد جدته من خلال :
1- استبدال نظم الشطرين بنظام السطر الشعري .
2- حرية مقيدة لعدد التفعيلات في السطر الشعري .
وما عدا ذلك فإن الشاعر لا يخرج على القانون العروضي » جاريا على السنن
الشعرية التي أطاعها الشاعر العربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا « [68]
إن أساس شعر التفعيلة هو وحدة التفعيلة عند نازك الملائكة، إضافة إلى حرية
مقيدة في عدد التفعيلات في السطر الشعري الواحد، وتضع نازك قواعد صارمة
فهي تخرج عددا من البحور الشعرية لعدم صلاحيتها للشعر الحر، وهي : الطويل،
والمديد، والبسيط، والمنسرح، » فهي لا تصلح للشعر الحر على الإطلاق، لأنها
ذات تفعيلات منوعة لا تكرار فيها، وإنما يصح الشعر الحر في البحور التي
كان التكرار في تفعيلاتها كلها أو بعضها« [69] . وقد نظم الشعراء على هذه
البحور، ومن هؤلاء بدر شاكر السياب، يقول من بحر البسيط :
نافورة من ظلال من أزاهير مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
ومن عصافير مفاعلن فعْلن
جيكور، جيكور، يا حقلا من النور مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
يا جدولا من الفراشات نطاردها مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في الليل في عالم الأحلام والقمر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
يتشرت الأجنحة أندى من المطر مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن
في أول الصيف [70] مستفعلن فعْلن
ويقول في سفر أيوب من بحر البسيط أيضا :
يا رب أيوب قد أعيا به الداءُ مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن
في غربة دونما مالٍ ولا سكن ِ مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يدعوك في الدُجنِ مستفعلن فعلن
يدعوك في ظلمات الموت أعباءُ مستفعلن فعلن مستفعلن فعْلن
ناد الفؤاد بها فارحمه ان هتفا مستفعلن فعلن مستفعلن فعلن
يا منجيا فلك نوح مزق السدفا مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
عني أعدني الى داري الى وطني[71] مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
يقول السياب
رأيت الذي لو صدق الحلم نفسه فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
لمد لك الفما فعول مفاعلن
وطوق خصرا منك واحتاز معصما فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن
لقد كنت شمسه فعولن مفاعلن
وشاء احتراقا فيك، فالقلب يصهر فعولن مفاعيلن فعولن نفاعلن
فيبدو على خديك والثغر أحمر فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
وفي لهف يحسو ويحسو فيسكر [72] فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
والبحور الصالحة للشعر الحر عند نازك الملائكة هي :
أ ـ البحور الصافية :
وهي البحور التي يتألف شطراها من تكرار تفعيلة واحدة ست مرات، وهذه هي :
الكامل، شطره ( متفاعلن متفاعلن متفاعلن )
الرمل، شطره ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن )
الهزج، شطره ( مفاعيلن مفاعيلن )
الرجز، شطره ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن )
ومن البحور الصافية اثنان يتألف كل شطر فيهما من أربع :
المتقارب، شطره ( فعولن فعولن فعولن فعولن فعولن )
المتدارك، شطره ( فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن )
أو ( فعلن فعلن فعلن فعلن )
وينبغي لنا أن نضيف هنا ( مجزوء الوافر ) ( مفاعلتن مفاعلتن ) فإنه من البحور الصافية وشطره تفعيلتان . « [73]
وأضافت نازك بحرا آخر تزعم أنها ابتكرته، وهو بحر صاف، » اشتقته من الوزن
الخليلي المعروف المسمى » مخلع البسيط « [74] ووزنه مستفعلاتن مستفعلاتن .
ب ـ البحور الممزوجة :
وهي التي يتألف الشطر فيها من أكثر من تفعيلة واحدة على أن تتكرر إحدى التفعيلات، وهما بحران اثنان :
السريع، شطره ( مستفعلن مستفعلن فاعلن )
الوافر، شطره ( مفاعلتن مفاعلتن فعولن ) [75]
وتشترط نازك الملائكة في هذين البحرين شرطا مفاده » أن يكون » التنويع في
عددالتفعيلة المتكررة وحسب « [76]، ففي بحر الوافر لا بد أن يجري على
النسق التالي :
مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن فعولن
أي أن ينتهي كل سطر شعري بالتفعيلة فعولن .
fatima- دائم الحضور
-
عدد المساهمات : 2183
rabie basket- العضو المتميز
-
عدد المساهمات : 705
العمل/الترفيه : eleve
مواضيع مماثلة
» مقومات القصيدة العربية
» خطر اللسانيات الحديثة
» (( القصيدة الحائية ))
» اقرا هده القصيدة
» بلاد الرافدين في هذه القصيدة
» خطر اللسانيات الحديثة
» (( القصيدة الحائية ))
» اقرا هده القصيدة
» بلاد الرافدين في هذه القصيدة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى