عدد تصفح الموقع
اضغط على الآية لمعرفة المزيد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 21 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 21 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 184 بتاريخ الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:23 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 206 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Nour El Houda Khaldi فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 71341 مساهمة في هذا المنتدى في 44690 موضوع
شرح معلقة امرؤ القيس
صفحة 1 من اصل 1
شرح معلقة امرؤ القيس
وقال امرؤ القيس:
سقى دار سلمى بالمحصب هـطـال من المزن [وطف] هامل جلجـال
وما زالت الأمطـار كـل عـشـية يقلبها فـي دوحة الـحـب مـيال
يسح عليها الغيث من كـل جـانـب يسح وفيها الماء أزرق سـلـسـال
ويعقـبـه زهـر الـربـيع كـأنـه زرابي فيها للـنـمـارق تـسـآل
وقفت بها والدمـع مـنـي كـأنـه على صحن خدي والمحاجر سلسال
أسائلهـا أين الـذين قـتـلـنـنـي؟ وهل ينفع الصب المتـيم تـسـآل؟
فقالت حوتهـن الـهـوادج بـكـرة وسار بهم عنـا حـداة وأجـمـال
حضرت أجيل الطرف في البر حائر [وما كان فيهـا سـاكـن] نـزال
ومن بعد حين لاح لي بعض بلغتـي وأهلي نشج والنشج يرفـعـه الآل
فهللت ضحـاكـا وأيدت نـاظـري إلى هودج من فوقه الخز مفضـال
وقلت لحادي العيس هل أنت مخبـر لمن هذه الظعن التي هي مـهـدال
فقال لسلمى وهي شمـس مـنـيرة وبدر لها في الحي ضو[ء] وأجمال
فقلت لـه لـلـه درك مـن فـتـى خبير بما فيه الـسـرور وإقـبـال
وجئت إلى سلمى وأوقفت بكـرهـا ونوخته فانطاع لـي وهـو مـذلال
وحين رفعت الحجب بيني وبـينـهـا فمدت إلي الطرف والطرف مكحال
وقالت حبيبي ما الذي أنـت طـالـب فقلت لها من لي إلى الوصل إبلال
فقالت ترى أهلي وقومي وجـيرتـي رجال يرومون المسير إذا قـالـوا
إذا ما حططنا عن ظهور مـطـينـا تعال إلينا والـحـواسـد غـفـال
صبـرت إلـى أن خـالـط الـنـوم روسـهـــم وعـادوا كـأمـثـال الـسـكـارى إذا مـالــوا
وجـيت إلـيهـم ثـم دسـت رقــابـــهـــم ولو علـمـوا قـطـعـت بـالـسـيف أرطـال
إلـى أن أتـيت الـخـدر وهـي كـأنـــهـــا لفـي الـلـيل مـصـبـاح يضـيء لـقـفـال
وصـرت أدير الـزنـد مـن فـوق ردفــهـــا كمـا دارت الأحـقـاب يومـا بـأجــمـــال
فقـالـت دع الـفـحـشـاء إنـــي غـــريبة وأنـت أتـيت الآن لـم يعـلـم الـــخـــال
فقـلـت لـهـا سـمـعـا لـــديك وطـــاعة فمـا بـغـيتـي غـير الـحـديث مـع الـقـال
وبـتـنـا عـلـى عـيش هـنـــيء وعـــفة إلـى أن أتـانـا الـصـبـح يركـد مـرســال
فقـالـت وقـالـت ويلـتـا ثــم ويلـــتـــا لقـد جـاءنـا الـصـبـح الـذي هـو فــلال
فقـلـت لـهـا قـري فـقـومـك هــجـــع على حالهـم فـي نـومـهـم وكـمـا حـالـوا
فقالوا فخذ مني ثيابي ومعجزي وخلخالي كأنك سلال
فقمت إلى أثوابها فخلعتها وخليتـهـا فـي خـدرهـا وهـي مـعـضـال
وجـئت إلـى بـكـري هـنـيئا مـسـلـمـــا فلـلـه فـي الـحـاء والـمـــيم والـــدال
وقال امرؤ القيس أيضاً: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الملك بن عمرو المقصور الذي اقتصر على ملك أبيه ابن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن مرتع. وقال قوم ابن معاوية بن ثور بن مرتع، وإنما سمي مرتعا لأنه كان من أتاه من قومه رتعه أي جعل له مرتعا لماشيته وهو عمرو بن معاوية بن ثور وهو كندة بن عفير لأنه كفر أباه نعمته، ويكنى أبا الحارث، ويكنى أيضا أبا ذهب وأبا زيد. وقيل اسمه حندج ولقبه امرؤ القيس.
رويت عن ابن الكلبي أخبار تفيد الشك في نسبة هذه القصيدة أو بعضها إلى امرئ القيس، فقد روى البطليوسي عنه أن أعراب كلب ينشدونها لابن خذام. وروى أبو أحمد العسكري عن أبي حاتم عن ابن الكلبي أنه كان يقول: سمعت رواة أعاريب كلب، وعلماءها يذكرون أن أبياتا من أول هذه القصيدة لابن خذام، وأن ابن خذام هذا أول من بكى في الديار.
وروى ابن حزم عن ابن الكلبي أيضا أن أعراب كلب إذا سئلوا بماذا بكى ابن حمام الديار؟ أنشدوا خمسة أبيات متصلة من أول "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" ويقولون: إن بقيتها لامرئ القيس.
وابن خذام هو ابن حزام وابن حمام.
هذه المعلقة هي أشهر المعلقات الجاهلية وأكملها دربة فنية وأقصاها بعدا نفسيا يقص فيها نفسه في عواطفه، وخواطره وتأملاته، باكيا طلل الحبيبة، ذاكرا أيام لهوه ومجونه مع صواحبه، متأرجحا بين الذكرى الوجدانية والشهوة الإباحية، ويتدرج في ذلك إلى وصف تسلله إلى مخدع حبيبته، مستحضرا لها صورة جمالية مستمدة من معالم الطبيعة في جمادها ونباتها، وحيوانها، خالعا عليها صفة الكمال والمثال، ومن مناجاة الحبيبة، ووصفها، يعرض لليل فإذا هو دليل حسي نفسي يمتزج فيه العالم الداخلي بالعالم الخارجي، ويتحد سواد الليل بسواد الهموم، بعد أن يتمثله على حدقة الخيال.
ويصف الفرس أيضا بأوصاف معينة في الدقة والجزئية، وفرسه هو أبدا مطية للصيد واللهو وفي هذه القصيدة إلمام بحركات الطبيعة وتنفساتها، وثورة عناصرها، ينظر إلى البرق والمطر الذي سرعان ما يتحول إلى سيل يبعث الخراب والدمار مقتلعا الأشجار، هادما البيوت، مخلفا أثره ما يخلف الطوفان].
المعلقة
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجته من جنوب وشمـال
توضح والمقراة موضعان، ويقال المقراة: غدير يجتمع فيه الماء، قريت الماء: إذا أنت جمعته، والمقراة أيضا الجفنة تتخذها العرب للطعام والشمأل والشمال والشمل واحد.
[رخاء تسح الريح في جنبـاتـهـا كساها الصبا سحق الملاء المذيل]
[ترى بعر الآرام في عرصاتـهـا وقيعانها، كأنه حـب فـلـفـل
كأني غداة البين يوم تـحـمـلـوا لدى سمرات الحي ناقف حنظل]
وقوفا بها صبحي علي مـطـيهـم يقولون لا تهلك أسى وتجـمـل
وقوف جمع واقف وهو نصب على الحال.
فدع عنك شيئا قد مضى لسبيلـه ولكن على ما غالك اليوم أقبل
وقفت بها حتى إذا مـا تـرددت عماية محزون بشوق موكـل]
وإن شفائي عـبـرة مـهـراقة فهل عند رسم دارس من معول
كدأبك من أم الحويرث، قبلـهـا وجارتها أم الرباب بـمـأسـل
أي كعادتك والمعنى أصابك من هذه المرأة واسمها هرأم الحارث بن ضمضم الكلبي وأم الرباب.
وتذكرك أهلها كما لقيت من أم الحويرث وجارتها. وقال أبو عبيدة أي كحالك وعادتك ومأسل اسم جبل وقيل موضع من كلب أيضا من التعب والنصب كما أصابك من هاتين المرأتين وفيه معنى آخر أن يكون قد لقيت من وقوفك على هذه الديار.
إذا قامتا تضوع المسك مـنـهـمـا نسيم الصباحات جاءت بريا القرنفل
هذا البيت لم يروه الأصمعي، ومعنى تضوع أي أخذ كذا وكذا، يقال للفرخ إذا سمع صوت أمه تتحرك قد ضاع صوت أمه يضوع ضوعا، والنسيم الريح اللينة الهبوب، ونصبه لأنه قام مقام نعت لمصدر محذوف والتقدير، إذا قامتا تضوع المسك إليك منهما تضوعا مثل نسيم الصبا ومثله قول الحجاج:
تاج طواه الأين مما رجفا طي الليالي زلفا فزلفا
أي طيا مثل طي الليالي، وريا الرائحة الطيبة، ويروى إذا التفتت نحوي تضوع ريها.
ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر بل دمعي محملي
فاضت: سالت. الصبابة رقة الشوق، والمحمل السير الذي يحمل به السيف والحمايل ولم يسمع بواحدة، والصبابة منصوبة على المصدر، وهو مصدر في موضع الحال، كما تقول جاء زيد مشيا أي ماشيا ونحو قوله تعالى (أصبح ماؤكم غورا) أي غائرا، ويجوز أن يكون نصب صبابة على أنه مفعول من أجله كما تقول جئتك لابتغاء العلم أي من أجل ابتغاء العلم، وأنشد سيبويه لحاتم طيء:
ألا رب يوم صالح لك منهما ولاسيما يوم بدارة جلجـل
السي: المثل يقال هما سيان أي مثلان. وسيما يخفف ويشدد ونصب سيما بلا. ويجوز أن يكون مبنيا مع لا لأن لا تبنى مع المضاف، لأن سي مشبهة بالحروف، ولا تقع الإضافة في الحروف، فلو أضفت إليهن لأزال البناء وأصله سي مشدد.
وحكى الأخفش تخفيفه وخفض ما بعده فإنه جعل ما زائدة للتوكيد ويجوز فيه الرفع على إضمار هو ومن خفض فإضافة سي إليه، وما صلة في سيما ويجوز على البدل من رب يوم، والدارة والدار واحدة، جلجل موضع من الحمى قال أبو عبيدة والأصمعي هي في الحمى، قال هشام هي عند غمر كندة.
ويوم عقرت للعذارى مطيتي فيا عجبا من رحلها المتحمل
الرحل: القتب.
[ويا عجبا من حلها بعد رحلها ويا عجبا للجازر المتبـذل]
فظل العذارى يرتمين بلحمهـا وشحم كهذاب الدمقس المفتل
شرح 16 من المخطوطة: يرتمين، يتهادين به. وينادي بعضهن بعضا، والهداب قال الأصمعي هو الهدب والدمقس الحرير الأبيض والمفتل المفتول.
[تدار علينا بالسديف صحافـهـا ويؤتى إلينا بالعبيط المثـمـل]
ويوم دخلت الخدر خدر عنـيزة فقالت لك الويلات إنك مرجلي
الخدر: هو الهودج، الويلات جمع ويلة، وعنيزة اسم امرأة من بني كندة، ويقال موضع. إنك مرجلي أي تعقر بعيري، فتدعني راجلة أمشي ونصب خدر عنيزة على البدل من الخدر.
تقول وقد مال الغبيط بـنـا مـعـا عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
وقال الأصمعي: إنما قال بعيري ولم يقل ناقتي لأنه كما قال فأجاز الناقة على الذكور لأنها أقوى والبعير يقع على المذكر والمؤنث والغبيط قتب.
وقال أبو عمرو الشيباني الغبيط: الهودج بعينه.
وقال غيرهما مركب من مراكب النساء. معا منصوب لأنه في موضع الحال، وأما قولك جئت معه قال سيبويه نصبها بالألف لأنه ظرف وقال سيبويه سألت الخليل عنه قال لأنه كثر استعمالهم لها مضافة فقالوا جئت معه وجئت من معه، فصارت بمنزلة أمام يعني إنها ظرف.
فقلت لها سيري وأرخي زمامه لا تبعديني من جناك المعلـل
قال الأصمعي جعلها بمنزلة ثمرة الشجرة فجعل لها ما للشجرة من رائحة، وحديثها بمنزلة ما يصيب من رائحة الشجرة وثمرتها، والمعلل بفتح اللام الذي قد عل بالطيب والمعلل بكسر اللام الشاغل ويقال الملهي.
[دعي البكر لا ترثي له من ردافنا وهاتي أيقينا جناة القـرنـفـل
بثغر كمثل الأقـحـوان مـنـور نفي الثنايا أشنب غـير أثـعـل
فمثلك جبلى، قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم مـحـول
يعني ولدا ذا تمايم وهي العود، وروى الأصمعي وأبو عبيدة عن ذي تمايم مغيل يقال اغتيلت المرأة فهي مغيلة، ومغيل، ومغيل والولد مغيل، إذا أرضعت ولدها وهي حبلى أو وطئت، وهي ترضعه يقال: أغالت، وأغيلت، إذا سقط ولدها غيلا والغيل أن ترضع على حمل أو تؤتى أمه، وهي ترضعه.
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لـم يحـول
وروى أبو عبيدة انحرفت له بشق وشق عندنا لم يحول أي لما قبلها أقبلت تنظر إليه وإلى ولدها فأمالت طرفها إليه وخدها تحته.
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت علي وآلت حلفة لم تحـلـل
تعذرت: تمنعت، يقال تعذر فهو متعذر وعذر فهو معذر إذا تعلل بالمعاذير ومنه قوله تعالى (وجاء المعذرون) أي الذين يأتون بالعلل وقيل معناه المعتذرون وأسكنت التاء ودغمت في الذال لقرب المخرج ومن قال المعتذرون فهذا معناه وأسكنت التاء لأنها جاءت بعد العين والعرب تبدل التاء بعدها حسب الحرف الذي يليه، المعذرون أي الذين جاءوا بالعذر وآلت من العذر أي لم يجدها على ما يريد ونصب يوما بتعذرت والكثيب الرمل المجتمع المرتفع على غيره.
أفاطم مهلا بعـض هـذا الـتـدلـل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
يقال أزمعت عن الأمر، وعزمت عليه وأجمعت عليه سواء، والصرم القطيعة، وقوله فأجملي أي في اللفظ، وقال أبو عبيدة: أفاطم أبقي بعض هذا التدلل.
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
الخليقة: الخلق، والثياب: كناية عن اللقب، نسل ريشه ينسله: إذا رماه. أي أخرجي قلبك من حبي تنسل أي تبين.
أي أغرك مني أن أحبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
الغر الذي لم يجرب الأمور وقال:
يا رب مثلك في النساء غريرة بيضاء قد متعتها بـطـلاق
تأمري جزم بالشرط وعلامة جزمه سقوط النون ويفعل جزم بالمجازاة وكسر اللام للقافية وحقها في الكلام السكون.
[وأنك قسمت الفؤاد فنصفـه قتيل ونصفا بالحديد مكبـل]
وما ذرلفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار مقتـل
أي ما بكت عيناك إلا لتجرحي قلبا معشرا، أي مكسرا، يقال برمة أعشار وبقدح أعشار، إذا ما كان قطعا ثم جبرت.
قال الأصمعي: إنما هذا مثل للأعشار والجزور وهي تنقسم على عشرة أنصباء وقوله بسهميك يريد المعلى وله سبعة أنصباء، والرقيب وله ثلاثة أنصباء، فأراد أنك ذهبت بقلبي أجمع، واعلم أن قداح الميسر عشرة، أولها الفذ ثم التوأم ثم الرقيب ثم الحلس بالحاء ثم النافس ثم المسبل والمعلى ثم الوغد ثم السفيح ثم المنيح. فالفذ له نصيب إذا فاز والتوأم له نصيبان وهكذا إلى المعلى وهو السابع وله سبعة أنصباء وثلاثة لا نصيب لها وإنما يتكثر بهذه القداح.
واجتمع لها منهم من العين ثم السفيح والمنيح والوغد، وربما سموا المنيح أحد هذه التي لها الأنصباءش وذلك أن يمنحنه من صاحبه لما عرف من فوز قال الشاعر:
إذا امتحنته من معد عـصـابة غدا ربها قبل المغيضين يقدح
أي ثقة بفوزه وهذا كما قال امرؤ القيس:
إذا ما ركبنا قال ولدان قـومـنـا تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب
وصفة الميسر أن العرب كانت تفتخر به وتعده من مكارم الأخلاق، وتفعله في سنة الجدب لأنهم يطعمون ما يقمرون من اللحم، ويخسرون ثمنه وذلك بأنهم ينحروق الناقة ويقسمونها على عشرة سهام وقيل على أربعة وعشرين.
ثم يأتي واحد بقدحه وقد أصلحه وملسه، ليسرع في الخروج، وقد أعلمه كما قال به علمان من أمام ومن عقب ثم يجعلونها في خريطة ضيقة الفم لا يكاد يخرج منها تسمى الرمانة، فيضعونها على يد رجل عدل عندهم يسمى المجد والمقبض ثم يحملها. ومعنى البيت: أنها ذهبت بقلبي أجمع والمقتل المذلل المنقاد على التشبيه ويقال قلب معشر أي مكسر.
وبيضة خدر لا يرام خبـاؤهـا تمتعت من لهو بها غير معجل
شبهها بالبيضة لصفائها ورقتها والخباء ما كان على عمودين أو ثلاثة والعرب يجعلونها على ستة أعمدة إلى تسعة. غير معحل: غير خائف على مهل.
تجاوزت أحراسا إليها ومعشـرا علي حراصاً لو يسرون مقتلي
أي هم حراص على إسرار مقتلي، ويروى ينشرون مقتلي بالشين المعجمة أي يظهرون ويسرون بالسين المهملة من الأضداد، يقال أسررت الشيء أظهرته، وأسررته: أخفيته وقال الشاعر:
ولما رأى الحجاج جـرد سـيفـه أسر الذي كان الحروري أضمرا
أي أظهر الحروري، والمعشر بنو عمها وعشيرتها.
إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفضل
ويروى المفصل الوشاح هو ما يعمل من كل لون، والمفصل الذي فيه فصل الزبرجد وأثناء الوشاح نواحيه، وواحد الأثناء ثنيء، وثني وثنو، وتعرض نصب على المصدر.
فجئت وقد نضت لنوم ثيابهـا لدى الستر إلا لبسة المتفضل
لدى بمعنى عند، نضت: سلخت، ولبسة المتفصل: ثوبها الذي يلي جسدها، وقال بعض المفسرين لهذا البيت معنى قوله إلا لبسة المتفضل: يعني ما جعل الله من الحسن والمتفضل هو الله وهو وجه حسن، والفضلة الثياب تبتذل للنوم، والعمل، والمتفضل الذي يبقى في ثوب واحد لينام فيه أو يعمل عملا، واسم الثياب المتفضل ويقال للأول من الثياب فضل أيضا وأما المفضل فهو الإزار الذي ينام فيه.
وليست تكون للحال، ما أحسن بالكسر لبسته وقعدته فإن أردت المرة الواحدة قلت ما أحسن لبسته وقعدته بالفتح.
فقالت يمين الله مـا لـك حـيلة وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
يمين الله منصوبة بمعنى إني حلفت بيمين الله فلما ألغى نصب وأسقط الحرف فتعدى بالفعل، ويروى يمين الله بالرفع على الابتداء، واليمين محذوف: أي يمين الله قسمي أو علي، وإن في قوله ما إن أرى عنك الغواية تأكيد لما على الغواية تنجلى من غوى غواية وتنجلي: تنكشف، وجليت الشيء كشفته.
وروى الأصمعي وما إن أرى عنك العماية تنجلي والعماية مصدر عمي قلبه يعمى عماية وعمى. ومعنى البيت: إنها خافت أن يظهر عليهما ويعلم بأمرهما. فالمعنى ما لك حيلة في التخلص، ويجوز أن يكون المعنى ما لك حيلة فيما قصدت له.
فقمت بها أمشي تجر وراءنـا على إثرنا أذيال مرط مرحل
ويروى على أثرينا ذيل مريط، ويروى خرجت بها، والأذيال جمع ذبل، والمرط: كساء من خز معلم، والأثر والإثر واحد، والمرحل بالحاء المهملة الذي فيه صور الرجال من الوشي. ويقال ضرب من البرود الموشاة.
ويقال للمرحل: المعلم، ويروى المرجل بالجيم أي علية أنملة الرجال من الوشي، وهو النقش،وقوله أمشي في موضع النصب على الحال، ومعنى البيت: إنها لما أنب قالت له ما لك حيلة فخرج بها إلى الخلوة.
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحـى بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
أجزنا وجزنا بمعنى واحد، وقال الأصمعي أجزناه قطعناه وخلفناه، وجزنا: سرنا فيه، والساحة: الباحة الفجوة، والغروة والنالة فناء الدار.
يقال هي الرحبة كالعرصة، وهو ما اتسع من الأرض، وانتحى: ناء. الخبت بطن من الأرض غامض. ويروى بطن حقف والحقف ما اعوج من الرمل، وانثنى وجمعه أحقاف، والحقف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا.
ويروى ذي ركام والركام ما يركب بعضه بعضا من الكثرة، والعقنقل المعقد الداخل بعضه في بعض، وعقنقل الضب بطنه المنعقد، وهو كشيته وبيضه، وشحمه من أصل حلقه إلى رفغه.
وجواب فلما أجزنا هصرت.
هصرت بفودي رأسها فتمايلت لي هضيم الكشح ريا المخلخل
وزعم بعضهم أن جواب لما قوله انتحى بنا والواو مقحمة، ويجوز أن تكون الواو غير مقحمة والجواب محذوفا تقديره: فلما أجزنا ساحة الحي أمنا. وعلى هذا الوجه تكون رواية البيت الذي يليه، إذا قلت هاتي نوليني تمايلت، ويروى مددت بغصني دومة، ودومة شجرة والفوادان جانبا الرأس. وهما القرنان أيضا والقرون أيضا غدائر الرأس سميت بذلك لمنبتها على قرون الرأس، ومعنى هصرت جذبت وثنيت، والكشح ما بين منقع الأضلاع إلى الورك، والهضيم: الضامر. والريا الممتلئة، من اللحم، والمخلخل: موضع الخلخال. يصف رقة خصرها وعبالة ساقيها. وهضيم منصوب على الحال، وكذلك ريا المخلخل.
ومن روى إذا قلت هاتي نوليني فتكون إذا ظرف وتمايلت هو الجواب، وإذا من حروف الشرط، وشبهها بها أنها ترد الماضي إلى المستقبل. ألا ترى أنك إذا قلت: إذا قمت قمت معناه إذا تقوم أقوم، وأيضا فلأنه لا بد لها من جواب كحروف الشرط لأنه لا يليها إلا فعل، فإن وليها اسم أضمرت فعلا كقول الشاعر:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر
والتقدير إذا بلغت ابن أبي موسى، وروى سيبويه إذا ابن أبي موسى بالرفع، وزعم أبو العباس أن هذا غلط، أن يرفع ما بعد إذا الابتدائية، ولكنه يجوز الرفع عنده بتقدير إذا بلغ ابن أبي موسى. والخليل وأصحابه يستقبحون أن يجاز. وأما إذا وإن كانت تشبه حروف المجازاة في بعض أحوالها، فإنها تخالفهن بأن ما بعدها يقع موقتا لأنك إذا قلت لابنك إذا احمر الأقحوان فهو وقت بعينه. وكذلك (إذا السماء انشقت) وقت بعينه، ولهذا قبيح أن يجازى بها إلا في الشعر قال الشاعر:
يرفع لي خندف والله يرفع لي نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد
وهضيم عند الكوفيين بمعنى مهضومة فلذلك كان بلا هاء وهي عند سيبويه على النسب، وأراد بالكشح: الكشحين كما تقول كحلت عيني تريد عيني وريا فعلى من الري وهو إنهاء شرب العطشان، ومعنى البيت أنه إذا قال لها نوليني تمايلت عليه مكتنزة اللحم.
[إذا التفتت نحوي تضوع ريحهـا نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل]
مهفهفة بيضاء غـير مـفـاضة ترائبها مصقوله كالسجنـجـل
المهفهفة: الخفيفة اللحم التي ليست برهلة ولا ضخمة البطن، والمفاضة المسترخية البطن من قولهم حديث مستفيض، وقيل مهفهفة معناه أنها لطيفة الخصر والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من الصدر.
والسجنجل: المرآة قال يعقوب هذا حرف رومي وقيل سبيكة الفضة.
ورواية أبي عبيدة مصقولة بالسجنجل، وقيل السجنجل الزعفران وقيل ماء الذهب ومهفهفة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف والكاف في قوله كالسجنجل في موضع رفع نعت لقوله مصقولة، ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون نعتا لمصدر غدون، كأنه قال مصقولة صقلا كالسجنجل، وإنما يصف المرأة بحداثة السن. وجمع السجنجل سجاجل، ومن رواه بالسجنجل فالجار والمجرور في موضع نصب.
تصد وتبدي عن أسيل وتتـقـي بناظرة من وحش وجرة مطفل
أي تعرض عنا وتبدي عن خد أسيل ليس بكز ولا بمكثف، وتتقي تلقانا بناظرة يعني عينها، والوحش ها هنا البقر الوحشي، والظباء، وجرة موضع، ويقال أراد الظباء فقط.
ويروى تصد وتبدى عن شنيب أي ثغر شنيب، والشنيب [والأشنب حدة الأسنان] وذات طفل: قال الفراء لم يقل مطفلة لأن هذا لا يكون إلا للنساء فصار عنده مثل حائض وهو على مذهب سيبويه على النسب كأنه قال ذات طفل، والدليل على صحة قوله أنه يقال مطفلة إذا أردت أن يأتي به على قولك هي أطفلت فهي مطفلة ولو كان يقع للمؤنث لا يشركه فيه المذكر ولا يحتاج إليه الهاء فيه ما جاز مطفلة قال تعالى: (تذهل كل مرضعة عما أرضعت).
وقوله بناظرة أي بعين ناظرة قال ابن كيسان: كأنه قال بناظرة مطفل من وحش وجرة غلط فجاء بالتنوين كما قال الآخر:
رحم الله أعظما دفنـوهـا بسجستان طلحة الطلحات
تقديره رحم الله أعظم طلحة، فنون ثم أعرب بإعراب أعظم والأجود إذا فرق بين المضاف والمضاف إليه إلا ينون كقوله:
كأن أصوات من إيغالهن بـنـا أواخر الميس إنقاض الفراريج
كأنه قال: كأن أصوات أواخر الميس.
وفي بيت امرئ القيس تقدير أحسن من هذا وهو أن يكون التقدير بناظرة من وحش وجرة ناظرة مطفل، ويحذف ناظرة ويقيم مطفلا مكانه وكذلك قوله طلحة الطلحات كأنه قال أعظم طلحة الطلحات.
ومعنى الشنيب لها ثغر حيثما تأتي تبتسم، فيبدو لنا ثغرها، وتتقي أي تتلقانا به والإعراض عنا بملاحظتها كما تلاحظ الظبية ولدها وذلك أحسن ما يكون من غنج المرأة، والصد الاعراض، والإبداء: الظهور، والأسالة امتداد وطول في الخد، أي بناظر من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال من ظبية مطفلة ومهاة مطفل، وفي قوله وجرة حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل
نصته: رفعته، والمعطل الذي خلي حليه، والفاحش: الكريه، وليس بفاحش أي ليس بكريه المنظر، وهو نحرها.
وفرغ يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
الفرع الشعر التام وأعلى كل شيء فرع، والمتن والمتنة ما يلي يمين الصلب وشماله من العصب واللحم، والفاحم الشديد السواد، مشتق من الفحم يقال هو فحم بين الفحومة، والأثيث: الكثير، والمتعثكل: الداخل بعضه في بعض واحدة عثكول وعثكال كشمروخ وشمراخ، وقد يكون العثكال والعثكول في اللغة بمعنى طعمة من القنو، والنخلة المعثكلة التي خرج عناقيدها أي قنواتها، وقيل المتعثكل المتدلي.
يقول: تبدي عن شعر طويل نام يزين ظهرها إذا أرسلته عليه ثم شبه ذوائبها بقنو نخلة أخرجت قنواتها والذوائب تشبه العناقيد.
غدائره مستشزرات إلى الـعـلا تضل العقاص في مثنى ومرسل
أصل الشزر: الفتل على غير الجهة والشيء أدبرت به عن صدرك فهو الدبير، والبسر ما أقبلت به على صدرك وهو القبيل، والانشزار الرفع والارتفاع جميعا يكون لازما ومتعديا فمن رواه مستشزرات بكسر الزاي جعله لازما، ومن رواه بفتحها جعله متعديا، والعقاص جمع عقيصة وهو ما جمع من الشعر، ففتل تحت الذوائب وهي مشطة معروفة، يرسلون فيها بعض الشعر، ويثنون بعضه، فالذي فتل بعضه على بعض هو المثنى والمرسل: المسرح غير المفتول فذلك قوله في مثنى ومرسل.
ورواية ابن الأعرابي مستشزرات بكسر الزاي أي مرتفعات، ويروى يضل العقاص بالياء على أن العقاص واحد.
قال ابن كيسان هو المذري فكأنه يستتر في الشعر لكثرته، وأما العقيصة: الخصلة المجموعة من الشعر، والجمع عقيص وعقاص وعقائص ويروى تضل المذاري أي من كثافة شعرها، والمذري مثل الشوكة يصلح بها شعرها.
وكشح لطيف كالجديل مخصر وساق كأنبوب السقي المذلل
اللطيف أراد به الصغير الحسن، والعرب إذا وصفت شيئا بالحسن جعلته لطيفا والجديل زمام من السيور مجدول ومفتول فيجيء حسنا لينا ينثني مشتقا من الجدل وهو شدة الخلق، ومنه الأجدل والمجادلة والأنبوب البردي الذي ينبت وسط النخلة، والسقي النخل المسقي، كأنه قال كأنبوب النخل المسقي والمذلل فيه أقوال: أحدها أنه الذي تثنيه أدنى الرياح لنعومته يقال نخل مذلل إذا امتدت أقناؤها، فاستوت شبه ساقها ببردي قد نبت تحت نخل، والنخل تظله الشمس، وذلك أحسن ما يكون منه. وقيل معنى المذلل له الماء وقيل المذلل الماء الذي خاضه الناس.
وقيل المذلل الذي قد عطف ثمرة ليجتني والأنبوب الكعب من القصب.
ويضحي فتيت المسك فوق فراشها نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
أي ما تحات عن جلدها في فراشها، وقيل كأن به المسك من طيب جسدها، لأن أحدا لها فيها مسكا. واحتج بقوله وجدت بها طيبا وإن لم تطيب، وقوله ويضحي أي ويدخل في الضحى، يقال أظلم إذا دخل في الظلام، ولا يحتاج هذا إلى خبر، ونؤوم منصوب على أعني وفيه معنى المدح ولا يجوز نصبه على الحال.
ألا ترى أنك إذا قلت جاءني غلام هند مسرعة لم يجز أن تنصب مسرعة على الحال من هند إلا على حيلة، والعلة في هذا أن الفعل لم يعمل في هذا شيئا، والحيلة التي يجوز عليها أن معنى جاءني في غلام هند فيه معنى تحثه فتنصبه وروى نؤوم على معنى هي نؤوم ويجوز نؤوم على البدل من الضمير الذي في فراشها، والضحى مؤنثة تأنيث صيغة ولا تعد فيه (ألف تأنيث) فإنها بمنزلة (موسى) وتصغير ضحى ضحي، والقياس ضحية إلا أنه لو قيل ضحية لأشبه تصغير ضحوة والضحى قبل الضحاء والانتطاق: الائتزار (للعمل) والمهنة.
ويجوز نصب نؤوم على المدح ومعنى عن تفضل أي بعد تفضل.
وقال أبو عبيدة: أي لم تنتطق، فتعمل وتطوف ولكنها تتفضل ولا تنتطق، وقيل التفضل هو التوشح وهو لبسها أدنى ثيابها، والانتطاق؛ الائتزار للعمل. يريد أنها مخدمة منعمة تخدم ولا تخدم والاضحاء مصادفة الاضحاء، وتقول رجل نؤوم وامرأة نؤوم ومنه توبة نصوحا.
وتعطو برخص غير شئن كأنـه أساريع ظبي في مساويك إسحل
الإعطاء: المنادلة، والمعاطاة الخدمة، والتعطية مثلها، برخص أي ببنان رخص، والرخص اللين الناعم، وغير شئن أي غير كز غليظ خشن، والأساريع جمع أسروع ويسروع دود يكون في البقل والأماكن الندية، يشبه النساء، وظبي اسم كئيب وهو الجبل من الرمل، وقيل الأساريع دواب تكون في الرمل وقيل في الحشيش، ظهورها ملس مثل سحم الأرض، ويقال يساريع وقيل هي دواب تسمى بنات التقى: بفتح التاء والأسحل شجر له أغصان ناعمة شبه أناملها بأساريع أو مساويك للينها.
تضيء الظلام بالعشاء كأنها منارة ممسى راهب متبتل
أي في العشاء: أي كأنها سراج منارة وقيل هي على غير حذف، والمعنى إن منارة الراهب تشرق بالليل إذا أوقد فيها قنديلة، والمنارة مفعلة، وخص الراهب لأنه لا يطفى سراجه والجمع منائر ومناور لغتان شاذتان لا يقاس عليهما بكسر الميم وفتحها وممسى راهب إي إمساء راهبن والتبتل الانقطاع عن الناس للعبادة ومتبتل صفة للراهب ومعنى البيت إنها وضيئة الوجه إذا ابتسمت بالليل رأيت لثناياها بريقا وضوءا وإذا برزت في الظلام استنار وجهها وظهر جمالها حتى يغلب ظلمة الليل.
إلى مثلها يرنو الحلـيم صـبـابة إذا ما اسبكرت بين درع ومجول
يرنو: أي يديم النظر، الصبا رقة الشوق، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله واسبكرت امتدت وتمت، ويقال سفر مسبكر للمنبسط. قال أبو عبيدة المسبكر التام الممتلى، يقال اسبكرت إذا تم شأنها والمراد به تمام شبابها. بين درع ومجول أي سنها بين من يلبس الدرع وبين من يلبس المجول لأن الدرع للنساء، والمجول للصبايا، والدرع ثوب مهذب لا تكف أسافله، والمجول: الرداء وقيل الثوب الأبيض، وقيل الوشاح والإزرار، أي أنها بين الكبيرة التي تلبس الدرع وبين الصغيرة التي تلبس المجول أي ليست بصغيرة ولا بكبيرة بل هي بينهما وإلى تتعلق بيرنو.
كبكر المقاناة البياض بصفرة غذاها نمير غير محـلـل
البكر هنا أول بيض النعام، أي أول بيضة قد تبيضها النعامة، وبكر كل شيء أوله والمقاناة المخالطة، يقال قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر. وما يقانيني فلان أي ما يشاكلني، وهي في البيت المقاناة دون المصدر، والنمير الماء الناشئ في الجسد، وقيل النمير العذب، ويقال النمير الذي ينجع في الشارب وإن لم يكن عذبا لأنه ليس كل عذب نميرا.
ومن روى محلل بكسر اللام أراد أنه ينقطع سريعا، وغير منصوب على الحال، وتقديره كبكر البيض المقاناة، وأدخل الهاء لتأنيث الجماعة، كأنه قال كبكر جماعة البيض ونصب البياض على أنه خبر ما لم يسم فاعله واسم ما لم يسم فاعله مضمر والمعنى كبكر البيض الذي قوني هو البياض كما تقول مررت بالمعطي الدرهم.
ومن روى البياض بالجر شبهه بالحسن الوجه وفيه بعد لأنه شبه بما ليس من بابه وقد أجازوا بالمعطى الدرهم.
وغير هذا قال ابن كيسان ويروى كبكر المقاناة بياضه وجعل الألف واللام مقام الهاء ومثله قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هذا مأواه وهذا كأنه مقيس على قول الكوفيين لأنهم يجيزون مررت بالرجل الحسن الوجه أي الحسن وجهه يقيمون الألف واللام مقام الهاء.
وقال الزجاج بالرجل هذا خطأ لأنك لو قلت مررت بالرجل الحسن الوجه لم يعد على الرجل من نعته شيء وأما قولهم إن الألف واللام بمنزلة الهاء فخطأ لأنه لو كان هذا هكذا لجاز زيد الأب منطلق تريد أبوه منطلق، وأما قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هي المأوى له ثم حذف ذلك لعلم السامع ومعنى البيت أنه يصف أن بياضها تخالطه صفرة والآخر أنها حسنة الغذاء، وقيل أراد بالبكر هنا الدرة التي لم تثقب. وهكذا لون الدرة. ويصف أن هذه الدرة بين الماء الملح والعذب فهو أحسن ما يكون، فأما على القول الأول، فإن غذاها يكون راجعا إلى المرأة أي نشأت بأرض مريئة.
تسلت عمايات الرجال عن الصبا وليس فؤادي عن هواها بمنسلي
يقال سلا يسلو سلوا إذا خلا أي زال حبه عن قلبه، والعماية والعمى واحد والفعل عمي يعمى، وزغم الأكثرون في البيت قلبا تقديره: تسلت الرجال عن عمايات الصبا: أي خرجوا عن ظلماته، وليس فؤادي خارجا عن هواها.
وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد أي انكشف، وبطلت صبايات الرجال بعد صباهم ويروى عن هواك، وعن صباه، والصبا أن يفعل فعل الصبيان، يقال صبا إلى اللهو يصبو صباء وصبوا، والعمايات جمع عماية وهي الجهالة ومنسلي منفعل من السلو وعن الأولى متعلقة بتسلت والثانية بمنسل وليس فؤادي عن هواه.
ألا رب خصم فيك ألوى رددته نصيح على تعذاله غير مؤتل
الألوى: الشديد الخصومة، كأنه يلتوي على خصمه بالحجج، والتعذال: التفعال من العذل والتعذال والعذل بسكون الذال والعذل بفتحها واحد، وغير مؤتل غير مقصر في النصيحة والعذل، رددته، أي لم أقبل منه نصيحة، ومعنى غير مؤتل أي غير تارك نصحي بجهده، يقال ما ألوت أن أفعل كذا وكذا، وقد يكون مؤتل غير هذا من البيت، وائتليت به حلفت وقيل في قوله تعالى (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة) أي لا يحلف أولو السعة أن يؤتوا أولي القربى، ويجوز أن يكون المعنى، ولا يقصر أولو الفضل عن أن يؤتوا والخصم يقع للواحد والاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد، كما تقول رجل عدل،ورجال عدل فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتـلـي
قوله كموح البحر أي في كثافة ظلمته، وسدولة أطرافه، وقيل ستوره واحده سدل، سدل ثوبه إذا أرخاه، ولم يضمه، وقوله: بأنواع الهموم أي يطرد بها كالحزن والجزع ونحوه والباء بمعنى مع، ليبتلي أي لينظر ما عندي من الصبر، ويبتلي بمعنى ليختبر، ومعنى البيت أنه يخبر أن الليل قد طال عليه وسدوله ينتصب بمرخ وعلي تتعلق بمرخ وكذلك الباء بأنواع الهموم.
فقلت له لما تمطى بصلبـه وأردف أعجازا وناء بكلكل
تمطى: امتد، وروى الأصمعي لما تمطى بجوزه أي امتد بجوزه، والجوز: الوسط وأردف أعجازا أي رجع.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلـي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
إلا انجلي في موضع السكون وهو مبني على حذف الياء ووردت بإثبات الألف بقوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى) وبإثبات الألف أيضا في قوله.
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا
وبإثبات الياء في قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمـي بما لاقت لبون بني زياد
وبإثبات الواو في قوله:
هجوت زبان ثم جئت معـتـذرا من سب زبان لم تهجو ولم تدع
ومعنى البيت أنا معذب والليل والنهار عندي سواء.
الانجلاء هو الانكشاف كقوله [تعالى] (ولا يجليها لوقتها إلا هو) أي لا يكشفها ويروى: وما الإصباح منك بأمثل فمنك ينوي بها التأخير، لأنها في غير موضعها لأن حق "من"، أن تقع بعد أفعل.
وأما قولهم في قوله ناب فهو في مكان المعنى ناب منها بخبر فهو غلط، لأن الشيء إذا كان في موضعه لم يقدر في غير موضعه فحق من ارتفع بعد أفعل، وهي في موضعها والمعنى: إذا جاء الصبح فإني أيضا مهموم، وقيل معنى فيك بأمثل إذا جاءني الصبح وأنا فيك فليس ذلك بأمثل لأن الصبح قد يجيء والليل مظلم بعد، وفيك تتعلق بأمثل.
فيا لك من ليل، كأن نجومـه بكل مغار الفتل شدت بيذبل
معناه: كأن نجومه شدت بيذبل وهو جبل، والمغار المحكم الفتل، ويقال أغرت وفي قوله: فيا لك من ليل فيه معنى التعجب كما تقول فيا لك من فارس.
كأن الثريا علقت في مصامها بأمراس كتان إلى صم جندل
مصامها: موضعها، والأمراس الحبال، واحدها مرس، ويروى كأن نجوما علقت والجندل: الحجارة، والصم: الصلاب، وفيه تفسيران: أحدهما أنه يصف طول الليل بقول كأن النجوم مشدودة بحبال إلى حجارة فليست بمعنى.
ومصامها هو مواضع وقوفها وفي والياء وإلى متعلقة بقوله علقت.
والتفسير الثاني على رواية من يروي هذا البيت مؤخرا عند صفة الفرس بحيال كتان إلى صم جندل وشبه حوافره بالحجارة ويروى بعض الرواة ههنا أربعة أبيات وذكر أنها من هذه القصيدة وخالف فيها سائر الرواة وزعموا أنها لتأبط شرا.
وقربة أقوام جعلت عصامها على كاهل في ذلول مرجل
عصام القربة: الحبل الذي تحمل به، ويضعها الرجل على عاتقه وعلى صدره والكاهل موصل العنق والظهر يصف نفسه أنه يخدم أصحابه.
وواد كجوف العير قفر قطعتـه به الذئب يعوي كالخليع المعيل
فيه قولان: أحدهما أن جوف العير لا ينتفع منه بشيء، يعني العير الوحشي. والقول الثاني: إن العير ها هنا رجل من العمالقة كان له بنون، وواد خصب، وكان حسن الطريقة، فسافر بنوه في بعض أسفارهم فأصابتهم صاعقة فأحرقتهم، فكفر بالله، وقال: لا أعبد ربا أحرق بني، وأخذ في عبادة الأصنام. فسلط الله على واديه نارا والوادي بلغة أهل اليمن: الجوف فأحرقته فما أبقى له شيئا، وهو تضرب به الأمثال فيما لا بقير فيه. والخليع المقامر، وقيل هو الذي قد خلع عذاره، فلا يبالي بما ارتكب، وقيل الخليع المخلوع الذي خلعه قومه، إذا قتل لا يطلب بنو عمه بثأره، وإذا قتل لا يطالب بنو عمه بثأر من قتل، والمعتل الكثير الخطأ، والكاف منصوب بيعوي.
فقلت له لما عوى إن شأنـنـا قليل الغنى إن كنت لما تهول
أي أن كنت لم تصب من الغنى ما يكفيك، وقوله إن شأننا قليل الغنى أنا لا أغنى عنك، وأنت لا تغني عني، أي أنا أطلب وأنت تطلب فكلانا لا غنى له ومن رواه طويل الغنى أراد همتي تطول في طلب الغنى.
طرحت له نعلا من السبت طـلـه خلاف ندى من آخر الليل مخضل]
كلانا إذا مـا نـال شـيئا أقـاتـه ومن يحترث وحـرثـك يهـزل
أي إذا نلت شيئا أقته وكذلك أنت إذا أصبت شيئا أقته، ومن يحرث حرثي وحرثك أي يطلب مني ومنك لم يدرك مراده.
وقال قوم: من كان هذا فيه وطلبته مثل طلبتي وطلبتك في هذا الوضع مات هزالا لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد فهذه الأبيات الأربعة من الزيادات فيها.
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هـيكـل
أغتدي: أخرج غدوة، والطير ساكنة لم تطر، ويروى في وكراتها، والوكر حيث يسقط الطائر للمبيت أي موضعها التي تبيت فيها، والوكر أيضا: مواضع العش، والوكنات في الجبال كالتماريد في السهل واحدها تمراد وهو برج صغير للحمام الواحدة وكنة، وهي الوقنات أيضا وقد وكن الطائر يكن ووقن يقن ووكر يكر؛ إذا أوى إلى وكن. وقيل لا واحد لها فمن قال واحدها وكنة، جمع وكنة على وكنات، كما تقول غرفة وغرفات فهذا الجيد ليفرق بين الاسم والنفس فتقول في النعت حلو حلوات وفي الاسم الذي ليس بنعت وكنة وكنات وركبة ركبات وإن شئت أبدلت من الضمة فتحة فقلت ركبات، وإن شئت أسكنت لثقل الضمة فقلت وكنات وغرفات. وإن شئت أبدلت من الواو همزة فقلت أكنات ومثله [قوله تعالى] (إذا الرسل أقتت) وإنما هو الوقت وفيه القراءتان وقال أبو حاتم جمع وكرا على وكر ثم جمع وكرا على وكرات، وكذلك وكنات فهي جمع الجمع، والواو في الطير واو الحال والجملة في موضع نصب حال، يقول قد أغتدي في هذه الحال بفرس منجرد فأقام النعت مقام المنعوت أي قصير الشعر والأوابد الوحش، وكذلك أوابد الشعر وتقديره قيد الأوابد تقييد ذي الأوابد ثم حذف ذي الأوابد. والمعنى أن هذه الفرس من سرعته يلحق الأوابد فيصير لها بمنزلة القيد. وهذا الكلام جيد بالغ لم يسبقه إليه أحد والهيكل الضخم.
مكر مفر مقـبـل مـدبـر مـعـا كجلمود صخر حطه السيل من عل
أي يصلح للكر والفر، إذا أقبل حسن الإقبال وإن أدبر حسن الأدبار، وقوله معا أي عنده هذا وعنده هذا، كما يقال فارس راجل أي قد جمع هذين والجلمود الصخرة الملساء التي ليست بالكبيرة، وحطه أي حدره السيل بقوته، من عل أي من مكان عال، وفيه ثمان لغات تقول جئته من عل ومن عل ياهذا، ومن علو يا هذا، ومن علو، ومن علا وأنشد يونس.
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الـفـلا
ويقال حئتك من عال ومن معال، ومن معالى.
فمن قال: من علا، جعله نكرة، كأنه قال من موضع عال، ومن قال: من عل يا هذا فهو معرفة وتقديره من فوق ما تعلم، وقال سيبويه: فالمضارعة من علو قد حكوه لأنهم يقولون من عل فيجزونه، فمعنى هذا أن على عنده كان مما يجب أن لا يحرك، إلا أنه لما أشبه المتمكن أعطوه فضيله، وهي الحركة، واختير له الضم لأنه غاية الحركات.
وقيل: لأن الضم لا يدخل الظروف بحق الإعراب وإنما يدخلها الإعراب النصب والخفض، فيبنى على حركة ليست له، فصار من هذه الجهة بمنزلة قبل وبعد وهكذا القول فيمن قال من عل، ومن قال جئت من علو جعله نكرة وجاء به على التمام، ومن ضم قدره معرفة، ومن قال جئتك من عال فمعناه من مكان عال ثم أقام الصفة مقام الموصوف.
ولا يجوز أن نبني في هذه اللغة لأنه لم يحذف منه شيء ومن قال من معال فمعناه كمعنى عال ومن قال معالي فمعناه من مكان عال.
ومعنى هذا البيت أنه يصف أن هذا الفرس في سرعته بمنزلة هذه الصخرة التي حطها السيل في سرعة انحدارها وأن هذا الفرس حسن الإقبال والإدبار كهذه الصخرة.
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
حال متنه: موضع اللبد وإضافة إلى المتنزل الذي ينزل منه لقربه منه والمتن ما اتصل بالظهر من العجز يذكر ويؤنث والمتنزل الطائر الذي ينزل على الصخرة، فيحطه السيل وقيل المتنزل السيل لأنه ينزل الأشياء. وقيل هو المطر، والصفواء الصخرة الملساء وقد تكون الصفواء جمع مصفاة كما قالوا طرفة، وطرفاء وقصبة وقصباء، وخلقة، وخلقاء وذكر الفراء خلفة بكسر اللام كل هذا اسم للجمع لأنه لا ينقاس في نظائره ويروى عن حاذ متنه: أي وسطه. شبه ملامسة ظهر الفرس لإكثار اللحم عليه، وامتلائه بالصفاة الملساء ويقال صفوان وجمعه صفوان، وجمع صفاة صفا.
على الذبل جياش كأن اهتزامه إذا حاش حميه غلي مرجل
الذبل: الضمور ويروى على الضمر، الجياش الذي يجيش في عدوه كما تجيش القدر في غليانها وهو بمعنى الكثير مبالغة في جاش، وجاش البحر جيشان إذا ماجت أمواجه.
ويروى على المضمر الجياش، واهتزامه: صوته بشدة، وحميه: غليه.
ويروى على العقب جياش، والعقب جري بعد جري، وقيل معناه إذا حركته بعقبك جاش وكفى ذلك من السوط وعلى العقب في موضع الحال.
ومعنى هذا البيت أن هذا الفرس آخر عدوه على هذه الحال فكيف أوله؟
[مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المـركـل]
مسح: سريع يسح أي يصب العدو في جريه صبا والسابحات اللواتي كأن عدوها من سباحة والسباحة في الجري أي تدحو بأيديها دحوا أي تبسطها، والونى الفتور قال الفراء يمد ويقصر والكديد الأرض الغليظة الصلبة وقيل ما كد من الأرض بالوطء والمركل الموطوء بالحوافر أي يركل بالأرجل ومعنى البيت أن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب جرى هذا الفرس سهلا مهلا كما يسح السحاب المطر وعلى تتعلق بأثرن وكذلك الباء في الكديد.
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل
يزل: يزلق، الخف: الخفيف، صهواته، جمع صهوة، وهي موضع اللبد وقال أبو عبيدة من مقلوب ويلوي بنا أي يذهب بنا، والعنيف الذي لا رفق فيه والمثقل الثقيل الركوب، ويحتمل الثقل الثقيل البدن.
ويروى يزل الغلام والمعنى يزل الفرس الغلام الخف وقال عن صهواته، وإنما هي صهوة واحدة والتقدير أنه جمعها بما حواليه، ومعناه أن هذا الفرس إذا ركبه الخفيف لم يتمالك أن يصلح شيئا عليه وإذا ركبه الغلام زل عنه وزاغ الفرس من تحته وإنما يصلح له من يداريه.
درير كخذروف الوليد أمره تتابع كفيه بخيط موصل
أي مندر في العدو، وقيل الدرير السريع، والخذروف الخرارة التي يلعب بها الصبيان يسمع لها صوت، والإمرار الفتل، وقيل هي النشابة والإمرار إسراع الفتل، وإحكامه بقوة ومنه قوله تعالى (ذو مرة فاستوى) والوليد الصبي وقوله بخيط موصل قد لعب به حتى خف وملس فيقطع ويوصل.
له أيطلا ظبي وساقا نـعـامة وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
الظبي هنا اسم جبل، والأيطلان الخاصرتان، والإرخاء جرى فيه سهولة والسرحان الذئب والتقريب دون العدو، وهو أن يرفع يديه معا، ويضمهما معا، والتتفل ولد الثعلب، وها هنا التتفل وهو الثعلب نفسه، وإنما شبه عدو الفرس بعدو من كل جهة لأنه يقال تذاءبت الريح من كل جهة إذا جاءت، وله أسماء يقال ذئب، وسرحان، وسلق، وأويس، وسيد، وقد أوضحناه في غرر المعارف ودرر العوارف. ويقال لولد الثعلب تتفل بفتح التاء وضم الفاء وتتفل بضم التاء وفتح الفاء ولو سميت الرجل يتتفل أو تتفل لم تصرفه في المعرفة لأنه على مثال تفعل وتفعل ولو سميته بتتفل لصرفته في المعرفة والنكرة لأنه ليس في الأفعال تفعل وقوله ساقا نعامة ومعناه أنه قصير الساقين، صلبهما كالنعامة وذلك محمود في الخيل.
ضليع إذا استدبرته سـد فـرجـه بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
الضليع: القوي المنتفخ الجنبين، وقيل الضليع الشديد، وقيل هو الذي يضلع بما حمل وفرجه ما بين رجليه، بضاف أي ذنب طويل والأعزل الذي ذنبه في شق وهو عيب في الخيل.
كأن سراته لدى البيت [قـائمـا] مداك عروس أو صلاية حنظل
سراته: ظهره، لدى البيت: عند البيت، المداك: الحجر الذي يسحق به الطيب، الصلاية التي يسحق عليها المبيد، وهو الحنظل، ويروى صراية حنظل وهي الحنظلة الخضراء.
كأن دماء الهاديات بنـحـره عصارة حناء بشيب مرجل
الهاديات: المقدمات وهادي كل شيء أوله ونحره أعلى صدره ومرجل: مسرح.
فعن لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاء مذبل
عن اعترض قال أبو العباس محمد بن يزيد السرب القطيع من البقر والظباء والنساء ولا يستعمل في غير القطيع إلا الفتح.
وقال غيره السرب: القطيع من الظباء والبقر خاصة وهو هنا البقر، ودوار اسم صنم في الجاهلية كانوا يطوفون حوله وهم عراة، وأتى بعضهم إلى بني عدي فوجدهم يطوفون بدوار عراة فأعجبه ما رأى من محاسن النساء فقال:
ألا ليت أخوالي عـديا لهم في ما أتى دوار
وكذلك كانوا يطوفون في البيت الحرام عراة أيضا في الجاهلية فقالت امرأة:
اليوم يبدو بعضه أوكله وما بدا منه فلا أحله
أصـم مـثـل الـق عب بـاد ظـلــه
إلا الحمس وهم قريش فيطوفون في ثيابهم، النساء في الليل والرجال في النهار وكانت المرأة منهم تتخذ مسابح من سيور فتعلقها بحقويها وتضمها وتدور الدوران بعينه ودوار بالضم موضع في الرمل ودوار سجن باليمامة.
فأدبرن كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول
قال أبو عبيدة الجزع الخرز فيه بياض وسواد، فالوسط أبيض، والطرفان أسودان إلى الطول، وذلك أن البقر بيض القوائم.
ومعم مخول كريم العم والخال وذو العم والخال، وأضاف إليه الجزع لأن الجزع أصغر الخرز.
فألحقه بـالـهـاديات ودونـه جواحرها في صرة لم تزمل
الجواحر: اللواتي قد تخلفن، والجاحر المتخلف حتى أدرك، فالحقه، لحق الفرس والغلام بالهاديات، ودونه المتخلفات والصرة: الجماعة، ويقال الصرة الصيحة والضجة وقيل الشدة، يقال صراتنا إذا شد بعضها على بعض وأما قوله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة)، في شدة واهتمام وضجة والصرة بالكسرة الليلة الباردة ومنها قوله تعالى (فيها صر أصابت حرث قوم) قال الشماخ وهو ضرار بن معقل:
في ليلة صرة طخـياء نـاجـية ما تبصر العين فيها كف ملتمس
وأما الصرة بالضم فالخرقة التي يصر فيها الشيء، قال الشاعر:
لا يألف الدرهم الصياح صرتها لكن يمر عليها مر منطلـق
وقيل الصرة بالفتح الجماعة وقال بعض المفسرين (فأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة واستدل عليه بقول الشاعر:
هباط أودية ومأوى صرة حسنا وفيهن الأسنة تلمع
وقوله: فعادى عداء بين ثورة ونعجة=دراكا ولم ينضح بماء فيغسل فعادى: والى بين صيدين في طلق، ولم ينضح بماء: أي لم يعرق، فيكون اعتراه ماء، فيغسل بالماء، وعداء مصدر عادي يعادي معاداة وعداء دراكا ومداركة، وعادى من العدو لا من العود، ولم يرد ثورا بعينه، ولا بقرة بعينها، والنعجة يريد بها البقرة الوحشية بدليل قوله دراكا ولو أراد ثورا ونعجة فقط لاستثنى بقوله، فعادى، ويجوز في ينضح بضم الياء وفتحها.
فظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
الطهاة: الطباخون واحدهم طاه، والصفيف الذي صفف مرققا على الجمر والطبخ ما طب في قدر وأما خفض قدير فأجود ما قيل فيه وأجاز سيبويه أنه كان يجوز أن يقول من منضج صفيف شواء.
فحمل قديرا على صفيف، لو كان مجرورا.
وشرح هذا أنك
سقى دار سلمى بالمحصب هـطـال من المزن [وطف] هامل جلجـال
وما زالت الأمطـار كـل عـشـية يقلبها فـي دوحة الـحـب مـيال
يسح عليها الغيث من كـل جـانـب يسح وفيها الماء أزرق سـلـسـال
ويعقـبـه زهـر الـربـيع كـأنـه زرابي فيها للـنـمـارق تـسـآل
وقفت بها والدمـع مـنـي كـأنـه على صحن خدي والمحاجر سلسال
أسائلهـا أين الـذين قـتـلـنـنـي؟ وهل ينفع الصب المتـيم تـسـآل؟
فقالت حوتهـن الـهـوادج بـكـرة وسار بهم عنـا حـداة وأجـمـال
حضرت أجيل الطرف في البر حائر [وما كان فيهـا سـاكـن] نـزال
ومن بعد حين لاح لي بعض بلغتـي وأهلي نشج والنشج يرفـعـه الآل
فهللت ضحـاكـا وأيدت نـاظـري إلى هودج من فوقه الخز مفضـال
وقلت لحادي العيس هل أنت مخبـر لمن هذه الظعن التي هي مـهـدال
فقال لسلمى وهي شمـس مـنـيرة وبدر لها في الحي ضو[ء] وأجمال
فقلت لـه لـلـه درك مـن فـتـى خبير بما فيه الـسـرور وإقـبـال
وجئت إلى سلمى وأوقفت بكـرهـا ونوخته فانطاع لـي وهـو مـذلال
وحين رفعت الحجب بيني وبـينـهـا فمدت إلي الطرف والطرف مكحال
وقالت حبيبي ما الذي أنـت طـالـب فقلت لها من لي إلى الوصل إبلال
فقالت ترى أهلي وقومي وجـيرتـي رجال يرومون المسير إذا قـالـوا
إذا ما حططنا عن ظهور مـطـينـا تعال إلينا والـحـواسـد غـفـال
صبـرت إلـى أن خـالـط الـنـوم روسـهـــم وعـادوا كـأمـثـال الـسـكـارى إذا مـالــوا
وجـيت إلـيهـم ثـم دسـت رقــابـــهـــم ولو علـمـوا قـطـعـت بـالـسـيف أرطـال
إلـى أن أتـيت الـخـدر وهـي كـأنـــهـــا لفـي الـلـيل مـصـبـاح يضـيء لـقـفـال
وصـرت أدير الـزنـد مـن فـوق ردفــهـــا كمـا دارت الأحـقـاب يومـا بـأجــمـــال
فقـالـت دع الـفـحـشـاء إنـــي غـــريبة وأنـت أتـيت الآن لـم يعـلـم الـــخـــال
فقـلـت لـهـا سـمـعـا لـــديك وطـــاعة فمـا بـغـيتـي غـير الـحـديث مـع الـقـال
وبـتـنـا عـلـى عـيش هـنـــيء وعـــفة إلـى أن أتـانـا الـصـبـح يركـد مـرســال
فقـالـت وقـالـت ويلـتـا ثــم ويلـــتـــا لقـد جـاءنـا الـصـبـح الـذي هـو فــلال
فقـلـت لـهـا قـري فـقـومـك هــجـــع على حالهـم فـي نـومـهـم وكـمـا حـالـوا
فقالوا فخذ مني ثيابي ومعجزي وخلخالي كأنك سلال
فقمت إلى أثوابها فخلعتها وخليتـهـا فـي خـدرهـا وهـي مـعـضـال
وجـئت إلـى بـكـري هـنـيئا مـسـلـمـــا فلـلـه فـي الـحـاء والـمـــيم والـــدال
وقال امرؤ القيس أيضاً: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الملك بن عمرو المقصور الذي اقتصر على ملك أبيه ابن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن مرتع. وقال قوم ابن معاوية بن ثور بن مرتع، وإنما سمي مرتعا لأنه كان من أتاه من قومه رتعه أي جعل له مرتعا لماشيته وهو عمرو بن معاوية بن ثور وهو كندة بن عفير لأنه كفر أباه نعمته، ويكنى أبا الحارث، ويكنى أيضا أبا ذهب وأبا زيد. وقيل اسمه حندج ولقبه امرؤ القيس.
رويت عن ابن الكلبي أخبار تفيد الشك في نسبة هذه القصيدة أو بعضها إلى امرئ القيس، فقد روى البطليوسي عنه أن أعراب كلب ينشدونها لابن خذام. وروى أبو أحمد العسكري عن أبي حاتم عن ابن الكلبي أنه كان يقول: سمعت رواة أعاريب كلب، وعلماءها يذكرون أن أبياتا من أول هذه القصيدة لابن خذام، وأن ابن خذام هذا أول من بكى في الديار.
وروى ابن حزم عن ابن الكلبي أيضا أن أعراب كلب إذا سئلوا بماذا بكى ابن حمام الديار؟ أنشدوا خمسة أبيات متصلة من أول "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" ويقولون: إن بقيتها لامرئ القيس.
وابن خذام هو ابن حزام وابن حمام.
هذه المعلقة هي أشهر المعلقات الجاهلية وأكملها دربة فنية وأقصاها بعدا نفسيا يقص فيها نفسه في عواطفه، وخواطره وتأملاته، باكيا طلل الحبيبة، ذاكرا أيام لهوه ومجونه مع صواحبه، متأرجحا بين الذكرى الوجدانية والشهوة الإباحية، ويتدرج في ذلك إلى وصف تسلله إلى مخدع حبيبته، مستحضرا لها صورة جمالية مستمدة من معالم الطبيعة في جمادها ونباتها، وحيوانها، خالعا عليها صفة الكمال والمثال، ومن مناجاة الحبيبة، ووصفها، يعرض لليل فإذا هو دليل حسي نفسي يمتزج فيه العالم الداخلي بالعالم الخارجي، ويتحد سواد الليل بسواد الهموم، بعد أن يتمثله على حدقة الخيال.
ويصف الفرس أيضا بأوصاف معينة في الدقة والجزئية، وفرسه هو أبدا مطية للصيد واللهو وفي هذه القصيدة إلمام بحركات الطبيعة وتنفساتها، وثورة عناصرها، ينظر إلى البرق والمطر الذي سرعان ما يتحول إلى سيل يبعث الخراب والدمار مقتلعا الأشجار، هادما البيوت، مخلفا أثره ما يخلف الطوفان].
المعلقة
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجته من جنوب وشمـال
توضح والمقراة موضعان، ويقال المقراة: غدير يجتمع فيه الماء، قريت الماء: إذا أنت جمعته، والمقراة أيضا الجفنة تتخذها العرب للطعام والشمأل والشمال والشمل واحد.
[رخاء تسح الريح في جنبـاتـهـا كساها الصبا سحق الملاء المذيل]
[ترى بعر الآرام في عرصاتـهـا وقيعانها، كأنه حـب فـلـفـل
كأني غداة البين يوم تـحـمـلـوا لدى سمرات الحي ناقف حنظل]
وقوفا بها صبحي علي مـطـيهـم يقولون لا تهلك أسى وتجـمـل
وقوف جمع واقف وهو نصب على الحال.
فدع عنك شيئا قد مضى لسبيلـه ولكن على ما غالك اليوم أقبل
وقفت بها حتى إذا مـا تـرددت عماية محزون بشوق موكـل]
وإن شفائي عـبـرة مـهـراقة فهل عند رسم دارس من معول
كدأبك من أم الحويرث، قبلـهـا وجارتها أم الرباب بـمـأسـل
أي كعادتك والمعنى أصابك من هذه المرأة واسمها هرأم الحارث بن ضمضم الكلبي وأم الرباب.
وتذكرك أهلها كما لقيت من أم الحويرث وجارتها. وقال أبو عبيدة أي كحالك وعادتك ومأسل اسم جبل وقيل موضع من كلب أيضا من التعب والنصب كما أصابك من هاتين المرأتين وفيه معنى آخر أن يكون قد لقيت من وقوفك على هذه الديار.
إذا قامتا تضوع المسك مـنـهـمـا نسيم الصباحات جاءت بريا القرنفل
هذا البيت لم يروه الأصمعي، ومعنى تضوع أي أخذ كذا وكذا، يقال للفرخ إذا سمع صوت أمه تتحرك قد ضاع صوت أمه يضوع ضوعا، والنسيم الريح اللينة الهبوب، ونصبه لأنه قام مقام نعت لمصدر محذوف والتقدير، إذا قامتا تضوع المسك إليك منهما تضوعا مثل نسيم الصبا ومثله قول الحجاج:
تاج طواه الأين مما رجفا طي الليالي زلفا فزلفا
أي طيا مثل طي الليالي، وريا الرائحة الطيبة، ويروى إذا التفتت نحوي تضوع ريها.
ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر بل دمعي محملي
فاضت: سالت. الصبابة رقة الشوق، والمحمل السير الذي يحمل به السيف والحمايل ولم يسمع بواحدة، والصبابة منصوبة على المصدر، وهو مصدر في موضع الحال، كما تقول جاء زيد مشيا أي ماشيا ونحو قوله تعالى (أصبح ماؤكم غورا) أي غائرا، ويجوز أن يكون نصب صبابة على أنه مفعول من أجله كما تقول جئتك لابتغاء العلم أي من أجل ابتغاء العلم، وأنشد سيبويه لحاتم طيء:
ألا رب يوم صالح لك منهما ولاسيما يوم بدارة جلجـل
السي: المثل يقال هما سيان أي مثلان. وسيما يخفف ويشدد ونصب سيما بلا. ويجوز أن يكون مبنيا مع لا لأن لا تبنى مع المضاف، لأن سي مشبهة بالحروف، ولا تقع الإضافة في الحروف، فلو أضفت إليهن لأزال البناء وأصله سي مشدد.
وحكى الأخفش تخفيفه وخفض ما بعده فإنه جعل ما زائدة للتوكيد ويجوز فيه الرفع على إضمار هو ومن خفض فإضافة سي إليه، وما صلة في سيما ويجوز على البدل من رب يوم، والدارة والدار واحدة، جلجل موضع من الحمى قال أبو عبيدة والأصمعي هي في الحمى، قال هشام هي عند غمر كندة.
ويوم عقرت للعذارى مطيتي فيا عجبا من رحلها المتحمل
الرحل: القتب.
[ويا عجبا من حلها بعد رحلها ويا عجبا للجازر المتبـذل]
فظل العذارى يرتمين بلحمهـا وشحم كهذاب الدمقس المفتل
شرح 16 من المخطوطة: يرتمين، يتهادين به. وينادي بعضهن بعضا، والهداب قال الأصمعي هو الهدب والدمقس الحرير الأبيض والمفتل المفتول.
[تدار علينا بالسديف صحافـهـا ويؤتى إلينا بالعبيط المثـمـل]
ويوم دخلت الخدر خدر عنـيزة فقالت لك الويلات إنك مرجلي
الخدر: هو الهودج، الويلات جمع ويلة، وعنيزة اسم امرأة من بني كندة، ويقال موضع. إنك مرجلي أي تعقر بعيري، فتدعني راجلة أمشي ونصب خدر عنيزة على البدل من الخدر.
تقول وقد مال الغبيط بـنـا مـعـا عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
وقال الأصمعي: إنما قال بعيري ولم يقل ناقتي لأنه كما قال فأجاز الناقة على الذكور لأنها أقوى والبعير يقع على المذكر والمؤنث والغبيط قتب.
وقال أبو عمرو الشيباني الغبيط: الهودج بعينه.
وقال غيرهما مركب من مراكب النساء. معا منصوب لأنه في موضع الحال، وأما قولك جئت معه قال سيبويه نصبها بالألف لأنه ظرف وقال سيبويه سألت الخليل عنه قال لأنه كثر استعمالهم لها مضافة فقالوا جئت معه وجئت من معه، فصارت بمنزلة أمام يعني إنها ظرف.
فقلت لها سيري وأرخي زمامه لا تبعديني من جناك المعلـل
قال الأصمعي جعلها بمنزلة ثمرة الشجرة فجعل لها ما للشجرة من رائحة، وحديثها بمنزلة ما يصيب من رائحة الشجرة وثمرتها، والمعلل بفتح اللام الذي قد عل بالطيب والمعلل بكسر اللام الشاغل ويقال الملهي.
[دعي البكر لا ترثي له من ردافنا وهاتي أيقينا جناة القـرنـفـل
بثغر كمثل الأقـحـوان مـنـور نفي الثنايا أشنب غـير أثـعـل
فمثلك جبلى، قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم مـحـول
يعني ولدا ذا تمايم وهي العود، وروى الأصمعي وأبو عبيدة عن ذي تمايم مغيل يقال اغتيلت المرأة فهي مغيلة، ومغيل، ومغيل والولد مغيل، إذا أرضعت ولدها وهي حبلى أو وطئت، وهي ترضعه يقال: أغالت، وأغيلت، إذا سقط ولدها غيلا والغيل أن ترضع على حمل أو تؤتى أمه، وهي ترضعه.
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لـم يحـول
وروى أبو عبيدة انحرفت له بشق وشق عندنا لم يحول أي لما قبلها أقبلت تنظر إليه وإلى ولدها فأمالت طرفها إليه وخدها تحته.
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت علي وآلت حلفة لم تحـلـل
تعذرت: تمنعت، يقال تعذر فهو متعذر وعذر فهو معذر إذا تعلل بالمعاذير ومنه قوله تعالى (وجاء المعذرون) أي الذين يأتون بالعلل وقيل معناه المعتذرون وأسكنت التاء ودغمت في الذال لقرب المخرج ومن قال المعتذرون فهذا معناه وأسكنت التاء لأنها جاءت بعد العين والعرب تبدل التاء بعدها حسب الحرف الذي يليه، المعذرون أي الذين جاءوا بالعذر وآلت من العذر أي لم يجدها على ما يريد ونصب يوما بتعذرت والكثيب الرمل المجتمع المرتفع على غيره.
أفاطم مهلا بعـض هـذا الـتـدلـل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
يقال أزمعت عن الأمر، وعزمت عليه وأجمعت عليه سواء، والصرم القطيعة، وقوله فأجملي أي في اللفظ، وقال أبو عبيدة: أفاطم أبقي بعض هذا التدلل.
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
الخليقة: الخلق، والثياب: كناية عن اللقب، نسل ريشه ينسله: إذا رماه. أي أخرجي قلبك من حبي تنسل أي تبين.
أي أغرك مني أن أحبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
الغر الذي لم يجرب الأمور وقال:
يا رب مثلك في النساء غريرة بيضاء قد متعتها بـطـلاق
تأمري جزم بالشرط وعلامة جزمه سقوط النون ويفعل جزم بالمجازاة وكسر اللام للقافية وحقها في الكلام السكون.
[وأنك قسمت الفؤاد فنصفـه قتيل ونصفا بالحديد مكبـل]
وما ذرلفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار مقتـل
أي ما بكت عيناك إلا لتجرحي قلبا معشرا، أي مكسرا، يقال برمة أعشار وبقدح أعشار، إذا ما كان قطعا ثم جبرت.
قال الأصمعي: إنما هذا مثل للأعشار والجزور وهي تنقسم على عشرة أنصباء وقوله بسهميك يريد المعلى وله سبعة أنصباء، والرقيب وله ثلاثة أنصباء، فأراد أنك ذهبت بقلبي أجمع، واعلم أن قداح الميسر عشرة، أولها الفذ ثم التوأم ثم الرقيب ثم الحلس بالحاء ثم النافس ثم المسبل والمعلى ثم الوغد ثم السفيح ثم المنيح. فالفذ له نصيب إذا فاز والتوأم له نصيبان وهكذا إلى المعلى وهو السابع وله سبعة أنصباء وثلاثة لا نصيب لها وإنما يتكثر بهذه القداح.
واجتمع لها منهم من العين ثم السفيح والمنيح والوغد، وربما سموا المنيح أحد هذه التي لها الأنصباءش وذلك أن يمنحنه من صاحبه لما عرف من فوز قال الشاعر:
إذا امتحنته من معد عـصـابة غدا ربها قبل المغيضين يقدح
أي ثقة بفوزه وهذا كما قال امرؤ القيس:
إذا ما ركبنا قال ولدان قـومـنـا تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب
وصفة الميسر أن العرب كانت تفتخر به وتعده من مكارم الأخلاق، وتفعله في سنة الجدب لأنهم يطعمون ما يقمرون من اللحم، ويخسرون ثمنه وذلك بأنهم ينحروق الناقة ويقسمونها على عشرة سهام وقيل على أربعة وعشرين.
ثم يأتي واحد بقدحه وقد أصلحه وملسه، ليسرع في الخروج، وقد أعلمه كما قال به علمان من أمام ومن عقب ثم يجعلونها في خريطة ضيقة الفم لا يكاد يخرج منها تسمى الرمانة، فيضعونها على يد رجل عدل عندهم يسمى المجد والمقبض ثم يحملها. ومعنى البيت: أنها ذهبت بقلبي أجمع والمقتل المذلل المنقاد على التشبيه ويقال قلب معشر أي مكسر.
وبيضة خدر لا يرام خبـاؤهـا تمتعت من لهو بها غير معجل
شبهها بالبيضة لصفائها ورقتها والخباء ما كان على عمودين أو ثلاثة والعرب يجعلونها على ستة أعمدة إلى تسعة. غير معحل: غير خائف على مهل.
تجاوزت أحراسا إليها ومعشـرا علي حراصاً لو يسرون مقتلي
أي هم حراص على إسرار مقتلي، ويروى ينشرون مقتلي بالشين المعجمة أي يظهرون ويسرون بالسين المهملة من الأضداد، يقال أسررت الشيء أظهرته، وأسررته: أخفيته وقال الشاعر:
ولما رأى الحجاج جـرد سـيفـه أسر الذي كان الحروري أضمرا
أي أظهر الحروري، والمعشر بنو عمها وعشيرتها.
إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفضل
ويروى المفصل الوشاح هو ما يعمل من كل لون، والمفصل الذي فيه فصل الزبرجد وأثناء الوشاح نواحيه، وواحد الأثناء ثنيء، وثني وثنو، وتعرض نصب على المصدر.
فجئت وقد نضت لنوم ثيابهـا لدى الستر إلا لبسة المتفضل
لدى بمعنى عند، نضت: سلخت، ولبسة المتفصل: ثوبها الذي يلي جسدها، وقال بعض المفسرين لهذا البيت معنى قوله إلا لبسة المتفضل: يعني ما جعل الله من الحسن والمتفضل هو الله وهو وجه حسن، والفضلة الثياب تبتذل للنوم، والعمل، والمتفضل الذي يبقى في ثوب واحد لينام فيه أو يعمل عملا، واسم الثياب المتفضل ويقال للأول من الثياب فضل أيضا وأما المفضل فهو الإزار الذي ينام فيه.
وليست تكون للحال، ما أحسن بالكسر لبسته وقعدته فإن أردت المرة الواحدة قلت ما أحسن لبسته وقعدته بالفتح.
فقالت يمين الله مـا لـك حـيلة وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
يمين الله منصوبة بمعنى إني حلفت بيمين الله فلما ألغى نصب وأسقط الحرف فتعدى بالفعل، ويروى يمين الله بالرفع على الابتداء، واليمين محذوف: أي يمين الله قسمي أو علي، وإن في قوله ما إن أرى عنك الغواية تأكيد لما على الغواية تنجلى من غوى غواية وتنجلي: تنكشف، وجليت الشيء كشفته.
وروى الأصمعي وما إن أرى عنك العماية تنجلي والعماية مصدر عمي قلبه يعمى عماية وعمى. ومعنى البيت: إنها خافت أن يظهر عليهما ويعلم بأمرهما. فالمعنى ما لك حيلة في التخلص، ويجوز أن يكون المعنى ما لك حيلة فيما قصدت له.
فقمت بها أمشي تجر وراءنـا على إثرنا أذيال مرط مرحل
ويروى على أثرينا ذيل مريط، ويروى خرجت بها، والأذيال جمع ذبل، والمرط: كساء من خز معلم، والأثر والإثر واحد، والمرحل بالحاء المهملة الذي فيه صور الرجال من الوشي. ويقال ضرب من البرود الموشاة.
ويقال للمرحل: المعلم، ويروى المرجل بالجيم أي علية أنملة الرجال من الوشي، وهو النقش،وقوله أمشي في موضع النصب على الحال، ومعنى البيت: إنها لما أنب قالت له ما لك حيلة فخرج بها إلى الخلوة.
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحـى بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
أجزنا وجزنا بمعنى واحد، وقال الأصمعي أجزناه قطعناه وخلفناه، وجزنا: سرنا فيه، والساحة: الباحة الفجوة، والغروة والنالة فناء الدار.
يقال هي الرحبة كالعرصة، وهو ما اتسع من الأرض، وانتحى: ناء. الخبت بطن من الأرض غامض. ويروى بطن حقف والحقف ما اعوج من الرمل، وانثنى وجمعه أحقاف، والحقف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا.
ويروى ذي ركام والركام ما يركب بعضه بعضا من الكثرة، والعقنقل المعقد الداخل بعضه في بعض، وعقنقل الضب بطنه المنعقد، وهو كشيته وبيضه، وشحمه من أصل حلقه إلى رفغه.
وجواب فلما أجزنا هصرت.
هصرت بفودي رأسها فتمايلت لي هضيم الكشح ريا المخلخل
وزعم بعضهم أن جواب لما قوله انتحى بنا والواو مقحمة، ويجوز أن تكون الواو غير مقحمة والجواب محذوفا تقديره: فلما أجزنا ساحة الحي أمنا. وعلى هذا الوجه تكون رواية البيت الذي يليه، إذا قلت هاتي نوليني تمايلت، ويروى مددت بغصني دومة، ودومة شجرة والفوادان جانبا الرأس. وهما القرنان أيضا والقرون أيضا غدائر الرأس سميت بذلك لمنبتها على قرون الرأس، ومعنى هصرت جذبت وثنيت، والكشح ما بين منقع الأضلاع إلى الورك، والهضيم: الضامر. والريا الممتلئة، من اللحم، والمخلخل: موضع الخلخال. يصف رقة خصرها وعبالة ساقيها. وهضيم منصوب على الحال، وكذلك ريا المخلخل.
ومن روى إذا قلت هاتي نوليني فتكون إذا ظرف وتمايلت هو الجواب، وإذا من حروف الشرط، وشبهها بها أنها ترد الماضي إلى المستقبل. ألا ترى أنك إذا قلت: إذا قمت قمت معناه إذا تقوم أقوم، وأيضا فلأنه لا بد لها من جواب كحروف الشرط لأنه لا يليها إلا فعل، فإن وليها اسم أضمرت فعلا كقول الشاعر:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر
والتقدير إذا بلغت ابن أبي موسى، وروى سيبويه إذا ابن أبي موسى بالرفع، وزعم أبو العباس أن هذا غلط، أن يرفع ما بعد إذا الابتدائية، ولكنه يجوز الرفع عنده بتقدير إذا بلغ ابن أبي موسى. والخليل وأصحابه يستقبحون أن يجاز. وأما إذا وإن كانت تشبه حروف المجازاة في بعض أحوالها، فإنها تخالفهن بأن ما بعدها يقع موقتا لأنك إذا قلت لابنك إذا احمر الأقحوان فهو وقت بعينه. وكذلك (إذا السماء انشقت) وقت بعينه، ولهذا قبيح أن يجازى بها إلا في الشعر قال الشاعر:
يرفع لي خندف والله يرفع لي نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد
وهضيم عند الكوفيين بمعنى مهضومة فلذلك كان بلا هاء وهي عند سيبويه على النسب، وأراد بالكشح: الكشحين كما تقول كحلت عيني تريد عيني وريا فعلى من الري وهو إنهاء شرب العطشان، ومعنى البيت أنه إذا قال لها نوليني تمايلت عليه مكتنزة اللحم.
[إذا التفتت نحوي تضوع ريحهـا نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل]
مهفهفة بيضاء غـير مـفـاضة ترائبها مصقوله كالسجنـجـل
المهفهفة: الخفيفة اللحم التي ليست برهلة ولا ضخمة البطن، والمفاضة المسترخية البطن من قولهم حديث مستفيض، وقيل مهفهفة معناه أنها لطيفة الخصر والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من الصدر.
والسجنجل: المرآة قال يعقوب هذا حرف رومي وقيل سبيكة الفضة.
ورواية أبي عبيدة مصقولة بالسجنجل، وقيل السجنجل الزعفران وقيل ماء الذهب ومهفهفة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف والكاف في قوله كالسجنجل في موضع رفع نعت لقوله مصقولة، ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون نعتا لمصدر غدون، كأنه قال مصقولة صقلا كالسجنجل، وإنما يصف المرأة بحداثة السن. وجمع السجنجل سجاجل، ومن رواه بالسجنجل فالجار والمجرور في موضع نصب.
تصد وتبدي عن أسيل وتتـقـي بناظرة من وحش وجرة مطفل
أي تعرض عنا وتبدي عن خد أسيل ليس بكز ولا بمكثف، وتتقي تلقانا بناظرة يعني عينها، والوحش ها هنا البقر الوحشي، والظباء، وجرة موضع، ويقال أراد الظباء فقط.
ويروى تصد وتبدى عن شنيب أي ثغر شنيب، والشنيب [والأشنب حدة الأسنان] وذات طفل: قال الفراء لم يقل مطفلة لأن هذا لا يكون إلا للنساء فصار عنده مثل حائض وهو على مذهب سيبويه على النسب كأنه قال ذات طفل، والدليل على صحة قوله أنه يقال مطفلة إذا أردت أن يأتي به على قولك هي أطفلت فهي مطفلة ولو كان يقع للمؤنث لا يشركه فيه المذكر ولا يحتاج إليه الهاء فيه ما جاز مطفلة قال تعالى: (تذهل كل مرضعة عما أرضعت).
وقوله بناظرة أي بعين ناظرة قال ابن كيسان: كأنه قال بناظرة مطفل من وحش وجرة غلط فجاء بالتنوين كما قال الآخر:
رحم الله أعظما دفنـوهـا بسجستان طلحة الطلحات
تقديره رحم الله أعظم طلحة، فنون ثم أعرب بإعراب أعظم والأجود إذا فرق بين المضاف والمضاف إليه إلا ينون كقوله:
كأن أصوات من إيغالهن بـنـا أواخر الميس إنقاض الفراريج
كأنه قال: كأن أصوات أواخر الميس.
وفي بيت امرئ القيس تقدير أحسن من هذا وهو أن يكون التقدير بناظرة من وحش وجرة ناظرة مطفل، ويحذف ناظرة ويقيم مطفلا مكانه وكذلك قوله طلحة الطلحات كأنه قال أعظم طلحة الطلحات.
ومعنى الشنيب لها ثغر حيثما تأتي تبتسم، فيبدو لنا ثغرها، وتتقي أي تتلقانا به والإعراض عنا بملاحظتها كما تلاحظ الظبية ولدها وذلك أحسن ما يكون من غنج المرأة، والصد الاعراض، والإبداء: الظهور، والأسالة امتداد وطول في الخد، أي بناظر من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال من ظبية مطفلة ومهاة مطفل، وفي قوله وجرة حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل
نصته: رفعته، والمعطل الذي خلي حليه، والفاحش: الكريه، وليس بفاحش أي ليس بكريه المنظر، وهو نحرها.
وفرغ يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
الفرع الشعر التام وأعلى كل شيء فرع، والمتن والمتنة ما يلي يمين الصلب وشماله من العصب واللحم، والفاحم الشديد السواد، مشتق من الفحم يقال هو فحم بين الفحومة، والأثيث: الكثير، والمتعثكل: الداخل بعضه في بعض واحدة عثكول وعثكال كشمروخ وشمراخ، وقد يكون العثكال والعثكول في اللغة بمعنى طعمة من القنو، والنخلة المعثكلة التي خرج عناقيدها أي قنواتها، وقيل المتعثكل المتدلي.
يقول: تبدي عن شعر طويل نام يزين ظهرها إذا أرسلته عليه ثم شبه ذوائبها بقنو نخلة أخرجت قنواتها والذوائب تشبه العناقيد.
غدائره مستشزرات إلى الـعـلا تضل العقاص في مثنى ومرسل
أصل الشزر: الفتل على غير الجهة والشيء أدبرت به عن صدرك فهو الدبير، والبسر ما أقبلت به على صدرك وهو القبيل، والانشزار الرفع والارتفاع جميعا يكون لازما ومتعديا فمن رواه مستشزرات بكسر الزاي جعله لازما، ومن رواه بفتحها جعله متعديا، والعقاص جمع عقيصة وهو ما جمع من الشعر، ففتل تحت الذوائب وهي مشطة معروفة، يرسلون فيها بعض الشعر، ويثنون بعضه، فالذي فتل بعضه على بعض هو المثنى والمرسل: المسرح غير المفتول فذلك قوله في مثنى ومرسل.
ورواية ابن الأعرابي مستشزرات بكسر الزاي أي مرتفعات، ويروى يضل العقاص بالياء على أن العقاص واحد.
قال ابن كيسان هو المذري فكأنه يستتر في الشعر لكثرته، وأما العقيصة: الخصلة المجموعة من الشعر، والجمع عقيص وعقاص وعقائص ويروى تضل المذاري أي من كثافة شعرها، والمذري مثل الشوكة يصلح بها شعرها.
وكشح لطيف كالجديل مخصر وساق كأنبوب السقي المذلل
اللطيف أراد به الصغير الحسن، والعرب إذا وصفت شيئا بالحسن جعلته لطيفا والجديل زمام من السيور مجدول ومفتول فيجيء حسنا لينا ينثني مشتقا من الجدل وهو شدة الخلق، ومنه الأجدل والمجادلة والأنبوب البردي الذي ينبت وسط النخلة، والسقي النخل المسقي، كأنه قال كأنبوب النخل المسقي والمذلل فيه أقوال: أحدها أنه الذي تثنيه أدنى الرياح لنعومته يقال نخل مذلل إذا امتدت أقناؤها، فاستوت شبه ساقها ببردي قد نبت تحت نخل، والنخل تظله الشمس، وذلك أحسن ما يكون منه. وقيل معنى المذلل له الماء وقيل المذلل الماء الذي خاضه الناس.
وقيل المذلل الذي قد عطف ثمرة ليجتني والأنبوب الكعب من القصب.
ويضحي فتيت المسك فوق فراشها نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
أي ما تحات عن جلدها في فراشها، وقيل كأن به المسك من طيب جسدها، لأن أحدا لها فيها مسكا. واحتج بقوله وجدت بها طيبا وإن لم تطيب، وقوله ويضحي أي ويدخل في الضحى، يقال أظلم إذا دخل في الظلام، ولا يحتاج هذا إلى خبر، ونؤوم منصوب على أعني وفيه معنى المدح ولا يجوز نصبه على الحال.
ألا ترى أنك إذا قلت جاءني غلام هند مسرعة لم يجز أن تنصب مسرعة على الحال من هند إلا على حيلة، والعلة في هذا أن الفعل لم يعمل في هذا شيئا، والحيلة التي يجوز عليها أن معنى جاءني في غلام هند فيه معنى تحثه فتنصبه وروى نؤوم على معنى هي نؤوم ويجوز نؤوم على البدل من الضمير الذي في فراشها، والضحى مؤنثة تأنيث صيغة ولا تعد فيه (ألف تأنيث) فإنها بمنزلة (موسى) وتصغير ضحى ضحي، والقياس ضحية إلا أنه لو قيل ضحية لأشبه تصغير ضحوة والضحى قبل الضحاء والانتطاق: الائتزار (للعمل) والمهنة.
ويجوز نصب نؤوم على المدح ومعنى عن تفضل أي بعد تفضل.
وقال أبو عبيدة: أي لم تنتطق، فتعمل وتطوف ولكنها تتفضل ولا تنتطق، وقيل التفضل هو التوشح وهو لبسها أدنى ثيابها، والانتطاق؛ الائتزار للعمل. يريد أنها مخدمة منعمة تخدم ولا تخدم والاضحاء مصادفة الاضحاء، وتقول رجل نؤوم وامرأة نؤوم ومنه توبة نصوحا.
وتعطو برخص غير شئن كأنـه أساريع ظبي في مساويك إسحل
الإعطاء: المنادلة، والمعاطاة الخدمة، والتعطية مثلها، برخص أي ببنان رخص، والرخص اللين الناعم، وغير شئن أي غير كز غليظ خشن، والأساريع جمع أسروع ويسروع دود يكون في البقل والأماكن الندية، يشبه النساء، وظبي اسم كئيب وهو الجبل من الرمل، وقيل الأساريع دواب تكون في الرمل وقيل في الحشيش، ظهورها ملس مثل سحم الأرض، ويقال يساريع وقيل هي دواب تسمى بنات التقى: بفتح التاء والأسحل شجر له أغصان ناعمة شبه أناملها بأساريع أو مساويك للينها.
تضيء الظلام بالعشاء كأنها منارة ممسى راهب متبتل
أي في العشاء: أي كأنها سراج منارة وقيل هي على غير حذف، والمعنى إن منارة الراهب تشرق بالليل إذا أوقد فيها قنديلة، والمنارة مفعلة، وخص الراهب لأنه لا يطفى سراجه والجمع منائر ومناور لغتان شاذتان لا يقاس عليهما بكسر الميم وفتحها وممسى راهب إي إمساء راهبن والتبتل الانقطاع عن الناس للعبادة ومتبتل صفة للراهب ومعنى البيت إنها وضيئة الوجه إذا ابتسمت بالليل رأيت لثناياها بريقا وضوءا وإذا برزت في الظلام استنار وجهها وظهر جمالها حتى يغلب ظلمة الليل.
إلى مثلها يرنو الحلـيم صـبـابة إذا ما اسبكرت بين درع ومجول
يرنو: أي يديم النظر، الصبا رقة الشوق، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله واسبكرت امتدت وتمت، ويقال سفر مسبكر للمنبسط. قال أبو عبيدة المسبكر التام الممتلى، يقال اسبكرت إذا تم شأنها والمراد به تمام شبابها. بين درع ومجول أي سنها بين من يلبس الدرع وبين من يلبس المجول لأن الدرع للنساء، والمجول للصبايا، والدرع ثوب مهذب لا تكف أسافله، والمجول: الرداء وقيل الثوب الأبيض، وقيل الوشاح والإزرار، أي أنها بين الكبيرة التي تلبس الدرع وبين الصغيرة التي تلبس المجول أي ليست بصغيرة ولا بكبيرة بل هي بينهما وإلى تتعلق بيرنو.
كبكر المقاناة البياض بصفرة غذاها نمير غير محـلـل
البكر هنا أول بيض النعام، أي أول بيضة قد تبيضها النعامة، وبكر كل شيء أوله والمقاناة المخالطة، يقال قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر. وما يقانيني فلان أي ما يشاكلني، وهي في البيت المقاناة دون المصدر، والنمير الماء الناشئ في الجسد، وقيل النمير العذب، ويقال النمير الذي ينجع في الشارب وإن لم يكن عذبا لأنه ليس كل عذب نميرا.
ومن روى محلل بكسر اللام أراد أنه ينقطع سريعا، وغير منصوب على الحال، وتقديره كبكر البيض المقاناة، وأدخل الهاء لتأنيث الجماعة، كأنه قال كبكر جماعة البيض ونصب البياض على أنه خبر ما لم يسم فاعله واسم ما لم يسم فاعله مضمر والمعنى كبكر البيض الذي قوني هو البياض كما تقول مررت بالمعطي الدرهم.
ومن روى البياض بالجر شبهه بالحسن الوجه وفيه بعد لأنه شبه بما ليس من بابه وقد أجازوا بالمعطى الدرهم.
وغير هذا قال ابن كيسان ويروى كبكر المقاناة بياضه وجعل الألف واللام مقام الهاء ومثله قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هذا مأواه وهذا كأنه مقيس على قول الكوفيين لأنهم يجيزون مررت بالرجل الحسن الوجه أي الحسن وجهه يقيمون الألف واللام مقام الهاء.
وقال الزجاج بالرجل هذا خطأ لأنك لو قلت مررت بالرجل الحسن الوجه لم يعد على الرجل من نعته شيء وأما قولهم إن الألف واللام بمنزلة الهاء فخطأ لأنه لو كان هذا هكذا لجاز زيد الأب منطلق تريد أبوه منطلق، وأما قوله تعالى (فإن الجنة هي المأوى) أي هي المأوى له ثم حذف ذلك لعلم السامع ومعنى البيت أنه يصف أن بياضها تخالطه صفرة والآخر أنها حسنة الغذاء، وقيل أراد بالبكر هنا الدرة التي لم تثقب. وهكذا لون الدرة. ويصف أن هذه الدرة بين الماء الملح والعذب فهو أحسن ما يكون، فأما على القول الأول، فإن غذاها يكون راجعا إلى المرأة أي نشأت بأرض مريئة.
تسلت عمايات الرجال عن الصبا وليس فؤادي عن هواها بمنسلي
يقال سلا يسلو سلوا إذا خلا أي زال حبه عن قلبه، والعماية والعمى واحد والفعل عمي يعمى، وزغم الأكثرون في البيت قلبا تقديره: تسلت الرجال عن عمايات الصبا: أي خرجوا عن ظلماته، وليس فؤادي خارجا عن هواها.
وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد أي انكشف، وبطلت صبايات الرجال بعد صباهم ويروى عن هواك، وعن صباه، والصبا أن يفعل فعل الصبيان، يقال صبا إلى اللهو يصبو صباء وصبوا، والعمايات جمع عماية وهي الجهالة ومنسلي منفعل من السلو وعن الأولى متعلقة بتسلت والثانية بمنسل وليس فؤادي عن هواه.
ألا رب خصم فيك ألوى رددته نصيح على تعذاله غير مؤتل
الألوى: الشديد الخصومة، كأنه يلتوي على خصمه بالحجج، والتعذال: التفعال من العذل والتعذال والعذل بسكون الذال والعذل بفتحها واحد، وغير مؤتل غير مقصر في النصيحة والعذل، رددته، أي لم أقبل منه نصيحة، ومعنى غير مؤتل أي غير تارك نصحي بجهده، يقال ما ألوت أن أفعل كذا وكذا، وقد يكون مؤتل غير هذا من البيت، وائتليت به حلفت وقيل في قوله تعالى (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة) أي لا يحلف أولو السعة أن يؤتوا أولي القربى، ويجوز أن يكون المعنى، ولا يقصر أولو الفضل عن أن يؤتوا والخصم يقع للواحد والاثنين والجمع والمؤنث على لفظ واحد، كما تقول رجل عدل،ورجال عدل فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتـلـي
قوله كموح البحر أي في كثافة ظلمته، وسدولة أطرافه، وقيل ستوره واحده سدل، سدل ثوبه إذا أرخاه، ولم يضمه، وقوله: بأنواع الهموم أي يطرد بها كالحزن والجزع ونحوه والباء بمعنى مع، ليبتلي أي لينظر ما عندي من الصبر، ويبتلي بمعنى ليختبر، ومعنى البيت أنه يخبر أن الليل قد طال عليه وسدوله ينتصب بمرخ وعلي تتعلق بمرخ وكذلك الباء بأنواع الهموم.
فقلت له لما تمطى بصلبـه وأردف أعجازا وناء بكلكل
تمطى: امتد، وروى الأصمعي لما تمطى بجوزه أي امتد بجوزه، والجوز: الوسط وأردف أعجازا أي رجع.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلـي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
إلا انجلي في موضع السكون وهو مبني على حذف الياء ووردت بإثبات الألف بقوله تعالى (سنقرئك فلا تنسى) وبإثبات الألف أيضا في قوله.
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا
وبإثبات الياء في قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمـي بما لاقت لبون بني زياد
وبإثبات الواو في قوله:
هجوت زبان ثم جئت معـتـذرا من سب زبان لم تهجو ولم تدع
ومعنى البيت أنا معذب والليل والنهار عندي سواء.
الانجلاء هو الانكشاف كقوله [تعالى] (ولا يجليها لوقتها إلا هو) أي لا يكشفها ويروى: وما الإصباح منك بأمثل فمنك ينوي بها التأخير، لأنها في غير موضعها لأن حق "من"، أن تقع بعد أفعل.
وأما قولهم في قوله ناب فهو في مكان المعنى ناب منها بخبر فهو غلط، لأن الشيء إذا كان في موضعه لم يقدر في غير موضعه فحق من ارتفع بعد أفعل، وهي في موضعها والمعنى: إذا جاء الصبح فإني أيضا مهموم، وقيل معنى فيك بأمثل إذا جاءني الصبح وأنا فيك فليس ذلك بأمثل لأن الصبح قد يجيء والليل مظلم بعد، وفيك تتعلق بأمثل.
فيا لك من ليل، كأن نجومـه بكل مغار الفتل شدت بيذبل
معناه: كأن نجومه شدت بيذبل وهو جبل، والمغار المحكم الفتل، ويقال أغرت وفي قوله: فيا لك من ليل فيه معنى التعجب كما تقول فيا لك من فارس.
كأن الثريا علقت في مصامها بأمراس كتان إلى صم جندل
مصامها: موضعها، والأمراس الحبال، واحدها مرس، ويروى كأن نجوما علقت والجندل: الحجارة، والصم: الصلاب، وفيه تفسيران: أحدهما أنه يصف طول الليل بقول كأن النجوم مشدودة بحبال إلى حجارة فليست بمعنى.
ومصامها هو مواضع وقوفها وفي والياء وإلى متعلقة بقوله علقت.
والتفسير الثاني على رواية من يروي هذا البيت مؤخرا عند صفة الفرس بحيال كتان إلى صم جندل وشبه حوافره بالحجارة ويروى بعض الرواة ههنا أربعة أبيات وذكر أنها من هذه القصيدة وخالف فيها سائر الرواة وزعموا أنها لتأبط شرا.
وقربة أقوام جعلت عصامها على كاهل في ذلول مرجل
عصام القربة: الحبل الذي تحمل به، ويضعها الرجل على عاتقه وعلى صدره والكاهل موصل العنق والظهر يصف نفسه أنه يخدم أصحابه.
وواد كجوف العير قفر قطعتـه به الذئب يعوي كالخليع المعيل
فيه قولان: أحدهما أن جوف العير لا ينتفع منه بشيء، يعني العير الوحشي. والقول الثاني: إن العير ها هنا رجل من العمالقة كان له بنون، وواد خصب، وكان حسن الطريقة، فسافر بنوه في بعض أسفارهم فأصابتهم صاعقة فأحرقتهم، فكفر بالله، وقال: لا أعبد ربا أحرق بني، وأخذ في عبادة الأصنام. فسلط الله على واديه نارا والوادي بلغة أهل اليمن: الجوف فأحرقته فما أبقى له شيئا، وهو تضرب به الأمثال فيما لا بقير فيه. والخليع المقامر، وقيل هو الذي قد خلع عذاره، فلا يبالي بما ارتكب، وقيل الخليع المخلوع الذي خلعه قومه، إذا قتل لا يطلب بنو عمه بثأره، وإذا قتل لا يطالب بنو عمه بثأر من قتل، والمعتل الكثير الخطأ، والكاف منصوب بيعوي.
فقلت له لما عوى إن شأنـنـا قليل الغنى إن كنت لما تهول
أي أن كنت لم تصب من الغنى ما يكفيك، وقوله إن شأننا قليل الغنى أنا لا أغنى عنك، وأنت لا تغني عني، أي أنا أطلب وأنت تطلب فكلانا لا غنى له ومن رواه طويل الغنى أراد همتي تطول في طلب الغنى.
طرحت له نعلا من السبت طـلـه خلاف ندى من آخر الليل مخضل]
كلانا إذا مـا نـال شـيئا أقـاتـه ومن يحترث وحـرثـك يهـزل
أي إذا نلت شيئا أقته وكذلك أنت إذا أصبت شيئا أقته، ومن يحرث حرثي وحرثك أي يطلب مني ومنك لم يدرك مراده.
وقال قوم: من كان هذا فيه وطلبته مثل طلبتي وطلبتك في هذا الوضع مات هزالا لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد فهذه الأبيات الأربعة من الزيادات فيها.
وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هـيكـل
أغتدي: أخرج غدوة، والطير ساكنة لم تطر، ويروى في وكراتها، والوكر حيث يسقط الطائر للمبيت أي موضعها التي تبيت فيها، والوكر أيضا: مواضع العش، والوكنات في الجبال كالتماريد في السهل واحدها تمراد وهو برج صغير للحمام الواحدة وكنة، وهي الوقنات أيضا وقد وكن الطائر يكن ووقن يقن ووكر يكر؛ إذا أوى إلى وكن. وقيل لا واحد لها فمن قال واحدها وكنة، جمع وكنة على وكنات، كما تقول غرفة وغرفات فهذا الجيد ليفرق بين الاسم والنفس فتقول في النعت حلو حلوات وفي الاسم الذي ليس بنعت وكنة وكنات وركبة ركبات وإن شئت أبدلت من الضمة فتحة فقلت ركبات، وإن شئت أسكنت لثقل الضمة فقلت وكنات وغرفات. وإن شئت أبدلت من الواو همزة فقلت أكنات ومثله [قوله تعالى] (إذا الرسل أقتت) وإنما هو الوقت وفيه القراءتان وقال أبو حاتم جمع وكرا على وكر ثم جمع وكرا على وكرات، وكذلك وكنات فهي جمع الجمع، والواو في الطير واو الحال والجملة في موضع نصب حال، يقول قد أغتدي في هذه الحال بفرس منجرد فأقام النعت مقام المنعوت أي قصير الشعر والأوابد الوحش، وكذلك أوابد الشعر وتقديره قيد الأوابد تقييد ذي الأوابد ثم حذف ذي الأوابد. والمعنى أن هذه الفرس من سرعته يلحق الأوابد فيصير لها بمنزلة القيد. وهذا الكلام جيد بالغ لم يسبقه إليه أحد والهيكل الضخم.
مكر مفر مقـبـل مـدبـر مـعـا كجلمود صخر حطه السيل من عل
أي يصلح للكر والفر، إذا أقبل حسن الإقبال وإن أدبر حسن الأدبار، وقوله معا أي عنده هذا وعنده هذا، كما يقال فارس راجل أي قد جمع هذين والجلمود الصخرة الملساء التي ليست بالكبيرة، وحطه أي حدره السيل بقوته، من عل أي من مكان عال، وفيه ثمان لغات تقول جئته من عل ومن عل ياهذا، ومن علو يا هذا، ومن علو، ومن علا وأنشد يونس.
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الـفـلا
ويقال حئتك من عال ومن معال، ومن معالى.
فمن قال: من علا، جعله نكرة، كأنه قال من موضع عال، ومن قال: من عل يا هذا فهو معرفة وتقديره من فوق ما تعلم، وقال سيبويه: فالمضارعة من علو قد حكوه لأنهم يقولون من عل فيجزونه، فمعنى هذا أن على عنده كان مما يجب أن لا يحرك، إلا أنه لما أشبه المتمكن أعطوه فضيله، وهي الحركة، واختير له الضم لأنه غاية الحركات.
وقيل: لأن الضم لا يدخل الظروف بحق الإعراب وإنما يدخلها الإعراب النصب والخفض، فيبنى على حركة ليست له، فصار من هذه الجهة بمنزلة قبل وبعد وهكذا القول فيمن قال من عل، ومن قال جئت من علو جعله نكرة وجاء به على التمام، ومن ضم قدره معرفة، ومن قال جئتك من عال فمعناه من مكان عال ثم أقام الصفة مقام الموصوف.
ولا يجوز أن نبني في هذه اللغة لأنه لم يحذف منه شيء ومن قال من معال فمعناه كمعنى عال ومن قال معالي فمعناه من مكان عال.
ومعنى هذا البيت أنه يصف أن هذا الفرس في سرعته بمنزلة هذه الصخرة التي حطها السيل في سرعة انحدارها وأن هذا الفرس حسن الإقبال والإدبار كهذه الصخرة.
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
حال متنه: موضع اللبد وإضافة إلى المتنزل الذي ينزل منه لقربه منه والمتن ما اتصل بالظهر من العجز يذكر ويؤنث والمتنزل الطائر الذي ينزل على الصخرة، فيحطه السيل وقيل المتنزل السيل لأنه ينزل الأشياء. وقيل هو المطر، والصفواء الصخرة الملساء وقد تكون الصفواء جمع مصفاة كما قالوا طرفة، وطرفاء وقصبة وقصباء، وخلقة، وخلقاء وذكر الفراء خلفة بكسر اللام كل هذا اسم للجمع لأنه لا ينقاس في نظائره ويروى عن حاذ متنه: أي وسطه. شبه ملامسة ظهر الفرس لإكثار اللحم عليه، وامتلائه بالصفاة الملساء ويقال صفوان وجمعه صفوان، وجمع صفاة صفا.
على الذبل جياش كأن اهتزامه إذا حاش حميه غلي مرجل
الذبل: الضمور ويروى على الضمر، الجياش الذي يجيش في عدوه كما تجيش القدر في غليانها وهو بمعنى الكثير مبالغة في جاش، وجاش البحر جيشان إذا ماجت أمواجه.
ويروى على المضمر الجياش، واهتزامه: صوته بشدة، وحميه: غليه.
ويروى على العقب جياش، والعقب جري بعد جري، وقيل معناه إذا حركته بعقبك جاش وكفى ذلك من السوط وعلى العقب في موضع الحال.
ومعنى هذا البيت أن هذا الفرس آخر عدوه على هذه الحال فكيف أوله؟
[مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المـركـل]
مسح: سريع يسح أي يصب العدو في جريه صبا والسابحات اللواتي كأن عدوها من سباحة والسباحة في الجري أي تدحو بأيديها دحوا أي تبسطها، والونى الفتور قال الفراء يمد ويقصر والكديد الأرض الغليظة الصلبة وقيل ما كد من الأرض بالوطء والمركل الموطوء بالحوافر أي يركل بالأرجل ومعنى البيت أن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب جرى هذا الفرس سهلا مهلا كما يسح السحاب المطر وعلى تتعلق بأثرن وكذلك الباء في الكديد.
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل
يزل: يزلق، الخف: الخفيف، صهواته، جمع صهوة، وهي موضع اللبد وقال أبو عبيدة من مقلوب ويلوي بنا أي يذهب بنا، والعنيف الذي لا رفق فيه والمثقل الثقيل الركوب، ويحتمل الثقل الثقيل البدن.
ويروى يزل الغلام والمعنى يزل الفرس الغلام الخف وقال عن صهواته، وإنما هي صهوة واحدة والتقدير أنه جمعها بما حواليه، ومعناه أن هذا الفرس إذا ركبه الخفيف لم يتمالك أن يصلح شيئا عليه وإذا ركبه الغلام زل عنه وزاغ الفرس من تحته وإنما يصلح له من يداريه.
درير كخذروف الوليد أمره تتابع كفيه بخيط موصل
أي مندر في العدو، وقيل الدرير السريع، والخذروف الخرارة التي يلعب بها الصبيان يسمع لها صوت، والإمرار الفتل، وقيل هي النشابة والإمرار إسراع الفتل، وإحكامه بقوة ومنه قوله تعالى (ذو مرة فاستوى) والوليد الصبي وقوله بخيط موصل قد لعب به حتى خف وملس فيقطع ويوصل.
له أيطلا ظبي وساقا نـعـامة وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
الظبي هنا اسم جبل، والأيطلان الخاصرتان، والإرخاء جرى فيه سهولة والسرحان الذئب والتقريب دون العدو، وهو أن يرفع يديه معا، ويضمهما معا، والتتفل ولد الثعلب، وها هنا التتفل وهو الثعلب نفسه، وإنما شبه عدو الفرس بعدو من كل جهة لأنه يقال تذاءبت الريح من كل جهة إذا جاءت، وله أسماء يقال ذئب، وسرحان، وسلق، وأويس، وسيد، وقد أوضحناه في غرر المعارف ودرر العوارف. ويقال لولد الثعلب تتفل بفتح التاء وضم الفاء وتتفل بضم التاء وفتح الفاء ولو سميت الرجل يتتفل أو تتفل لم تصرفه في المعرفة لأنه على مثال تفعل وتفعل ولو سميته بتتفل لصرفته في المعرفة والنكرة لأنه ليس في الأفعال تفعل وقوله ساقا نعامة ومعناه أنه قصير الساقين، صلبهما كالنعامة وذلك محمود في الخيل.
ضليع إذا استدبرته سـد فـرجـه بضاف فويق الأرض ليس بأعزل
الضليع: القوي المنتفخ الجنبين، وقيل الضليع الشديد، وقيل هو الذي يضلع بما حمل وفرجه ما بين رجليه، بضاف أي ذنب طويل والأعزل الذي ذنبه في شق وهو عيب في الخيل.
كأن سراته لدى البيت [قـائمـا] مداك عروس أو صلاية حنظل
سراته: ظهره، لدى البيت: عند البيت، المداك: الحجر الذي يسحق به الطيب، الصلاية التي يسحق عليها المبيد، وهو الحنظل، ويروى صراية حنظل وهي الحنظلة الخضراء.
كأن دماء الهاديات بنـحـره عصارة حناء بشيب مرجل
الهاديات: المقدمات وهادي كل شيء أوله ونحره أعلى صدره ومرجل: مسرح.
فعن لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاء مذبل
عن اعترض قال أبو العباس محمد بن يزيد السرب القطيع من البقر والظباء والنساء ولا يستعمل في غير القطيع إلا الفتح.
وقال غيره السرب: القطيع من الظباء والبقر خاصة وهو هنا البقر، ودوار اسم صنم في الجاهلية كانوا يطوفون حوله وهم عراة، وأتى بعضهم إلى بني عدي فوجدهم يطوفون بدوار عراة فأعجبه ما رأى من محاسن النساء فقال:
ألا ليت أخوالي عـديا لهم في ما أتى دوار
وكذلك كانوا يطوفون في البيت الحرام عراة أيضا في الجاهلية فقالت امرأة:
اليوم يبدو بعضه أوكله وما بدا منه فلا أحله
أصـم مـثـل الـق عب بـاد ظـلــه
إلا الحمس وهم قريش فيطوفون في ثيابهم، النساء في الليل والرجال في النهار وكانت المرأة منهم تتخذ مسابح من سيور فتعلقها بحقويها وتضمها وتدور الدوران بعينه ودوار بالضم موضع في الرمل ودوار سجن باليمامة.
فأدبرن كالجزع المفصل بينه بجيد معم في العشيرة مخول
قال أبو عبيدة الجزع الخرز فيه بياض وسواد، فالوسط أبيض، والطرفان أسودان إلى الطول، وذلك أن البقر بيض القوائم.
ومعم مخول كريم العم والخال وذو العم والخال، وأضاف إليه الجزع لأن الجزع أصغر الخرز.
فألحقه بـالـهـاديات ودونـه جواحرها في صرة لم تزمل
الجواحر: اللواتي قد تخلفن، والجاحر المتخلف حتى أدرك، فالحقه، لحق الفرس والغلام بالهاديات، ودونه المتخلفات والصرة: الجماعة، ويقال الصرة الصيحة والضجة وقيل الشدة، يقال صراتنا إذا شد بعضها على بعض وأما قوله تعالى (فأقبلت امرأته في صرة)، في شدة واهتمام وضجة والصرة بالكسرة الليلة الباردة ومنها قوله تعالى (فيها صر أصابت حرث قوم) قال الشماخ وهو ضرار بن معقل:
في ليلة صرة طخـياء نـاجـية ما تبصر العين فيها كف ملتمس
وأما الصرة بالضم فالخرقة التي يصر فيها الشيء، قال الشاعر:
لا يألف الدرهم الصياح صرتها لكن يمر عليها مر منطلـق
وقيل الصرة بالفتح الجماعة وقال بعض المفسرين (فأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة واستدل عليه بقول الشاعر:
هباط أودية ومأوى صرة حسنا وفيهن الأسنة تلمع
وقوله: فعادى عداء بين ثورة ونعجة=دراكا ولم ينضح بماء فيغسل فعادى: والى بين صيدين في طلق، ولم ينضح بماء: أي لم يعرق، فيكون اعتراه ماء، فيغسل بالماء، وعداء مصدر عادي يعادي معاداة وعداء دراكا ومداركة، وعادى من العدو لا من العود، ولم يرد ثورا بعينه، ولا بقرة بعينها، والنعجة يريد بها البقرة الوحشية بدليل قوله دراكا ولو أراد ثورا ونعجة فقط لاستثنى بقوله، فعادى، ويجوز في ينضح بضم الياء وفتحها.
فظل طهاة اللحم ما بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل
الطهاة: الطباخون واحدهم طاه، والصفيف الذي صفف مرققا على الجمر والطبخ ما طب في قدر وأما خفض قدير فأجود ما قيل فيه وأجاز سيبويه أنه كان يجوز أن يقول من منضج صفيف شواء.
فحمل قديرا على صفيف، لو كان مجرورا.
وشرح هذا أنك
sage- دائم الحضور
- عدد المساهمات : 4949
رد: شرح معلقة امرؤ القيس
تابع
إن هذا أوان إتيانك وحضورك 11
يقال : ظل زيد قائما إذا أتى عليه النهار
وهو قائم ، وبات زيد نائما إذا أتى عليه الليل وهو نائم ، وطفق زيد يقرأ
القرآن إذا أخذ فيه ليلا ونهارا ، الهداب والهدب : اسمان لما استرسل من
الشيء نحو ما استرسل من الأشفار ومن الشعر ومن أطراف الأثواب ، الواحد
هدابة وهدبة ، ويجمع الهدب على الأهداب ، الدمقس والمدقس: الإبريسم ، وقيل
هو الأبيض منه خاصة. يقول : فجعلن يلقي بعضهن إلى بعض شواء المطية استطابة
أو توسعا فيه طول نهارهن وشبه لحمها بالإبريسم الذي أجيد قتله وبولغ فيه ،
وقيل هو القز 12
الخدر : والهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر
والحجلة وغيرهما ، ومنه قولهم : خدرت الجارية وجارية مخدرة أي مقصورة في
خدرها لا تبرز منه ، ومن ذلك قولهم : خدر الأسد يخدر خدرا وأخدر إخدارا .
إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلى الأخيلية: فتى كان أحيا من فتاة حيية وأشجع
من ليث يخفان خادر وقول الشاعر: كالأسد الورد غدا من مخدره والمراد بالخدر
في البيت الهودج ، عنيزة : اسم عشيقته وهي إبنة عمه وقيل : هو لقب لها
واسمها فاطمة ، وقيل بل اسمها عنيزة ، وفاطمة غيرها ، قوله : فقالت لك
الويلات ، أكثر الناس على أن هذا دعاء منها عليه ، والويلات : جمع ويلة ،
والويلة والويل: شدة العذاب ، وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض الدعاء
عليه ، والعرب تفعل ذلك صرفا لعين الكمال عن المدعو عليه . ومنه قولهم :
قاتلة الله ما أفصحه ! ومنه قول جميل : رمى الله في عيني بثينة بالقذى وفي
الغر من أنيابها بالقوادح ، ويقال : رجل الرجل يرجل رجلا فهو راجل ،
وأرجلته أنا صيرته راجلا ، خدر عنيزة بدل من الخدر الأول والمعنى : ويوم
دخلت خدر عنيزة ، وهذا مثل قوله تعالى : "لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات "
ومنه قول الشاعر: يا تيم ياتيم عدي لا أبا لكمو لا يلفينكمو في سوأة عمر
وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف ، للتأنيث والتعريف. يقول: ويوم دخلت
هودج عنيزة فدعت علي أو دعت لي في معرض الدعاء علي ، وقالت إنك تصيرني
راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة
التي نالها منهن أيضا 13
الغبيط : ضرب من الرحال ، وقيل بل ضرب من
الهوادج ، الباء في قوله : بنا للتعدية وقد أمالنا الغبيط جميعا ، عقرت
بعيري: أدبرت ظهره ، من قولهم : كلب عقور ، ولا يقال في ذي الروح إلا عقور.
يقول : كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرحل إبانا : قد
أدبرت ظهر بعيرى فأنزل عن البعير 14
جعل العشيقة بمنزلة الشجرة ، وجعل
ما نال من عناقها وتقبيلها وشمها بمنزلة الثمرة ليتناسب الكلام ، المعلل :
المكرر ، من قولهم : عله يعله إذا كرر سقيه ، وعلله للتكثير والتكرير .
والمعلل : الملهى ، من قولك : عللت الصبي بفاكهة أي ألهيته بها : وقد روي
اللفظ في البيت بكسر اللام وفتحها ، والمعنى على ما ذكرنا يقول : فقلت
للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول : سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني مما
أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي أكرره . ويقال لمن على
الدابة سار يسير ، كما يقال للماشي كذلك قال: سيري وهي راكبة ، الجنى : اسم
لما يجتنى من الشجر ، والجنى المصدر ، يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها 15
خفض
فمثلك بإضمار رب ، أراد فرب امرأة حبلى . الطروق : الإتيان ليلا ، والفعل
طرف يطرق ، المرضع : التي لها ولد رضيع ، إذا بنيت على الفعل أنثت فقيل :
أرضعت فهي مرضعة ، وإذا حملوها على انها بمعنى ذات إرضاع أو ذات رضيع لم
تلحقها تاء التأنيث ، ومثلها حائض وطالق وحامل ، لا فصل بين هذه الأسماء
فيما ذكرنا ، وإذا حملت على انها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث ،
وإذا حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث ، ومعنى المنسوب في هذا الباب ان
يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا ، والاسم إذا كان من هذا القبيل عرته
العرب من علامة التأنيث كما قالوا : امرأة لابن أي ذات لبن وذات تمر ، ورجل
لابن تامر أي ذو لبن وذو تمر ، ومنه قوله تعالى :"السماء منفطر بها" نص
الخليل على أن المعنى : السماء ذات انفطار به ، لذلك تجرد لفظ منفطر عن
علامة التأنيث . وقوله تعالى :"لا فارض ولا بكر عوان" أي لا ذات فرض ،
وتقول العرب : جمل ضامر وناقة ضامر ، وجمل شائل وناقة شائل ، ومنه قول
الأعشى: عهدى بها في الحي قد سربلت بيضاء مثل المهرة الضامر أي ذات لبن
وذات تمر ، وقول الآخر: وغررتني وزعمت أنك لابن في الصيف تامر أي ذات لبن
وذات تمر ، وقول الآخر: رابعتني تحت ليل ضارب بساعد فعم وكف خاضب أي ذات
خضاب ، وقال أيضا: ياليت أم العمر كانت صاحبي مكان من أمسى على الركائب أي
ذات صبحتي ، وأنشد النحويون: وقد تخذت رحلي لدى جنب غرزها نسيفا كأفحوص
القطاة المطرق أي ذات التطريق . والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير
منقاد للقياس ، لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيا إذا شغلت عنه وسلوت ، وألهيته
إلهاء إذا شغلته ، التميمة : العوذة ، والجمع التمائم ، يقال : احول الصبي
إذا تم له حول فهو محول ، ويروى : عن ذي تمائم مغيل ، يقال : غالت المرأة
ولدها تغيل غيلا وأغالت تغيل إغيالا إذا أرضته وهي حبلى ويروى : ومرضع
بالعطف على حبل . ويروى: ومرضعا على تقدير طرقتها ، ومرضعا تكون معطوفة على
ضمير المفعول يقول : فرب امرأة حبلى قد أتيتها ليلا ، ورب امرأة ذات رضيع
أتيتها ليلا فشغلتها عن ولدها الذي علقت عليه العوذة وقد أتى عليه حول كامل
أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها ، وإنما خص الحبلى والمرضع
لانهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفا بهم وحرصا عليهم ، فقال : خدعت
مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني ؟ قوله : فمثلك ، يريد به
فرب امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها ، لان عنيزة في هذا الوقت كانت
عذراء غير حبلى ولا مرضع 16
شق الشيء: نصفه . يقول . إذا ما بكى الصبي
من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الاعلى فأرضعته وأرضته بينما بقي تحتي
نصفها الاسفل لم تحوله عني ، وبذلك وصف غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم
يشغلها عن مرامه ما يشغل الامهات عن كل شيء17
الكثيب : رمل كثير ،
والجمع أكثبه وكثب وكثبان، التعذر: التشدد والالتواء ، والإيلاء والائتلاء
والتألي: الحلف ، يقال : آلى وتألى إذا حلف ، واسم اليمين الالية والالوة
معا ، والحلف المصدر ، والحلف بكسر اللام ، الاسم ، الحلفه : المرة .
التحلل في اليمين : الاستثناء . نصب حلفه لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال :
وآلت إبلاء ، والفعل يعمل فيما وافق مصدره في المعنى كعمله في مصدره نحو
قولهم : إني لأشنؤه بغضا وإني لأبغضه كراهية . يقول : وقد تشددت العشيقة
والتوت وساءت عشرتها يوما على ظهر الكثيب المعروف وحلفت حلفا لم تستثن فيه
أنها تصارمني وتهاجرني ، هذا ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة ،
ويحتمل أنها مع المرضع التي وصفها18
مهلا :أي رفقا ، الإدلال والتدليل :
أن يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به ، والاسم الدل
والدال والدلال ، أزمعت الأمر وأزمعت عليه : وطنت نفسي عليه يقول : يافاطمة
دعي بعض دلالك وإن كنت وطنت نفسك على فراقي فأجملي الهجران . نصب بعض لأن
مهلا ينوب مناب دع ، الصرم : المصدر ، يقال : صرمت الرجل أصرمه صرما إذا
قطعت كلامه ، والصرم هو الاسم ، فاطمه : اسم المرضع واسم عنيزة ، عنيزة لقب
لها فيما قيل 19
يقول : قد غرك مني كون حبك قاتلي وكون قلبي منقادا لك
بحيث مهما أمرته بشيء فعله . وألف الاستفهام دخلت على هذا القول للتقرير لا
للاستفهام والاستخبار ، ومنه قول جرير: ألستم خير من ركب المطايا وأندى
العالمين بطون راح يريد أنهم خير هؤلاء ، وقيل : بل معناه قد غرك مني أنك
علمت أن حبك مذللي ، والقتل التذليل ، وأنك تملكين قؤادك فمهما أمرت بقلبك
بشيء أسرع إلى مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى
سهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي ، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر
وقال : عنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء
فعله ؟ قال : يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي ،
والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال لأن مثل هذا الكلام
لا يستحسن في النسيب 20
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى
القلب ، كما حملت الثياب على القلب في قول عنتره : فشككت بالرمح الأصم
ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم وقد حملت الثياب في قوله تعالى:"وثيابك
فطهر" على أن المراد به القلب ، فالمعنى على هذا القول : إن ساءك خلق من
أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي علي قلبي أفارقك ، والمعنى على هذا القول :
استخرجي قلبي من قلبك يفارقه ، النسول : سقوط الريش والوبر والصوف والشعر ،
يقال : نسل ريش الطائر ينسل نسولا ، واسم ما سقط النسيل والنسال ، ومنهم
من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي ، والرواية الأولى أولاهما
بالصواب ، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال :
كنى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما ، وقال : إن ساءك شيء من أخلاقي
فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي ففارقيني وصارميني كما تحبين ، فإني لا اؤثر
إلا ما آثرت ولا اختار إلا ما اخترت ، لانقيادي لك وميلي إليك ، فإذا آثرت
فراقي آثرته وإن كان سبب هلاكي 21
ذرف الدمع يذرف ذريفا وذرفانا وتذرافا
إذا سال ، ثم يقال ذرفت كما يقال دمعت عينه ، وللأئمة في البيت قولان ،
قال الأكثرون : استعار للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب
وجرحهما إياها كما ان السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها ، الأعشار من قولهم :
برمة أعشار إذا كانت قطعا ، ولا واحد لها من لفظها ، المقتل : المذلل غاية
التذليل ، والقتل في الكلام التذليل ، ومنه قولهم : قتلت الشراب إذ فللت
غرب سورته بالمزاج ، ومنه قول الأخطل : فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها وحب بها
مقتولة حين تقتل وقال حسان: إن التي ناولتني فرددتها قتلت قتلت فهاتها لم
تقتل ومنه : قتلت أرض جاهلها وقتل ارضا عالمها ، ومنه قوله تعالى : "وما
قتلوه يقينا" عند أكثر الأئمة : أي ما ذللوا قولهم بالعلم اليقين . وتلخيص
المعنى على هذا القول : وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع
عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل ، أي نكايتها في
قلبي نكاية السهم في المرمى ، وقال آخرون : أراد بالسهمين المعلى والرقيب
من سهام الميسر والجزور يقسم بهذين القدحين فقد فاز بجميع الاجزاء وظفر
بالجزور ، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله
وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي به ، والأعشار على هذا القول جمع عشر لأن اجزاء
الجزور عشرة ، والله أعلم 22
أي ورب بيضة خدر ، يعني ورب امرأة لزمت
خدرها ، ثم شبهها بالبيض ، والنساء بشبهن بالبيض من ثلاثة أوجه : أحدهما
بالصحة والسلامة عن الطمث ، ومنه قول الفرزدق: خرجن إلي لم يطمئن قبلي وهن
أصح من بيض النعام ويروى : دفعن إلي ، ويروى : برزن إلي . والثاني في
الصيانة والستر لأن الطائر يصون بيضه ويحضنه . والثالث في صفاء اللون
ونقائه لأن البيض يكون صافي اللون نقية إذا كان تحت الطائر . وربما شبهت
النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة وكذلك لون
بيض النعام ، ومنه قول ذي الرمة : كأنها فضة قد مسها الذهب ، الروم : الطلب
، والفعل منه يروم ، الخباء : البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر ،
والجمع الأخبية ، التمتع : الانتفاع وغيره ، يروى بالنصب والجر ، فالجر
على صفة لهو والنصب على الحال من التاء في تمتعت يقول : ورب امرأة - كالبيض
في سلامتها من الافتضاض أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه أو
بياضها المشوب بصفرة يسيرة - ملازمة خدرها غير خراجه ولاجة انتفعت باللهو
فيها على تمكث وتلبث لم اعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها 23
الاحراس :
يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد واشهاد ،
ويجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة خادم وخدم وغائب وغيب وطالب وطلب وعابد وعبد
، المعشر: القوم ، والجمع المعاشر ، الحراص: جمع حريص ، مثل ظراف وكرام
ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم ، الإسرار :الإظهار والاضمار جميعا . وهو من
الأضداد ، ويروى : لو يشرون مقتلي ، بالشين المعجمة ، وهو الاظهار لاغير
يقول : تجاوزت في ذهابي اليها وزيارتي إياها أهو الا كثيرة وقوما يحرسونها
وقوما حراصا على قتلي لو قدروا عليه في خفية لأنهم لا يجترثون على قتلي
جهارا ، أو حراصا على قتلي او امكنهم قتلي ظاهرا لينزجر ويرتدع غيري عن مثل
صنيعي ، وحمله على الاول أولى لأنه كان ملكا والملوك لا يقدر على قتلهم
علانية 24
التعرض : الاستقبال ، والتعرض إبداء العرض ، وهو الناحية ،
والتعرض الأخذ في الذهاب عرضا، الاثناء : النواحي ، والاثناء الاوساط ،
واحدها ثنى مثل عصى وثني مثل معي وثني بوزن فعل مثل نحي ، وكذلك الآناء
بمعنى الاوقات والآلاء بمعنى النعم في واحدها ، هذه اللغات الثلاث ، المفصل
: الذي فصل بين خرزه بالذهب أو غيره يقول : تجاوزت إليها في وقت إبداء
الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو
غيره عرضة يقول : أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الثريا في الافق الشرفي ،
ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ، هذا أحسن الاقوال في تفسير البيت ،
ومنهم من قال شبه كواكب الثريا بجواهر الوشاح لان الثريا تأخذ وسط السماء
كما أن الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة ، ومنهم من زعم إنه أراد الجوزاء
فغلط وقال الثريا لان التعرض للجوزاء دون الثريا ، ، وهذا قول محمد بن سلام
الجمحي ، وقال بعضهم : تعرض الثريا - هو انها إذا بلغت كبد السماء أخذت في
العرض ذاهبة ساعة كما ان الوشاح يقع مائلا إلى أحد شقي المتوحشة به 25
نضا
الثياب ينضوها نضوا إذا خلعها ، ونضاها ينضيها إذا أراد المبالغة ، اللبسة
: حالة الملابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الجلسة والقعدة والركبة والردية
الازرة ، المتفضل : اللابس ثوبا واحدا إذا أراد الخفة في العمل ، والفضلة
والفضل إسمان لذلك يقول : اتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد
تنام فيه وقد وقفت عند الستر مترقبة ومنتظرة لي وإنما خلعت الثياب لتري
أهلها أنها تريد النوم 26
اليمين : الحلف ، الغواية والغي: الضلالة ،
والفعل غوي يغوى غواية ويروي العماية وهي العمى ، الانجلاء : الانكشاف ،
وجلوته كشفته فانجلى ، الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار
ماقبلها. وإن في قوله : وما إن ، إن زائدة ، وهي تزاد ما النافية : وما إن
طبنا جبن ولكن منايا ودولة آخرينا يقول : فقالت الحبيبة أحلف بالله ما لك
حيلة أي ما في لدفعك عني حيلة ، وقيل : بل معناه ما لك حجة في ان تفضحني
بطروقك إياي وزيارتك ليلا ، يقال : ماله حيلة أي ما له عذر وحجة ، وما أرى
ضلال العشق وعماه منكشفا عنك ، وتحرير المعنى أنها قالت : مالي سبيل إلى
دفعك أو ما لك عذر في زياتي وما أراك نازعا عن هواك وغيك ، ونصب يمين الله
كقولهم : الله لاقومن ، على إضمار الفعل ، وقال الرواة : هذا أغنج بيت في
الشعر 27
خرجت بها ، أفادت الباء تعدي الفعل ، والمعنى : اخرجتها من
خدرها ، الأثر والإثر واحد ، وأما الاثر ، بفتح الهمزة وسكون الثاء : فهو
فرند السيف ، ويروى : على إثرنا أذيال ، والذيل يجمع على الاذيال والذيول ،
المرط عند العرب : كساء من خز أو مرعزى أو من صوف ، وقد تسمى الملاءة مرطا
ايضا ، والجمع المروط ، المرحل : المنقش بنقوش تشبه رحال الابل ، يقال :
ثوب مرحل وفي هذا الثوب ترحيل يقول : فأخرجتها من خدرها وهي تمشي وتجر
مرطها على أثرنا لتعفي به آثار أقدامنا ، والمرط كان موشى بأمثال الرحال ،
ويروى : نير مرط ، والنير : علم الثوب 28
يقال : أجزت المكان وجزته إذا
قطعته إجازة وجوازا ، الساحة تجمع على الساحات والسوح مثل قارة وقارات وقار
وقور ، والقارة : الجبيل الصغير، الحي : القبيلة ، والجمع الأحياء ، وقد
تسمى الحلة حيا ، الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشئ ، ذكره ابن
الأعرابي . للبطن : مكان مطمئن ، الحقف : رمل مشرف معوج ، والجمع أحقاف
وحقاف ويروى : ذي قفاف ، وهي جمع قف ، وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ
أن يكون جبلا ، العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد . وأصله من العقل وهو الشد
. وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيين إن الواو في وانتحى - مقحمة زائدة . وهو
عندهم جواب لما ، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالي : "وناديناه أن يا
ابراهيم" والواو لا تقحم زائدة في جواب لما عند البصريين ، والجواب يكون
محذوفا في مثل هذا الموضع تقديره في البيت : فلما كان كذا وكذا تنعمت
وتمتعت بها ، أو الجواب قوله هصرت ، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبا ، وحذف
جواب لما كثير في التنزيل وكلام العرب . ويقول : فلما جاوزنا ساحة الحلة
وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف ، يريد مكانا مطمئنا
أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة ، والعقنقل من صفة الخبت لذلك لم يؤنثه ،
ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلة محل الأسماء معطله من علامة التأنيث
لذلك . وقوله : وانتحى بنا بطن خبت ، أسند الفعل إلى بطن خبت ، والفعل عند
التحقيق لهما لكنه ضرب من الاتساع في الكلام ، والمعنى صرنا إلى مثل هذا
المكان ، وتلخيص المعنى : فلما خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل
هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا29
الهصر : الجذب ، والفعل هصر يهصر ،
الفودان . جانبا الرأس ، تمايلت أي مالت . ويروى ، بغصني دومة ، والدوم .
شجر المقال ، واحدتها دومة ، شبهها بشجرة الدوم وشبه ذؤابتيها بغصنين وجعل
ما نال منها كالثمر الذي بجتنى من الشجر ، ويروى : إذا قلت هاتي ناولينتي
تمايلت ، والنول والإنالة والتنويل : الاعطاء ، ومنه قيل للعطية نوال ،
هضيم الكشح لأنه يدق بذلك الموضع من جسده فكأنه هضيم عند قرار الردف
والجنبين والوركين ، ريا : تأنيث الريان ، المخلخل : موضع الخلخال من الساق
، والمسور : موضع السوار من الذراع ، والمقلد : موضع القلادة من العنق ،
والمقرط : موضع القرط من الأذن . عبر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالري
. هصرت : جواب لما من البيت السابق عند البصريين ، وأما الرواية الثالثة
وهي إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف على تلك الرواية على ما مر ذكره في
البيت الذى قبله يقول : لما خرجنا من الحلة وأمنا الرقباء جذبت ذؤابتيها
إلى فطاوعتني فيما رما منها ومالت علي مسعفة بطلبتي في حال ضمور كشحيها
وامتلاه ساقيها باللحم ، والتفسير على الرواية الثالثة : إذا طلبت منها ما
أحببت وقلت أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا ، ونصب هضيم الكشح على الحال ولم يقل
هضيمة الكشح لأن فعيلا إذا كان بمعنى مفعول لم تلحقه علامة التأنيث للفصل
بين فعيل إذا كان بمعنى الفاعل وبين فعيل إذا كان بمعنى المفعول ، ومنه
قوله تعالى : "إن رحمة الله قريب من المحسنين 30
المهفهفة : اللطيفة
الخصر الضامرة البطن ، المفاضة : المرأة العظيمة البطن المسترخية اللحم ،
الترائب جمع التريبة : وهي موضع القلادة من الصدر ، السقل والصقل ، بالسين
والصاد : إزالة الصدإ والدنس وغيرهما ، والفعل منه سقل يسقل وصقل بصقل ،
السجنجل : المرآة ، لغة رومية عربتها العرب ، وقيل بل هو قطع الذهب والفضة
يقول : هي المرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيممة البطن و لا مسترخية
وصدرها براق اللون متلألىء الصفاء كتلألؤ المرآة 31
البكر من كل صنف :
مالم يسبقه مثله ، المقاناة . الخلط ، يقال : قانيت بين الشيئين إذا خلطت
أحدهما بالآخر ، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر ، النمير :
الماء النامي في الجسد ، المحلل : ذكر أنه من الحلول وذكر أنه من الحل ِ،
ثم إن للائمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال : أحدها أن المعنى كبكر البيض
التي قوني بياضها بصفرة ، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة بسيرة
، شبه بلون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضا خالطته صفرة ،
ثم رجع إلى صفتها فقال : غذاها ماء غير عذب لم يكثر حلو الناس عليه فيكدره
ذلك ، يريد أنه عذب صاف ، وإنما شرط هذا لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرا
في الغذاء لفرط لحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه ،
وتلخيص المعنى على هذا القول : إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها
الماء نمير عذب صاف ، والبياض شابته صفرة هو أحسن ألوان النساء عند العرب .
والثاني أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة ، وأراد ببكرها
درتها التي لم ير مثلها ، ثم قال : قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير
محللة لمن رامها لأنها في قعر البحر لاتصل إليها الأيدي ، وتلخيص المعنى
على هذا القول : إنه شبهها في صفاء وكذلك لون الصدفة ، ثم ذكر أن الدرة
التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لاتصل إليها أيدي طلابها ، وإنما شرط النمير
والدر لايكون إلا في الماء الملح لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار
سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا . والثالث أنه أراد كبكر البردي التي
شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه ، وشرط
ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي ، والتشبيه من
حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطت بياض البردي . ويروى البيت بنصب
البياض وخفضه ، وهما جيدان ، بمنزلة قولهم : زيد الحسن الوجه ، والحسن
الوجه ، بالخفض على الاضافة والنصب على التشبيه كقولهم : زيد الضارب
الرجل32
الصد والصدود : الاعراض ، والصد أيضا الصرف والدفع ، والفعل منه
صد يصد ، والاصداد الصرف أيضا ، الإبداء : الاظهار ، الأسالة : امتداد
وطول الخد ، وقد أسل أسالة فهو أسيل ، الاتقاء : الحجز بين الشيئين ، يقال :
اتقيته بترس أي جعلت الترس حاجزا بيني وبينه ، وجرة : موضع ، المطفل :
التي لها طفل ، الوحش . جمع وحشي مثل زنج وزنجي وروم ورومي . يقول : تعرض
العشيقة عني وتظهر خدا اسيلا وتجعل بيني وبينها عينا ناظرة من نواظر وحش
هذا الموضع التي لها أطفال ، شبهها في حسن عينيها بظبية مطفل أو بمهاة مطفل
. وتلخيص المعنى : إنها تعرض عني فتظهر في أعراضها خخدا أسيلا وتستقبلني
بعيون مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها اللواتي لها أطفال ، وخصهن لنظرهن إلى
أولادهن بالعطف والشفقة وهن أحسن عيونا في تلك الحال منهن في سائر الأحوال .
قوله : عن أسيل ، أي عن خد اسيل ، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه كقولك .
مررت بعاقل ، إي بانسان عاقل ، وقوله : من وحش وجرة ، أي من نواظر وحش
وجرة ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامة كقوله تعالى : "وسأل القرية"
أي أهل القرية 33
الرئم . الظبي الأبيض الخالص البياض ، والجمع ارآم ،
النص : الرفع ، ومنه سمي ما تجلي عليه العروس منصة ، ومنه النص في السير
وهو حمل البعير على سير شديد ؛ ونصصت الحديث أنصه نصا : رفعته ، الفاحش :
ما جاوز القدر المحمود من كل شيء يقول : وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير
متجاوز قدره المحمود إذا ما رفعت عنقها وهو غير معطل عن الحلي ، فشبه عنقها
بعنق الظبية في حال رفعها عنقها ، ثم ذكر أنه لا يشبه عنق الظبي في التعطل
عن الحلي 34
الفرع : الشعر التام ، والجمع فروع ، ورجل أفرع وامرأة
فرعاء ، الفاحم : الشديد السواد مشتق من الفحم ، يقال : هو فاحم بين
الفحومة ، الأثيث: الكثير ، والأثاثة الكثرة ، يقال : أث الشعر والنبت ،
القنو يجمع على الإقناء والقنوان ، العثكول والعثكال قد يكونان بمعنى القنو
وقد يكونان بعنى قطعة من القنو ، والنخلة المتعثكلة : التي خرجت عثاكيلها
أي قنوانها يقول : وتبدي عن شعر طويل تام يزين ظهرها إذا ارسلته عليه ؛ ثم
شبه ذؤابتيها بقنو نخلة خرجت قنوانها ، والذوائب تشبه بالعناقيد ، والقنون
يراد به تجعدها وأثاثتها 35
الغدائر جمع الغديرة : وهي الخصلة من الشعر ،
الاستشزار: الارتفاع والرفع جميعا ، فيكون الفعل من ه مرة لازما ومرة
متعديا ، فمن روى مستشزرات بكسر الزاي جعله من اللازم ، ومن روى بفتح الزاي
جعله من المتعدي ، العقيصة : الخصلة المجموعة من الشعر ، والجمع عقص
وعقائص ، والفعل من الضلال والضلالة ضل يضل يقول : ذوائبها وغدائرها
مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق ، يراد به شدها على الرأس بخيوط ، ثم قال :
تغيب تعاقيصها في شعر بعضه مثنى وبعضه مرسل ، أراد به وفور شعرها .
والتعقيص التجعيد 36
الجديل خطام يتخذ من الادم ، والجمع جدل ، المخصر :
الدقيق الوسط ، ومنه نعل مخصرة ، الانبوب : ما بين العقدتين من القصب
وغبره ، والجمع الأنابيب . السقي هاهنا : بمعنى المسقي كالجريح بمعنى
المجروح ، والجني بمعنى المجني ويقول : وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقته
خطاما متخذا من الادم و عن ساق يحكي في صفاء لونه انابيب بردي بين نخل قد
ذللت بكثرة الحمل فأظلت أغصانها هذا البردي ، شبه ضمور بطنها بمثل هذا
الخطام ، وشبه صفاء لون ساقها ببردي بين نجيل تظلله أغصانها ، وإنما شرط
ذلك ليكون أصفى لونا وأنقى رونقا ، وتقدير قوله كأنبوب السقي كأنبوب النخل
المسقي ، ومنهم من جعل السقي نعتا للبردي ايضا ، والمعنى على هذا القول :
كأنبوب البردي المذلل بالارواء 37
الاضحاء . مصادفة الضحى ، وقد يكون
بمعنى الصيرورة ايضا ، يقال : أضحى زيد غنيا أي صار ، ولا يراد به إنه صادف
الضحى على صفة الغنى ، ومنه قول عدي بن زيد : ثم أضحوا كأنهم ورق جف فألوت
به الصبا والدبور أي صاروا ، الفتيت الفتات : أسم لدقاق الشيء الحاصل
بالفت ، قوله : نؤوم الضحى ، عطل نؤوما عن علامة التأنيث لأن فعولا إذا كان
بمعنى الفاعل يستوي لفظ صفة المذكر والمؤنث فيه ، يقال : رجل ظلوم وامرأة
ظلوم ، ومنه قوله تعالى :"توبة نصوحا" ، قوله : لم تنتطق عن تفضل ، أي بعد
تفضل ، كما يقال : استغنى فلان عن فقره أي بعد فقره ، والتفضل : ليس الفضلة
، وهي ثوب واحد يلبس للخفة في العمل يقول : تصادف العشيقة الضحى ودقاق
المسك فوق فراشها الذي باتت عليه وهي كثيرة النوم في وقت الضحى ولا تشد
وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة ، يريد إنها مخدومة منعمة تخدم ولا تخدم ،
وتلخيص المعنى : أن فتات المسك يكثر على فراشها وأنها تكفى أمورها فلا
تباشر عملا بنفسها وصفها بالدعة والنعمة وخفض العيش وإن لها من يخدمها
ويكفيها أمورها 38
العطو : التناول ، والفعل عطا يعطو عطوا ، والاعطاء
المناولة ، والتعاطي التناول ، والمعطاة الخدمة ، والتعطية مثلها . الرخص :
اللين الناعم ، الشثن : الغليظ الكز ، وفد شثن شثونة ، والأسروع واليسروع :
دود يكون في البقل والاماكن الندية ، تشبه أنامل النساء به ، والجمع
الاساريع واليساريع ، ظبي: موضع بعينه ، المساويك : جمع المسواك ، الاسحل :
شجرة تدق أغصانها في استواء ، تشبه الاصابع بها في الدقة والاستواء يقول :
وتتناول الاشياء ببنان رخص لين ناعم غير غليظ ولا كز كأن تلك الانامل تشبه
هذا الصنف من الدود أو هذا الضرب من المساويك وهو المنخذ من أغصان الشجر
المخصوص المعين 39
الاضاءة : قد يكون الفعل المشتق منها لازما وقد يكون
متعديا ، تقول : أضاء الله الصبح فأضاء ، والضوء والضوء واحد ، والفعل ضاء
يضوء ضوءا ، وهو لازم ، المنارة : المسرجة ، والجمع المناور والمنائر ،
الممسى : بمعنى الامساء والوقت جميعا ، ومنه قول أمية : الحمد لله ممانا
ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا ، الراهب يجمع على الرهبان مثل راكب
وركبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرهبان واحدا ويجمع حينئذ على الرهبانة
والرهابين كما يجمع السلطان على السلاطنة ، أنشد الفراء: لو أبصرت رهبان
دير في جبل لانحدر الرهبان يسعى ويصل جعل الرهبان واحدا ، لذلك قال يسعى
ولم يقل يسعون ، المتبتل : المنقطع إلى الله بنيته وعمله ، والبتل : القطع ،
ومنه قيل مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله تعالى ،
فالتبتل إذن الانقطاع عن الخلق والاختصاص بطاعة الله تعالى ، ومنه قوله
تعالى : "وتبتل إليه تبتيلا" يقول : تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل
فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس ، وخص مصباح الراهب لأنه يوقده ليهتدي به
عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة ، يريد ان نور وجهها يغلب ظلام الليل
كما أن نور مصباح الراهب يغلبه 40
الاسبكرار. الطول والامتداد ، الدرع :
هو قميص المرأة ، وهو مذكر ، ودرع ودروع ، المجول : ثوب تلبسه الجارية
الصغيرة يقول : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفا بها وحنينا إليها إذا
طال قدها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول ، أي بين
اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يدركن الحلم ، يريد أنها طويلة القد
مديدة القامة وهي اليوم لم تدرك الحلم وقد ارتفعت عن سن الجواري الصغار .
قوله - بين درع ومجول ، تقديره - بين لابسة درع ولابسة مجول ، فحذف المضاف
وأقام المضاف إليه مقامه 41
سلا فلان حبيبه يسلو سلوا ، وسلى يسلي سليا ،
وتسلى تسليا ، وانسلى انسلاء أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه ، العماية
والعمى واحدا ، والفعل عمي يعمى . زعم أكثر الائمة أن في البيت قلبا تقديره
: تسك لرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من
هواها وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات
الرجال بعد مضي صباهم بينما ظل فؤادي في ضلالة هواها ، وتلخيص المعنى :
أنه زعم أن عشق العشاق قد بطل وزال ، وعشقه إياها باق ثابت لا يزول ولا
يبطل 42
الخصم لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه
قوله تعالى:"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب" ، ويثنى ويجمع في لغة
الشطر الآخر من العرب ، ويجمع على الخصام والخصوم الألوي: الشديد الخصومة
كأنه يلوي خصمه عن دعواه النصيح : الناصح التعذال والعذل : اللوم ، والفعل
عذل يعذل . الألو والائتلاء : التقصير ، والفعل ألا يألو ، وائتلى يأتلي
يقول : ألا رب خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياي على هواك غير
مقصر في النصيحة واللوم رددته ولم انزجر عن هواك بغذله ونصحه . وتحرير
المعنى : أنه بخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى حتى إنه لا يرتدع عنه
بردع ناصح ولا ينجح فيه لوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رب خصم ألوى
نصيح على تعذاله غير مؤتل - رددته 43
شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته
ونكارة أمره بامواج البحر ، السدول : الستور ، الواحد منها سدل ، الإرخاء .
إرسال السدل وغيره ، الابتلاء:الاختبار ، الهموم : جمع الهم ، بمعنى الحزن
وبمعنى الهمة . الباء في قوله : بأنواع الهموم ، بمعنى مع يقول : ورب ليل
يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع
الأحزان ، أو مع فنون الهم ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون
النوائب أم أجزع منها . ولقد أمعن الشاعر في النسيب من أول القصيدة إلى هنا
حيث انتقل منه إلى التمدح بالصبر والجلد 44
تمطى أي تمدد ، ويجوز أن
يكون التمطي مأخوذا من المطا ، وهو الظهر ، فيكون المتمضي مد الظهر ، ويجوز
أن يكون منقولا من التمطط فقبلت إحدى الطاءين ياء كما قالوا ، تظنى تظنيا
والأصل تظنن تظننا ، وقالوا : تقضى البازى تقضيا أي تقضض تقضضا ، والتمطط
التفعل من المط ، وهو المد ، وفي الصلب ثلاث لغات مشهورة ، وهي : الصلب ،
بضم الصاد وسكون اللام ، والصلب بضمهما ، والصلب ، بفتحهما ، ومنه قول
العجاج يصف جارية : ريا العظام فخمة المخدم في صلب مثل العنان المؤدم ولغة
غريبة وهي الصالب ، وقال العباس عم النبي ، صلى الله عليه وسلم يمدح النبي ،
عليه السلام : تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق ، الإرداف :
الإتباع والاتباع وهو بمعنى الأول هاهنا ، الأعجاز : المآخير ، الواحد عجز ،
ناء: مقلوب نأي بمعنى بعد ، كما قالوا راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى ،
الكلكل : الصدر، والجمع كلاكل . الباء في قوله ناء بكلكل للتعدية ، وكذلك
هي في قوله تمطي بصببة ، استعار الليل صلبا واستعار لطوله لفظ التمطي
ليلائم الصلب ، واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره الأعجاز يقول : فقلت
لليل لما مد صلبه يعني لما أفرط طوله ، وأردف أعجازا يعني ازدادت مآخيره
امتدادا وتطاولا ، وناء بكلكل يعني أبعد صدره ، أي بعد العهد بأوله ،
وتلخيص المعنى : قلت لليل لما افرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره
تطاولا ، وطول الليل ينبئ عن مقاساة الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها ،
لأن المغموم يستطيل ليله ، والمسرور يستقصر ليله 45
الانجلاء: الانكشاف
، يقال : جلوته فانجلى أي كشفته فانكشف . الأمثل : الأفضل ، والمثلى
الفضلى ، الأماثل الأفاضل. يقول : قلت له ألا أنها الليل الطويل انكشف وتنح
بصبح ، أي ليزل ظلامك بضياء من الصبح ، ثم قال : وليس الصبح بأفضل منك
عندي لأني أقاسي الهموم نهارا كما اعانيها ليلا ، أو لأن نهاري أظلم في
عيني - لأزدحام الهموم علي حتى حكى الليل ، وهذا إذا رويت - وما الإصباح
منك بأمثل ، وأن رويت "فيك بأفضل" كان المعنى : وما الإصباح في جنبك أو في
الإضافة إليك أفضل منك ، لما ذكرنا من المعنى لما ضجر بتطاول ليله خاطبه
وسأله الانكشاف . وخطابه ما لا يعقل يدل على فرط الوله وشدة التحير ، وإنما
يستحسن هذا الضرب في النسيب والمرائي وما يوجب حزنا وكآبة ووجدا وصبابة 46
الأمراس
جمع مرس: وهو الحبل ، وقد يكون المرس جمع مرسة وهو الحبل أيضا فتكون
الامراس حينئذ جمع الجمع ، وقوله : بأمراس كتان ، من إضافة البعض إلى الكل ،
أي بأمراس من كتان ، كقولهم : باب حديد ، وخاتم فضة ، وجبة خز ، الاصم :
الصلب ، وتأنيثه الصماء ، والجمع الصم ، الجندل : الصخرة ، والجمع جنادل
يقول مخاطبا الليل : فيا عجبا لك من ليل كأن نجومه شدت بحبال من الكتان إلى
صخور صلاب ، وذلك أنه استطال الليل فيقول إن نجومه لا تزول من أماكنها ولا
تغرب فكأنها مشدودة بحبال إلى صخور صلبة ، وإنما استطال الشاعر الليل
لمعاناته الهموم ومقاساته الاحزان فيه وقوله : بأمراس كتان ، يعني ربطت ،
فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه ، ومنه قول الشاعر : مسسنا من الآباء
شيئا فكلتنا إلى حسب في قومه غير واضع يعني لفكلنا يعتزي أو ينتمي أو ينتسب
إلى حسب ، فحذف الفعل لدلالة باقي الكلام عليه . ويروى : كأن نجومه بكل
مغار الفتل شدت بيذبل ، هذا أعرف الروايتين وأسيرهما ، الاغارة : إحكام
الفتل ، يذبل : جبل بعينه يقول : كأن نجومه قد شدت إلى يذبل بكل حبل محكم
الفتل 47
لم يرو جمهور الائمة هذه الابيات الاربعة في هذه القصيدة
وزعموا أنها لتأبط شرا ، أعني : وقربة أقوام .. الى قوله وقد اعتدي ..
ورواها بعضهم في هذه القصيدة هنا ، العضا : وكاء القزبة ، والجمع العصم ،
الكاهل : أعلى الظهر عند مركب العنق فيه ، والجمع الكواهل ، الترحيل :
مبالغة الرحل ، يقال : رحلته إذا كررت رحله يقولِ: ورب قربة أقوام جعلت
وكاءها على كاهل ذلول قد رحل مرة بعد اخرى منى ، وفي معنى البيت قولان :
احدهما انه تمدح بتحم أثقال الحقوق وذوائب الاقوام من قرى الاضياف وإعطاء
العفاة والعفو عن القاتلين وغير ذلك ، وزعم انه قد تعود التحمل للحقوق
والنوائب ، واستعار حمل القربة لتحمل الحقوق ، ثم ذكر الكاهل لانه موضع
القربة من حاملها ، وعبر بكون الكاهل ذلولا مرحلا عن اعتياده تحمل الحقوق .
والقول الآخر انه تمدح بخدمته الرفقاء في السفر وحمله سقاء الماء على كاهل
قد مرن عليه 48
الوادي يجمع على الاودية الاوديات ، الجوف: باطن الشيئ ،
والجمع أجواف : العير : الحمار ، والجمع الاعيار ، القفر : المكان الخالي ،
والجمع القفار ، ويقال : أقفر المكان إقفارا إذا خلا ، ومنه خبز قفار لا
إدام معه ، الذئب يجمع على الذئاب والذياب والذؤبان ، ومنه قيل ذؤبان العرب
للخبثاء المتلصصين ، وأرض مذأبة : كثيرة الذئاب ، وقد تذأبت الريح وتذاءبت
إذا هبت من كل ناحية كالذئب اذا حذرت من ناحية أتى من غيرها . الخليع :
الذي قد خلعه أهله لخبثه ، وكان الرجل منهم يأتي بابنه الى الموسم ويقول :
إلا إني قد خلعت ابني فان جر لم أضمن وان جر عليه لم اطلب ، فلا يؤخذ
بجرائره ، وزعم الائمة ان الخليع في هذا البيت المقامر ، المعيل : الكثير
العيال ، وقد عيل تعييلا فهو معيل إذا كثر عياله ، العواء : صوت الذئب وما
أشبهه من السباع ، والفعل عوى يعوي عواء ، زعم صنف من الائمة انه شبه
الوادي في خلائه من الانس ببطن العير ، وهو الحمار الحشي ، إذا خلا من
العلف : وقيل:بل شبه في قلة الانتفاع به بجوف العير لانه لايركب ولا يكون
له در ، وزعم صنف منهم انه أراد كجوف الحمار فغير اللفظ إلى ما وافقه في
المعنى لاقامة الوزن ، وزعموا ان حمارا كان رجلا من بقية عاد وكان متمسكا
بالتوحيد فسافر بنوه فأصابتهم صاعقة فأهلكهم وعندئذ أشرك بالله وكفر بعد
التوحيد ، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيئا ،
فشبه امرؤ القيس هذا الوادي بواديه في الخلاء من النبات والإنس يقول رب
واد يشبه وادي الحمار في الخلاء من النبات والانس أو يشبه بطن الحمار فيما
ذكرنا طويته سيرا وقطعته بينا كان الذئب يعوي فيه من فرط الجزع كالمقامر
الذي كثر عياله ويطالبونه بالنفقة وهو يصبح بهم ويخاصمهم إذ لا يجد
مايرضيهم به 49
قوله : ان شأننا قليل الغنى ، يريد : ان شأننا وامرنا
قليل الغنى ، ومن روى طويل الغنى فمعناه طويل طلب الغنى ، وقد تمول الرجل
إذا صار ذا مال . لما : بمعنى لم في البيت كما كانت في قوله تعالى : "ولما
يعلم الله الذين جاهدوا منكم" كذلك يقول : قلت للذئب لما صاح إن شأننا
وأمرنا أننا يقل عنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول . وإذا روي ،
طويل الغنى، المعنى: قلت له إن شأننا اننا نطلب الغنى طويلا ثم لا نظفر به
إن كنت قليل المال كما كنت قليل المال 50
اصل الحرث إصلاح الارض وإلقاء
البذر فيها ، ثم يستعار السعي والكسب كقوله تعالى:" من كان يريد حرث
الآخرة" الآية : وهو في البيت مستعار يقول: كل واحد منا إذا ظفر بشيء فوته
على نفسه ، أي إذا ملك شيئا أنفقه وبذره ، ثم قال : ومن سعي سعيي وسعيك
افتقر وعاش مهزول العيش 51
غدا يغدو غدوا ، واغتدى اغتداء ، واحد ،
الطير : جمع طائر مثل الشرب في جمع شارب والتجر في جمع تاجر والركب في جمع
راكب . ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ ، الوكنات : مواقع
الطير ، واحدتها وكنة ، وتقلب الواو همزة فيقال : أكنة ، ثم تجمع الوكنة
على الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى
الوكنات ، بضم الفاء وفتح العين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء وسكون العين ،
وتكسر على الوكن ، وهكذا حكم فعله ، نحو ظلمة وظلمات وظلمات وظلمات وظلم ،
المنجرد : الماضي في السير ، وقيل : بل هو قليل الشعر ، الأوابد : الوحوش ،
وقد أبد الوحش يأبد أبودا ، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القطان ،
ومنه قيل للفذ آبدة لتوحشه عن الطباع ، الهيكل ، قال ابن دريد : هو الفرس
العظيم الجرم ، والجمع الهياكل يقول: وقد اغتدي والطير بعد مستقرة على
مواقعها التي باتت عليها على فرس ماض في السير قليل الشعر يقيد الوحوش
بسرعة لحاقه إياها كما أنه عظيم الألواح والجرم ، وتحرير المعنى : انه تمدح
بمعاناة دجى الليل وإهواله ، ثم تمدح بتحمل حقوق العفاة والأضياف والزوار ،
ثم تمدح بطي الفيافي والاودية ، ثم أنشأ الآن يتمدح بالفروسية . يقول :
وربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته . وقوله :
قيد الأوابد ، جعله لسرعة إدراكه الصيد كالقيد لأنها لا يمكنها الفوت منه
كما أن المقيد غير متمكن من الفوت والهرب 52
الكر : العطف ، يقال : كر
فرسه على عدوه أي عطفه عليه ، والكر والكرور جميعا الرجوع ، يقال : كر من
قرنه يكر كرا وكرورا ، والمكر مفعل من كر يكر ، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم :
فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع ، وإنما جعلوه متضمنا مبالغة لان مفعلا قد
يكون من اسماء الأدوات نحو المعول والمخرز ، فجعل كأنه أداة للكرور وآلة
لتسعير الحرب غير ذلك ، مفر : مفعل من فر يفر فرارا ، والكلام فيه نحو
الكلام في مكر . الجلمود والجلمد : الحجر العظيم الصلب ، والجمع جلامد
وجلاميد ، الصخر: الحجر ، الواحد صخرة ، وجمع الصخر صخور ، الحط : إلقاء
الشيء من علو إلى أسفل ، يقال : أتيته من عل ، مضمونة اللام ، ومن علو ،
بفتح الواو وضمها وكسرها ، ومن علي ، بياء ساكنة ، ومن عال مثل قاض ، ومن
معال مثل معاد ، ولغة ثامنة يقال من علا ، وأنشد الفراء : باتت تنوش الحوض
نوشا من علا نوشا به تقطع أجوان الفلا وقوله : كجلمود صخر ، من إضافة بعض
الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبة خز ، أي كجلمود من صخر يقول : هذا الفرس
مكر إذا أريد منه الكر ومفر إذا إذا أريد منه الفر ومقبل إذا أريد منه
إقباله ودبر إذا أريد منه إدباره . وقوله : معا ، يعنى أن الكر والفر
والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله لأن فيها تضادا ، ثم شبهه في
سرعة مره وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عال إلى حضيض 53
زال
الشيء يزل زليلا وأزالته أنا ، الحال: مقعد الفارس من ظهر الفرس ، الصفواء
والصفوان والصفا : الحجر الصلب ، الباء في قوله بالمتنزل للتعدية يقول :
هذا الفرس الكميت يزل لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه يحمدان من
الفرس ، كما يزل الحجر الصلب الأملس المطر النازل عليه ، وقيل : بل أراد
الإنسان النازل عليه ، والتنزل والنزول واحد ، والمتنزل في البيت صفة
المحذوف وتقديره : بالمطر المتنزل او الانسان المتنزل ، وتحرير المعنى :
أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزل لبده عن متنه كما أن الحجر الصلب يزل
المطر أو الانسان عن نفسه . وجر كميتا وما قبله من الأوصاف لأنها نعوت
لمنجرد 54
الذبل والذبول واحد ، والفعل ذبل يذبل ، الجياش :مبالغة جائش
وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشا وجيشانا إذا غلت ، وجاش البحر جيشا
وجيشانا إذا هاجت أمواجه ، الاهتزاز : التكسر ، الحمي : حرارة القيظ وغيره ،
والفعل حمي يحمي . المرجل : القدر من صفر أو حديد أو نحاس أو شبهه ،
والجمع المراجل ، وروى ابن الانبارى وابن مجاهد عن ثعلب أنه قال : كل قدر
من حديد أو صفر أو حجر أو خزف أو نحاس أو غيرها فهو مرجل يقول: تغلي فيه
حرارة نشاطه على ذبول خلقه وضمر بطنه ، ثم شبه تكسر صهيله في صدره بغليان
القدر 55
سح يسح : قد تكون بمعنى صب يصب وقد يكون بمعنى انصب ينصب ،
فيكون مرة لازما ومرة متعديا ، زمصدره إذا كان متعديا السح والسحوح ، تقول :
سح الماء فسح هو ن ومسح مفعل من المعتدي ، وقد قررنا أن مفعلا في الصفات
يقتضي مبالغة ، فالمعنى انه يصب الجري والعدو صبا بعد صب السابح من الخيل :
الذي يمد يديه في عدوه ، شبه بالسابح في الماء ، الوني : الفتور ، والفعل
ونى يني ونيا وونى ، الكديد : الأرض الصلبة المطمئنة ، المركل من الركل :
وهو الدفع بالرجل والضرب بها ، والفعل منه ركل يركل ، ومنه قوله عليه
الصلاة والسلام :"فركلني جبريل" . والتركيل التكرير والتشديد والمركل :
الذي يركل مرة بعد أخرى يقول : هذا الفرس عدوه وجريه صبا بعد صب ، أي يجيء
به شيئا بعد شيء ، إذا أثارت حياد الخيل التي تمد أيديها في عدوها الغبار
في الارض الصلبة التي وطئت بالاقدام والمناسم والحوافر مرة بعد أخرى في حال
فتورها في السير وكلالها . وتحرير المعنى : انه يجيء يجري بعد جري إذا كلت
الخيل والسوابح وأعيت وأثارت الغبار في مثل هذا الموضع وجر مسحا لانه صفة
الفرس المنجرد ، ولو رفع لكان صوابا ، وكان حينئذ خبر مبتدأ محذوف تقديره
هو مسح ، ولو نصب لكان صوبا أيضا وكان انتصابه على المدح ، والتقدير : أذكر
مسحا أو أعني مسحا ، كذلك القول فيما قبله من الصفات نحو كميت : يجوز في
كل هذه الالفاظ الاوجه الثلاثة من الإعراب ويروى المرحل 56
الخف :
الخفيف الصهوة : مقعد الفارس من ظهر الفارس ، والجمع الصهوات ، وفعلة تجمع
على فعلات ، بفتح العين ، إذا كانت اسما ، نحو شعرة وشعرات وضربة وضربات ،
إلا إذا كانت عينها واوا أو ياء أو مدغمة في اللام فإنها كانت صفة تجمع على
فعلات ، مسكنة العين أيضا ، نحو ضخمة وضخمات وخدلة وخدلات ، ألوى بالشيء :
رمى به ، وألوى به ذهب به ، العنيف : ضد الرفيق يقول : إن هذا الفرس يزل
ويزلق الغلام الخفيف عن مقعده من ظهره ويرمي بثياب الرجل العنيف الثقيل ،
يريد إنه يزلق عن ظهره من لم يكن جيد الفروسية عالما بها ويرمي بأثواب
الماهر الحاذق في الفروسية لشدة عدوه وفرط مرحه في جريه ، وإنما عبر
بصهواته ولا يكون له إلا صهوة واحدة ، لأنه لا لبس فيه فجرى الجمع والتوحيد
مجرى واحدا عند الاتساع لأن إضافتها إلى ضمير الواحد تزيل اللبس كما يقال :
رجل عظيم المناكب وغليظ المشافر ، ولا يكون له إلا منكبان وشفتان ، ورجل
شديد مجامع الكتفين ، ولا يكون له إلى مجمع واحد ويروى : يطير الغلام ، أي
يطيره ويروى : يزل الغلام الخف ، بفتح الياء من يزل ورفع الغلام ، فيكون
فعلا لازما 57
الدرير : من در يدر ، وقد يكون در لازما زمتعديا يقال :
درت الناقة اللبن فدر اللبن ، ثم الدرير ههنا يجوز أن يكون بمعنى الدار من
در إذا كان متعديا ، والفعيل يكثر مجيئه بمعنى الف
إن هذا أوان إتيانك وحضورك 11
يقال : ظل زيد قائما إذا أتى عليه النهار
وهو قائم ، وبات زيد نائما إذا أتى عليه الليل وهو نائم ، وطفق زيد يقرأ
القرآن إذا أخذ فيه ليلا ونهارا ، الهداب والهدب : اسمان لما استرسل من
الشيء نحو ما استرسل من الأشفار ومن الشعر ومن أطراف الأثواب ، الواحد
هدابة وهدبة ، ويجمع الهدب على الأهداب ، الدمقس والمدقس: الإبريسم ، وقيل
هو الأبيض منه خاصة. يقول : فجعلن يلقي بعضهن إلى بعض شواء المطية استطابة
أو توسعا فيه طول نهارهن وشبه لحمها بالإبريسم الذي أجيد قتله وبولغ فيه ،
وقيل هو القز 12
الخدر : والهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر
والحجلة وغيرهما ، ومنه قولهم : خدرت الجارية وجارية مخدرة أي مقصورة في
خدرها لا تبرز منه ، ومن ذلك قولهم : خدر الأسد يخدر خدرا وأخدر إخدارا .
إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلى الأخيلية: فتى كان أحيا من فتاة حيية وأشجع
من ليث يخفان خادر وقول الشاعر: كالأسد الورد غدا من مخدره والمراد بالخدر
في البيت الهودج ، عنيزة : اسم عشيقته وهي إبنة عمه وقيل : هو لقب لها
واسمها فاطمة ، وقيل بل اسمها عنيزة ، وفاطمة غيرها ، قوله : فقالت لك
الويلات ، أكثر الناس على أن هذا دعاء منها عليه ، والويلات : جمع ويلة ،
والويلة والويل: شدة العذاب ، وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض الدعاء
عليه ، والعرب تفعل ذلك صرفا لعين الكمال عن المدعو عليه . ومنه قولهم :
قاتلة الله ما أفصحه ! ومنه قول جميل : رمى الله في عيني بثينة بالقذى وفي
الغر من أنيابها بالقوادح ، ويقال : رجل الرجل يرجل رجلا فهو راجل ،
وأرجلته أنا صيرته راجلا ، خدر عنيزة بدل من الخدر الأول والمعنى : ويوم
دخلت خدر عنيزة ، وهذا مثل قوله تعالى : "لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات "
ومنه قول الشاعر: يا تيم ياتيم عدي لا أبا لكمو لا يلفينكمو في سوأة عمر
وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف ، للتأنيث والتعريف. يقول: ويوم دخلت
هودج عنيزة فدعت علي أو دعت لي في معرض الدعاء علي ، وقالت إنك تصيرني
راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة
التي نالها منهن أيضا 13
الغبيط : ضرب من الرحال ، وقيل بل ضرب من
الهوادج ، الباء في قوله : بنا للتعدية وقد أمالنا الغبيط جميعا ، عقرت
بعيري: أدبرت ظهره ، من قولهم : كلب عقور ، ولا يقال في ذي الروح إلا عقور.
يقول : كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرحل إبانا : قد
أدبرت ظهر بعيرى فأنزل عن البعير 14
جعل العشيقة بمنزلة الشجرة ، وجعل
ما نال من عناقها وتقبيلها وشمها بمنزلة الثمرة ليتناسب الكلام ، المعلل :
المكرر ، من قولهم : عله يعله إذا كرر سقيه ، وعلله للتكثير والتكرير .
والمعلل : الملهى ، من قولك : عللت الصبي بفاكهة أي ألهيته بها : وقد روي
اللفظ في البيت بكسر اللام وفتحها ، والمعنى على ما ذكرنا يقول : فقلت
للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول : سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني مما
أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي أكرره . ويقال لمن على
الدابة سار يسير ، كما يقال للماشي كذلك قال: سيري وهي راكبة ، الجنى : اسم
لما يجتنى من الشجر ، والجنى المصدر ، يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها 15
خفض
فمثلك بإضمار رب ، أراد فرب امرأة حبلى . الطروق : الإتيان ليلا ، والفعل
طرف يطرق ، المرضع : التي لها ولد رضيع ، إذا بنيت على الفعل أنثت فقيل :
أرضعت فهي مرضعة ، وإذا حملوها على انها بمعنى ذات إرضاع أو ذات رضيع لم
تلحقها تاء التأنيث ، ومثلها حائض وطالق وحامل ، لا فصل بين هذه الأسماء
فيما ذكرنا ، وإذا حملت على انها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث ،
وإذا حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث ، ومعنى المنسوب في هذا الباب ان
يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا ، والاسم إذا كان من هذا القبيل عرته
العرب من علامة التأنيث كما قالوا : امرأة لابن أي ذات لبن وذات تمر ، ورجل
لابن تامر أي ذو لبن وذو تمر ، ومنه قوله تعالى :"السماء منفطر بها" نص
الخليل على أن المعنى : السماء ذات انفطار به ، لذلك تجرد لفظ منفطر عن
علامة التأنيث . وقوله تعالى :"لا فارض ولا بكر عوان" أي لا ذات فرض ،
وتقول العرب : جمل ضامر وناقة ضامر ، وجمل شائل وناقة شائل ، ومنه قول
الأعشى: عهدى بها في الحي قد سربلت بيضاء مثل المهرة الضامر أي ذات لبن
وذات تمر ، وقول الآخر: وغررتني وزعمت أنك لابن في الصيف تامر أي ذات لبن
وذات تمر ، وقول الآخر: رابعتني تحت ليل ضارب بساعد فعم وكف خاضب أي ذات
خضاب ، وقال أيضا: ياليت أم العمر كانت صاحبي مكان من أمسى على الركائب أي
ذات صبحتي ، وأنشد النحويون: وقد تخذت رحلي لدى جنب غرزها نسيفا كأفحوص
القطاة المطرق أي ذات التطريق . والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير
منقاد للقياس ، لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيا إذا شغلت عنه وسلوت ، وألهيته
إلهاء إذا شغلته ، التميمة : العوذة ، والجمع التمائم ، يقال : احول الصبي
إذا تم له حول فهو محول ، ويروى : عن ذي تمائم مغيل ، يقال : غالت المرأة
ولدها تغيل غيلا وأغالت تغيل إغيالا إذا أرضته وهي حبلى ويروى : ومرضع
بالعطف على حبل . ويروى: ومرضعا على تقدير طرقتها ، ومرضعا تكون معطوفة على
ضمير المفعول يقول : فرب امرأة حبلى قد أتيتها ليلا ، ورب امرأة ذات رضيع
أتيتها ليلا فشغلتها عن ولدها الذي علقت عليه العوذة وقد أتى عليه حول كامل
أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها ، وإنما خص الحبلى والمرضع
لانهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفا بهم وحرصا عليهم ، فقال : خدعت
مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني ؟ قوله : فمثلك ، يريد به
فرب امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها ، لان عنيزة في هذا الوقت كانت
عذراء غير حبلى ولا مرضع 16
شق الشيء: نصفه . يقول . إذا ما بكى الصبي
من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الاعلى فأرضعته وأرضته بينما بقي تحتي
نصفها الاسفل لم تحوله عني ، وبذلك وصف غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم
يشغلها عن مرامه ما يشغل الامهات عن كل شيء17
الكثيب : رمل كثير ،
والجمع أكثبه وكثب وكثبان، التعذر: التشدد والالتواء ، والإيلاء والائتلاء
والتألي: الحلف ، يقال : آلى وتألى إذا حلف ، واسم اليمين الالية والالوة
معا ، والحلف المصدر ، والحلف بكسر اللام ، الاسم ، الحلفه : المرة .
التحلل في اليمين : الاستثناء . نصب حلفه لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال :
وآلت إبلاء ، والفعل يعمل فيما وافق مصدره في المعنى كعمله في مصدره نحو
قولهم : إني لأشنؤه بغضا وإني لأبغضه كراهية . يقول : وقد تشددت العشيقة
والتوت وساءت عشرتها يوما على ظهر الكثيب المعروف وحلفت حلفا لم تستثن فيه
أنها تصارمني وتهاجرني ، هذا ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة ،
ويحتمل أنها مع المرضع التي وصفها18
مهلا :أي رفقا ، الإدلال والتدليل :
أن يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به ، والاسم الدل
والدال والدلال ، أزمعت الأمر وأزمعت عليه : وطنت نفسي عليه يقول : يافاطمة
دعي بعض دلالك وإن كنت وطنت نفسك على فراقي فأجملي الهجران . نصب بعض لأن
مهلا ينوب مناب دع ، الصرم : المصدر ، يقال : صرمت الرجل أصرمه صرما إذا
قطعت كلامه ، والصرم هو الاسم ، فاطمه : اسم المرضع واسم عنيزة ، عنيزة لقب
لها فيما قيل 19
يقول : قد غرك مني كون حبك قاتلي وكون قلبي منقادا لك
بحيث مهما أمرته بشيء فعله . وألف الاستفهام دخلت على هذا القول للتقرير لا
للاستفهام والاستخبار ، ومنه قول جرير: ألستم خير من ركب المطايا وأندى
العالمين بطون راح يريد أنهم خير هؤلاء ، وقيل : بل معناه قد غرك مني أنك
علمت أن حبك مذللي ، والقتل التذليل ، وأنك تملكين قؤادك فمهما أمرت بقلبك
بشيء أسرع إلى مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى
سهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي ، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر
وقال : عنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء
فعله ؟ قال : يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي ،
والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال لأن مثل هذا الكلام
لا يستحسن في النسيب 20
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى
القلب ، كما حملت الثياب على القلب في قول عنتره : فشككت بالرمح الأصم
ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم وقد حملت الثياب في قوله تعالى:"وثيابك
فطهر" على أن المراد به القلب ، فالمعنى على هذا القول : إن ساءك خلق من
أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي علي قلبي أفارقك ، والمعنى على هذا القول :
استخرجي قلبي من قلبك يفارقه ، النسول : سقوط الريش والوبر والصوف والشعر ،
يقال : نسل ريش الطائر ينسل نسولا ، واسم ما سقط النسيل والنسال ، ومنهم
من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي ، والرواية الأولى أولاهما
بالصواب ، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال :
كنى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما ، وقال : إن ساءك شيء من أخلاقي
فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي ففارقيني وصارميني كما تحبين ، فإني لا اؤثر
إلا ما آثرت ولا اختار إلا ما اخترت ، لانقيادي لك وميلي إليك ، فإذا آثرت
فراقي آثرته وإن كان سبب هلاكي 21
ذرف الدمع يذرف ذريفا وذرفانا وتذرافا
إذا سال ، ثم يقال ذرفت كما يقال دمعت عينه ، وللأئمة في البيت قولان ،
قال الأكثرون : استعار للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب
وجرحهما إياها كما ان السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها ، الأعشار من قولهم :
برمة أعشار إذا كانت قطعا ، ولا واحد لها من لفظها ، المقتل : المذلل غاية
التذليل ، والقتل في الكلام التذليل ، ومنه قولهم : قتلت الشراب إذ فللت
غرب سورته بالمزاج ، ومنه قول الأخطل : فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها وحب بها
مقتولة حين تقتل وقال حسان: إن التي ناولتني فرددتها قتلت قتلت فهاتها لم
تقتل ومنه : قتلت أرض جاهلها وقتل ارضا عالمها ، ومنه قوله تعالى : "وما
قتلوه يقينا" عند أكثر الأئمة : أي ما ذللوا قولهم بالعلم اليقين . وتلخيص
المعنى على هذا القول : وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع
عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل ، أي نكايتها في
قلبي نكاية السهم في المرمى ، وقال آخرون : أراد بالسهمين المعلى والرقيب
من سهام الميسر والجزور يقسم بهذين القدحين فقد فاز بجميع الاجزاء وظفر
بالجزور ، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله
وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي به ، والأعشار على هذا القول جمع عشر لأن اجزاء
الجزور عشرة ، والله أعلم 22
أي ورب بيضة خدر ، يعني ورب امرأة لزمت
خدرها ، ثم شبهها بالبيض ، والنساء بشبهن بالبيض من ثلاثة أوجه : أحدهما
بالصحة والسلامة عن الطمث ، ومنه قول الفرزدق: خرجن إلي لم يطمئن قبلي وهن
أصح من بيض النعام ويروى : دفعن إلي ، ويروى : برزن إلي . والثاني في
الصيانة والستر لأن الطائر يصون بيضه ويحضنه . والثالث في صفاء اللون
ونقائه لأن البيض يكون صافي اللون نقية إذا كان تحت الطائر . وربما شبهت
النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة وكذلك لون
بيض النعام ، ومنه قول ذي الرمة : كأنها فضة قد مسها الذهب ، الروم : الطلب
، والفعل منه يروم ، الخباء : البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر ،
والجمع الأخبية ، التمتع : الانتفاع وغيره ، يروى بالنصب والجر ، فالجر
على صفة لهو والنصب على الحال من التاء في تمتعت يقول : ورب امرأة - كالبيض
في سلامتها من الافتضاض أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه أو
بياضها المشوب بصفرة يسيرة - ملازمة خدرها غير خراجه ولاجة انتفعت باللهو
فيها على تمكث وتلبث لم اعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها 23
الاحراس :
يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد واشهاد ،
ويجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة خادم وخدم وغائب وغيب وطالب وطلب وعابد وعبد
، المعشر: القوم ، والجمع المعاشر ، الحراص: جمع حريص ، مثل ظراف وكرام
ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم ، الإسرار :الإظهار والاضمار جميعا . وهو من
الأضداد ، ويروى : لو يشرون مقتلي ، بالشين المعجمة ، وهو الاظهار لاغير
يقول : تجاوزت في ذهابي اليها وزيارتي إياها أهو الا كثيرة وقوما يحرسونها
وقوما حراصا على قتلي لو قدروا عليه في خفية لأنهم لا يجترثون على قتلي
جهارا ، أو حراصا على قتلي او امكنهم قتلي ظاهرا لينزجر ويرتدع غيري عن مثل
صنيعي ، وحمله على الاول أولى لأنه كان ملكا والملوك لا يقدر على قتلهم
علانية 24
التعرض : الاستقبال ، والتعرض إبداء العرض ، وهو الناحية ،
والتعرض الأخذ في الذهاب عرضا، الاثناء : النواحي ، والاثناء الاوساط ،
واحدها ثنى مثل عصى وثني مثل معي وثني بوزن فعل مثل نحي ، وكذلك الآناء
بمعنى الاوقات والآلاء بمعنى النعم في واحدها ، هذه اللغات الثلاث ، المفصل
: الذي فصل بين خرزه بالذهب أو غيره يقول : تجاوزت إليها في وقت إبداء
الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو
غيره عرضة يقول : أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الثريا في الافق الشرفي ،
ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ، هذا أحسن الاقوال في تفسير البيت ،
ومنهم من قال شبه كواكب الثريا بجواهر الوشاح لان الثريا تأخذ وسط السماء
كما أن الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة ، ومنهم من زعم إنه أراد الجوزاء
فغلط وقال الثريا لان التعرض للجوزاء دون الثريا ، ، وهذا قول محمد بن سلام
الجمحي ، وقال بعضهم : تعرض الثريا - هو انها إذا بلغت كبد السماء أخذت في
العرض ذاهبة ساعة كما ان الوشاح يقع مائلا إلى أحد شقي المتوحشة به 25
نضا
الثياب ينضوها نضوا إذا خلعها ، ونضاها ينضيها إذا أراد المبالغة ، اللبسة
: حالة الملابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الجلسة والقعدة والركبة والردية
الازرة ، المتفضل : اللابس ثوبا واحدا إذا أراد الخفة في العمل ، والفضلة
والفضل إسمان لذلك يقول : اتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد
تنام فيه وقد وقفت عند الستر مترقبة ومنتظرة لي وإنما خلعت الثياب لتري
أهلها أنها تريد النوم 26
اليمين : الحلف ، الغواية والغي: الضلالة ،
والفعل غوي يغوى غواية ويروي العماية وهي العمى ، الانجلاء : الانكشاف ،
وجلوته كشفته فانجلى ، الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار
ماقبلها. وإن في قوله : وما إن ، إن زائدة ، وهي تزاد ما النافية : وما إن
طبنا جبن ولكن منايا ودولة آخرينا يقول : فقالت الحبيبة أحلف بالله ما لك
حيلة أي ما في لدفعك عني حيلة ، وقيل : بل معناه ما لك حجة في ان تفضحني
بطروقك إياي وزيارتك ليلا ، يقال : ماله حيلة أي ما له عذر وحجة ، وما أرى
ضلال العشق وعماه منكشفا عنك ، وتحرير المعنى أنها قالت : مالي سبيل إلى
دفعك أو ما لك عذر في زياتي وما أراك نازعا عن هواك وغيك ، ونصب يمين الله
كقولهم : الله لاقومن ، على إضمار الفعل ، وقال الرواة : هذا أغنج بيت في
الشعر 27
خرجت بها ، أفادت الباء تعدي الفعل ، والمعنى : اخرجتها من
خدرها ، الأثر والإثر واحد ، وأما الاثر ، بفتح الهمزة وسكون الثاء : فهو
فرند السيف ، ويروى : على إثرنا أذيال ، والذيل يجمع على الاذيال والذيول ،
المرط عند العرب : كساء من خز أو مرعزى أو من صوف ، وقد تسمى الملاءة مرطا
ايضا ، والجمع المروط ، المرحل : المنقش بنقوش تشبه رحال الابل ، يقال :
ثوب مرحل وفي هذا الثوب ترحيل يقول : فأخرجتها من خدرها وهي تمشي وتجر
مرطها على أثرنا لتعفي به آثار أقدامنا ، والمرط كان موشى بأمثال الرحال ،
ويروى : نير مرط ، والنير : علم الثوب 28
يقال : أجزت المكان وجزته إذا
قطعته إجازة وجوازا ، الساحة تجمع على الساحات والسوح مثل قارة وقارات وقار
وقور ، والقارة : الجبيل الصغير، الحي : القبيلة ، والجمع الأحياء ، وقد
تسمى الحلة حيا ، الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشئ ، ذكره ابن
الأعرابي . للبطن : مكان مطمئن ، الحقف : رمل مشرف معوج ، والجمع أحقاف
وحقاف ويروى : ذي قفاف ، وهي جمع قف ، وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ
أن يكون جبلا ، العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد . وأصله من العقل وهو الشد
. وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيين إن الواو في وانتحى - مقحمة زائدة . وهو
عندهم جواب لما ، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالي : "وناديناه أن يا
ابراهيم" والواو لا تقحم زائدة في جواب لما عند البصريين ، والجواب يكون
محذوفا في مثل هذا الموضع تقديره في البيت : فلما كان كذا وكذا تنعمت
وتمتعت بها ، أو الجواب قوله هصرت ، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبا ، وحذف
جواب لما كثير في التنزيل وكلام العرب . ويقول : فلما جاوزنا ساحة الحلة
وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف ، يريد مكانا مطمئنا
أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة ، والعقنقل من صفة الخبت لذلك لم يؤنثه ،
ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلة محل الأسماء معطله من علامة التأنيث
لذلك . وقوله : وانتحى بنا بطن خبت ، أسند الفعل إلى بطن خبت ، والفعل عند
التحقيق لهما لكنه ضرب من الاتساع في الكلام ، والمعنى صرنا إلى مثل هذا
المكان ، وتلخيص المعنى : فلما خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل
هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا29
الهصر : الجذب ، والفعل هصر يهصر ،
الفودان . جانبا الرأس ، تمايلت أي مالت . ويروى ، بغصني دومة ، والدوم .
شجر المقال ، واحدتها دومة ، شبهها بشجرة الدوم وشبه ذؤابتيها بغصنين وجعل
ما نال منها كالثمر الذي بجتنى من الشجر ، ويروى : إذا قلت هاتي ناولينتي
تمايلت ، والنول والإنالة والتنويل : الاعطاء ، ومنه قيل للعطية نوال ،
هضيم الكشح لأنه يدق بذلك الموضع من جسده فكأنه هضيم عند قرار الردف
والجنبين والوركين ، ريا : تأنيث الريان ، المخلخل : موضع الخلخال من الساق
، والمسور : موضع السوار من الذراع ، والمقلد : موضع القلادة من العنق ،
والمقرط : موضع القرط من الأذن . عبر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالري
. هصرت : جواب لما من البيت السابق عند البصريين ، وأما الرواية الثالثة
وهي إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف على تلك الرواية على ما مر ذكره في
البيت الذى قبله يقول : لما خرجنا من الحلة وأمنا الرقباء جذبت ذؤابتيها
إلى فطاوعتني فيما رما منها ومالت علي مسعفة بطلبتي في حال ضمور كشحيها
وامتلاه ساقيها باللحم ، والتفسير على الرواية الثالثة : إذا طلبت منها ما
أحببت وقلت أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا ، ونصب هضيم الكشح على الحال ولم يقل
هضيمة الكشح لأن فعيلا إذا كان بمعنى مفعول لم تلحقه علامة التأنيث للفصل
بين فعيل إذا كان بمعنى الفاعل وبين فعيل إذا كان بمعنى المفعول ، ومنه
قوله تعالى : "إن رحمة الله قريب من المحسنين 30
المهفهفة : اللطيفة
الخصر الضامرة البطن ، المفاضة : المرأة العظيمة البطن المسترخية اللحم ،
الترائب جمع التريبة : وهي موضع القلادة من الصدر ، السقل والصقل ، بالسين
والصاد : إزالة الصدإ والدنس وغيرهما ، والفعل منه سقل يسقل وصقل بصقل ،
السجنجل : المرآة ، لغة رومية عربتها العرب ، وقيل بل هو قطع الذهب والفضة
يقول : هي المرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيممة البطن و لا مسترخية
وصدرها براق اللون متلألىء الصفاء كتلألؤ المرآة 31
البكر من كل صنف :
مالم يسبقه مثله ، المقاناة . الخلط ، يقال : قانيت بين الشيئين إذا خلطت
أحدهما بالآخر ، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر ، النمير :
الماء النامي في الجسد ، المحلل : ذكر أنه من الحلول وذكر أنه من الحل ِ،
ثم إن للائمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال : أحدها أن المعنى كبكر البيض
التي قوني بياضها بصفرة ، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة بسيرة
، شبه بلون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضا خالطته صفرة ،
ثم رجع إلى صفتها فقال : غذاها ماء غير عذب لم يكثر حلو الناس عليه فيكدره
ذلك ، يريد أنه عذب صاف ، وإنما شرط هذا لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرا
في الغذاء لفرط لحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه ،
وتلخيص المعنى على هذا القول : إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها
الماء نمير عذب صاف ، والبياض شابته صفرة هو أحسن ألوان النساء عند العرب .
والثاني أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة ، وأراد ببكرها
درتها التي لم ير مثلها ، ثم قال : قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير
محللة لمن رامها لأنها في قعر البحر لاتصل إليها الأيدي ، وتلخيص المعنى
على هذا القول : إنه شبهها في صفاء وكذلك لون الصدفة ، ثم ذكر أن الدرة
التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لاتصل إليها أيدي طلابها ، وإنما شرط النمير
والدر لايكون إلا في الماء الملح لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار
سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا . والثالث أنه أراد كبكر البردي التي
شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه ، وشرط
ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي ، والتشبيه من
حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطت بياض البردي . ويروى البيت بنصب
البياض وخفضه ، وهما جيدان ، بمنزلة قولهم : زيد الحسن الوجه ، والحسن
الوجه ، بالخفض على الاضافة والنصب على التشبيه كقولهم : زيد الضارب
الرجل32
الصد والصدود : الاعراض ، والصد أيضا الصرف والدفع ، والفعل منه
صد يصد ، والاصداد الصرف أيضا ، الإبداء : الاظهار ، الأسالة : امتداد
وطول الخد ، وقد أسل أسالة فهو أسيل ، الاتقاء : الحجز بين الشيئين ، يقال :
اتقيته بترس أي جعلت الترس حاجزا بيني وبينه ، وجرة : موضع ، المطفل :
التي لها طفل ، الوحش . جمع وحشي مثل زنج وزنجي وروم ورومي . يقول : تعرض
العشيقة عني وتظهر خدا اسيلا وتجعل بيني وبينها عينا ناظرة من نواظر وحش
هذا الموضع التي لها أطفال ، شبهها في حسن عينيها بظبية مطفل أو بمهاة مطفل
. وتلخيص المعنى : إنها تعرض عني فتظهر في أعراضها خخدا أسيلا وتستقبلني
بعيون مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها اللواتي لها أطفال ، وخصهن لنظرهن إلى
أولادهن بالعطف والشفقة وهن أحسن عيونا في تلك الحال منهن في سائر الأحوال .
قوله : عن أسيل ، أي عن خد اسيل ، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه كقولك .
مررت بعاقل ، إي بانسان عاقل ، وقوله : من وحش وجرة ، أي من نواظر وحش
وجرة ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامة كقوله تعالى : "وسأل القرية"
أي أهل القرية 33
الرئم . الظبي الأبيض الخالص البياض ، والجمع ارآم ،
النص : الرفع ، ومنه سمي ما تجلي عليه العروس منصة ، ومنه النص في السير
وهو حمل البعير على سير شديد ؛ ونصصت الحديث أنصه نصا : رفعته ، الفاحش :
ما جاوز القدر المحمود من كل شيء يقول : وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير
متجاوز قدره المحمود إذا ما رفعت عنقها وهو غير معطل عن الحلي ، فشبه عنقها
بعنق الظبية في حال رفعها عنقها ، ثم ذكر أنه لا يشبه عنق الظبي في التعطل
عن الحلي 34
الفرع : الشعر التام ، والجمع فروع ، ورجل أفرع وامرأة
فرعاء ، الفاحم : الشديد السواد مشتق من الفحم ، يقال : هو فاحم بين
الفحومة ، الأثيث: الكثير ، والأثاثة الكثرة ، يقال : أث الشعر والنبت ،
القنو يجمع على الإقناء والقنوان ، العثكول والعثكال قد يكونان بمعنى القنو
وقد يكونان بعنى قطعة من القنو ، والنخلة المتعثكلة : التي خرجت عثاكيلها
أي قنوانها يقول : وتبدي عن شعر طويل تام يزين ظهرها إذا ارسلته عليه ؛ ثم
شبه ذؤابتيها بقنو نخلة خرجت قنوانها ، والذوائب تشبه بالعناقيد ، والقنون
يراد به تجعدها وأثاثتها 35
الغدائر جمع الغديرة : وهي الخصلة من الشعر ،
الاستشزار: الارتفاع والرفع جميعا ، فيكون الفعل من ه مرة لازما ومرة
متعديا ، فمن روى مستشزرات بكسر الزاي جعله من اللازم ، ومن روى بفتح الزاي
جعله من المتعدي ، العقيصة : الخصلة المجموعة من الشعر ، والجمع عقص
وعقائص ، والفعل من الضلال والضلالة ضل يضل يقول : ذوائبها وغدائرها
مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق ، يراد به شدها على الرأس بخيوط ، ثم قال :
تغيب تعاقيصها في شعر بعضه مثنى وبعضه مرسل ، أراد به وفور شعرها .
والتعقيص التجعيد 36
الجديل خطام يتخذ من الادم ، والجمع جدل ، المخصر :
الدقيق الوسط ، ومنه نعل مخصرة ، الانبوب : ما بين العقدتين من القصب
وغبره ، والجمع الأنابيب . السقي هاهنا : بمعنى المسقي كالجريح بمعنى
المجروح ، والجني بمعنى المجني ويقول : وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقته
خطاما متخذا من الادم و عن ساق يحكي في صفاء لونه انابيب بردي بين نخل قد
ذللت بكثرة الحمل فأظلت أغصانها هذا البردي ، شبه ضمور بطنها بمثل هذا
الخطام ، وشبه صفاء لون ساقها ببردي بين نجيل تظلله أغصانها ، وإنما شرط
ذلك ليكون أصفى لونا وأنقى رونقا ، وتقدير قوله كأنبوب السقي كأنبوب النخل
المسقي ، ومنهم من جعل السقي نعتا للبردي ايضا ، والمعنى على هذا القول :
كأنبوب البردي المذلل بالارواء 37
الاضحاء . مصادفة الضحى ، وقد يكون
بمعنى الصيرورة ايضا ، يقال : أضحى زيد غنيا أي صار ، ولا يراد به إنه صادف
الضحى على صفة الغنى ، ومنه قول عدي بن زيد : ثم أضحوا كأنهم ورق جف فألوت
به الصبا والدبور أي صاروا ، الفتيت الفتات : أسم لدقاق الشيء الحاصل
بالفت ، قوله : نؤوم الضحى ، عطل نؤوما عن علامة التأنيث لأن فعولا إذا كان
بمعنى الفاعل يستوي لفظ صفة المذكر والمؤنث فيه ، يقال : رجل ظلوم وامرأة
ظلوم ، ومنه قوله تعالى :"توبة نصوحا" ، قوله : لم تنتطق عن تفضل ، أي بعد
تفضل ، كما يقال : استغنى فلان عن فقره أي بعد فقره ، والتفضل : ليس الفضلة
، وهي ثوب واحد يلبس للخفة في العمل يقول : تصادف العشيقة الضحى ودقاق
المسك فوق فراشها الذي باتت عليه وهي كثيرة النوم في وقت الضحى ولا تشد
وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة ، يريد إنها مخدومة منعمة تخدم ولا تخدم ،
وتلخيص المعنى : أن فتات المسك يكثر على فراشها وأنها تكفى أمورها فلا
تباشر عملا بنفسها وصفها بالدعة والنعمة وخفض العيش وإن لها من يخدمها
ويكفيها أمورها 38
العطو : التناول ، والفعل عطا يعطو عطوا ، والاعطاء
المناولة ، والتعاطي التناول ، والمعطاة الخدمة ، والتعطية مثلها . الرخص :
اللين الناعم ، الشثن : الغليظ الكز ، وفد شثن شثونة ، والأسروع واليسروع :
دود يكون في البقل والاماكن الندية ، تشبه أنامل النساء به ، والجمع
الاساريع واليساريع ، ظبي: موضع بعينه ، المساويك : جمع المسواك ، الاسحل :
شجرة تدق أغصانها في استواء ، تشبه الاصابع بها في الدقة والاستواء يقول :
وتتناول الاشياء ببنان رخص لين ناعم غير غليظ ولا كز كأن تلك الانامل تشبه
هذا الصنف من الدود أو هذا الضرب من المساويك وهو المنخذ من أغصان الشجر
المخصوص المعين 39
الاضاءة : قد يكون الفعل المشتق منها لازما وقد يكون
متعديا ، تقول : أضاء الله الصبح فأضاء ، والضوء والضوء واحد ، والفعل ضاء
يضوء ضوءا ، وهو لازم ، المنارة : المسرجة ، والجمع المناور والمنائر ،
الممسى : بمعنى الامساء والوقت جميعا ، ومنه قول أمية : الحمد لله ممانا
ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا ، الراهب يجمع على الرهبان مثل راكب
وركبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرهبان واحدا ويجمع حينئذ على الرهبانة
والرهابين كما يجمع السلطان على السلاطنة ، أنشد الفراء: لو أبصرت رهبان
دير في جبل لانحدر الرهبان يسعى ويصل جعل الرهبان واحدا ، لذلك قال يسعى
ولم يقل يسعون ، المتبتل : المنقطع إلى الله بنيته وعمله ، والبتل : القطع ،
ومنه قيل مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله تعالى ،
فالتبتل إذن الانقطاع عن الخلق والاختصاص بطاعة الله تعالى ، ومنه قوله
تعالى : "وتبتل إليه تبتيلا" يقول : تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل
فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس ، وخص مصباح الراهب لأنه يوقده ليهتدي به
عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة ، يريد ان نور وجهها يغلب ظلام الليل
كما أن نور مصباح الراهب يغلبه 40
الاسبكرار. الطول والامتداد ، الدرع :
هو قميص المرأة ، وهو مذكر ، ودرع ودروع ، المجول : ثوب تلبسه الجارية
الصغيرة يقول : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفا بها وحنينا إليها إذا
طال قدها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول ، أي بين
اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يدركن الحلم ، يريد أنها طويلة القد
مديدة القامة وهي اليوم لم تدرك الحلم وقد ارتفعت عن سن الجواري الصغار .
قوله - بين درع ومجول ، تقديره - بين لابسة درع ولابسة مجول ، فحذف المضاف
وأقام المضاف إليه مقامه 41
سلا فلان حبيبه يسلو سلوا ، وسلى يسلي سليا ،
وتسلى تسليا ، وانسلى انسلاء أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه ، العماية
والعمى واحدا ، والفعل عمي يعمى . زعم أكثر الائمة أن في البيت قلبا تقديره
: تسك لرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من
هواها وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات
الرجال بعد مضي صباهم بينما ظل فؤادي في ضلالة هواها ، وتلخيص المعنى :
أنه زعم أن عشق العشاق قد بطل وزال ، وعشقه إياها باق ثابت لا يزول ولا
يبطل 42
الخصم لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه
قوله تعالى:"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب" ، ويثنى ويجمع في لغة
الشطر الآخر من العرب ، ويجمع على الخصام والخصوم الألوي: الشديد الخصومة
كأنه يلوي خصمه عن دعواه النصيح : الناصح التعذال والعذل : اللوم ، والفعل
عذل يعذل . الألو والائتلاء : التقصير ، والفعل ألا يألو ، وائتلى يأتلي
يقول : ألا رب خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياي على هواك غير
مقصر في النصيحة واللوم رددته ولم انزجر عن هواك بغذله ونصحه . وتحرير
المعنى : أنه بخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى حتى إنه لا يرتدع عنه
بردع ناصح ولا ينجح فيه لوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رب خصم ألوى
نصيح على تعذاله غير مؤتل - رددته 43
شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته
ونكارة أمره بامواج البحر ، السدول : الستور ، الواحد منها سدل ، الإرخاء .
إرسال السدل وغيره ، الابتلاء:الاختبار ، الهموم : جمع الهم ، بمعنى الحزن
وبمعنى الهمة . الباء في قوله : بأنواع الهموم ، بمعنى مع يقول : ورب ليل
يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع
الأحزان ، أو مع فنون الهم ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون
النوائب أم أجزع منها . ولقد أمعن الشاعر في النسيب من أول القصيدة إلى هنا
حيث انتقل منه إلى التمدح بالصبر والجلد 44
تمطى أي تمدد ، ويجوز أن
يكون التمطي مأخوذا من المطا ، وهو الظهر ، فيكون المتمضي مد الظهر ، ويجوز
أن يكون منقولا من التمطط فقبلت إحدى الطاءين ياء كما قالوا ، تظنى تظنيا
والأصل تظنن تظننا ، وقالوا : تقضى البازى تقضيا أي تقضض تقضضا ، والتمطط
التفعل من المط ، وهو المد ، وفي الصلب ثلاث لغات مشهورة ، وهي : الصلب ،
بضم الصاد وسكون اللام ، والصلب بضمهما ، والصلب ، بفتحهما ، ومنه قول
العجاج يصف جارية : ريا العظام فخمة المخدم في صلب مثل العنان المؤدم ولغة
غريبة وهي الصالب ، وقال العباس عم النبي ، صلى الله عليه وسلم يمدح النبي ،
عليه السلام : تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق ، الإرداف :
الإتباع والاتباع وهو بمعنى الأول هاهنا ، الأعجاز : المآخير ، الواحد عجز ،
ناء: مقلوب نأي بمعنى بعد ، كما قالوا راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى ،
الكلكل : الصدر، والجمع كلاكل . الباء في قوله ناء بكلكل للتعدية ، وكذلك
هي في قوله تمطي بصببة ، استعار الليل صلبا واستعار لطوله لفظ التمطي
ليلائم الصلب ، واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره الأعجاز يقول : فقلت
لليل لما مد صلبه يعني لما أفرط طوله ، وأردف أعجازا يعني ازدادت مآخيره
امتدادا وتطاولا ، وناء بكلكل يعني أبعد صدره ، أي بعد العهد بأوله ،
وتلخيص المعنى : قلت لليل لما افرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره
تطاولا ، وطول الليل ينبئ عن مقاساة الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها ،
لأن المغموم يستطيل ليله ، والمسرور يستقصر ليله 45
الانجلاء: الانكشاف
، يقال : جلوته فانجلى أي كشفته فانكشف . الأمثل : الأفضل ، والمثلى
الفضلى ، الأماثل الأفاضل. يقول : قلت له ألا أنها الليل الطويل انكشف وتنح
بصبح ، أي ليزل ظلامك بضياء من الصبح ، ثم قال : وليس الصبح بأفضل منك
عندي لأني أقاسي الهموم نهارا كما اعانيها ليلا ، أو لأن نهاري أظلم في
عيني - لأزدحام الهموم علي حتى حكى الليل ، وهذا إذا رويت - وما الإصباح
منك بأمثل ، وأن رويت "فيك بأفضل" كان المعنى : وما الإصباح في جنبك أو في
الإضافة إليك أفضل منك ، لما ذكرنا من المعنى لما ضجر بتطاول ليله خاطبه
وسأله الانكشاف . وخطابه ما لا يعقل يدل على فرط الوله وشدة التحير ، وإنما
يستحسن هذا الضرب في النسيب والمرائي وما يوجب حزنا وكآبة ووجدا وصبابة 46
الأمراس
جمع مرس: وهو الحبل ، وقد يكون المرس جمع مرسة وهو الحبل أيضا فتكون
الامراس حينئذ جمع الجمع ، وقوله : بأمراس كتان ، من إضافة البعض إلى الكل ،
أي بأمراس من كتان ، كقولهم : باب حديد ، وخاتم فضة ، وجبة خز ، الاصم :
الصلب ، وتأنيثه الصماء ، والجمع الصم ، الجندل : الصخرة ، والجمع جنادل
يقول مخاطبا الليل : فيا عجبا لك من ليل كأن نجومه شدت بحبال من الكتان إلى
صخور صلاب ، وذلك أنه استطال الليل فيقول إن نجومه لا تزول من أماكنها ولا
تغرب فكأنها مشدودة بحبال إلى صخور صلبة ، وإنما استطال الشاعر الليل
لمعاناته الهموم ومقاساته الاحزان فيه وقوله : بأمراس كتان ، يعني ربطت ،
فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه ، ومنه قول الشاعر : مسسنا من الآباء
شيئا فكلتنا إلى حسب في قومه غير واضع يعني لفكلنا يعتزي أو ينتمي أو ينتسب
إلى حسب ، فحذف الفعل لدلالة باقي الكلام عليه . ويروى : كأن نجومه بكل
مغار الفتل شدت بيذبل ، هذا أعرف الروايتين وأسيرهما ، الاغارة : إحكام
الفتل ، يذبل : جبل بعينه يقول : كأن نجومه قد شدت إلى يذبل بكل حبل محكم
الفتل 47
لم يرو جمهور الائمة هذه الابيات الاربعة في هذه القصيدة
وزعموا أنها لتأبط شرا ، أعني : وقربة أقوام .. الى قوله وقد اعتدي ..
ورواها بعضهم في هذه القصيدة هنا ، العضا : وكاء القزبة ، والجمع العصم ،
الكاهل : أعلى الظهر عند مركب العنق فيه ، والجمع الكواهل ، الترحيل :
مبالغة الرحل ، يقال : رحلته إذا كررت رحله يقولِ: ورب قربة أقوام جعلت
وكاءها على كاهل ذلول قد رحل مرة بعد اخرى منى ، وفي معنى البيت قولان :
احدهما انه تمدح بتحم أثقال الحقوق وذوائب الاقوام من قرى الاضياف وإعطاء
العفاة والعفو عن القاتلين وغير ذلك ، وزعم انه قد تعود التحمل للحقوق
والنوائب ، واستعار حمل القربة لتحمل الحقوق ، ثم ذكر الكاهل لانه موضع
القربة من حاملها ، وعبر بكون الكاهل ذلولا مرحلا عن اعتياده تحمل الحقوق .
والقول الآخر انه تمدح بخدمته الرفقاء في السفر وحمله سقاء الماء على كاهل
قد مرن عليه 48
الوادي يجمع على الاودية الاوديات ، الجوف: باطن الشيئ ،
والجمع أجواف : العير : الحمار ، والجمع الاعيار ، القفر : المكان الخالي ،
والجمع القفار ، ويقال : أقفر المكان إقفارا إذا خلا ، ومنه خبز قفار لا
إدام معه ، الذئب يجمع على الذئاب والذياب والذؤبان ، ومنه قيل ذؤبان العرب
للخبثاء المتلصصين ، وأرض مذأبة : كثيرة الذئاب ، وقد تذأبت الريح وتذاءبت
إذا هبت من كل ناحية كالذئب اذا حذرت من ناحية أتى من غيرها . الخليع :
الذي قد خلعه أهله لخبثه ، وكان الرجل منهم يأتي بابنه الى الموسم ويقول :
إلا إني قد خلعت ابني فان جر لم أضمن وان جر عليه لم اطلب ، فلا يؤخذ
بجرائره ، وزعم الائمة ان الخليع في هذا البيت المقامر ، المعيل : الكثير
العيال ، وقد عيل تعييلا فهو معيل إذا كثر عياله ، العواء : صوت الذئب وما
أشبهه من السباع ، والفعل عوى يعوي عواء ، زعم صنف من الائمة انه شبه
الوادي في خلائه من الانس ببطن العير ، وهو الحمار الحشي ، إذا خلا من
العلف : وقيل:بل شبه في قلة الانتفاع به بجوف العير لانه لايركب ولا يكون
له در ، وزعم صنف منهم انه أراد كجوف الحمار فغير اللفظ إلى ما وافقه في
المعنى لاقامة الوزن ، وزعموا ان حمارا كان رجلا من بقية عاد وكان متمسكا
بالتوحيد فسافر بنوه فأصابتهم صاعقة فأهلكهم وعندئذ أشرك بالله وكفر بعد
التوحيد ، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيئا ،
فشبه امرؤ القيس هذا الوادي بواديه في الخلاء من النبات والإنس يقول رب
واد يشبه وادي الحمار في الخلاء من النبات والانس أو يشبه بطن الحمار فيما
ذكرنا طويته سيرا وقطعته بينا كان الذئب يعوي فيه من فرط الجزع كالمقامر
الذي كثر عياله ويطالبونه بالنفقة وهو يصبح بهم ويخاصمهم إذ لا يجد
مايرضيهم به 49
قوله : ان شأننا قليل الغنى ، يريد : ان شأننا وامرنا
قليل الغنى ، ومن روى طويل الغنى فمعناه طويل طلب الغنى ، وقد تمول الرجل
إذا صار ذا مال . لما : بمعنى لم في البيت كما كانت في قوله تعالى : "ولما
يعلم الله الذين جاهدوا منكم" كذلك يقول : قلت للذئب لما صاح إن شأننا
وأمرنا أننا يقل عنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول . وإذا روي ،
طويل الغنى، المعنى: قلت له إن شأننا اننا نطلب الغنى طويلا ثم لا نظفر به
إن كنت قليل المال كما كنت قليل المال 50
اصل الحرث إصلاح الارض وإلقاء
البذر فيها ، ثم يستعار السعي والكسب كقوله تعالى:" من كان يريد حرث
الآخرة" الآية : وهو في البيت مستعار يقول: كل واحد منا إذا ظفر بشيء فوته
على نفسه ، أي إذا ملك شيئا أنفقه وبذره ، ثم قال : ومن سعي سعيي وسعيك
افتقر وعاش مهزول العيش 51
غدا يغدو غدوا ، واغتدى اغتداء ، واحد ،
الطير : جمع طائر مثل الشرب في جمع شارب والتجر في جمع تاجر والركب في جمع
راكب . ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ ، الوكنات : مواقع
الطير ، واحدتها وكنة ، وتقلب الواو همزة فيقال : أكنة ، ثم تجمع الوكنة
على الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء والعين ، وعلى
الوكنات ، بضم الفاء وفتح العين ، وعلى الوكنات ، بضم الفاء وسكون العين ،
وتكسر على الوكن ، وهكذا حكم فعله ، نحو ظلمة وظلمات وظلمات وظلمات وظلم ،
المنجرد : الماضي في السير ، وقيل : بل هو قليل الشعر ، الأوابد : الوحوش ،
وقد أبد الوحش يأبد أبودا ، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القطان ،
ومنه قيل للفذ آبدة لتوحشه عن الطباع ، الهيكل ، قال ابن دريد : هو الفرس
العظيم الجرم ، والجمع الهياكل يقول: وقد اغتدي والطير بعد مستقرة على
مواقعها التي باتت عليها على فرس ماض في السير قليل الشعر يقيد الوحوش
بسرعة لحاقه إياها كما أنه عظيم الألواح والجرم ، وتحرير المعنى : انه تمدح
بمعاناة دجى الليل وإهواله ، ثم تمدح بتحمل حقوق العفاة والأضياف والزوار ،
ثم تمدح بطي الفيافي والاودية ، ثم أنشأ الآن يتمدح بالفروسية . يقول :
وربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته . وقوله :
قيد الأوابد ، جعله لسرعة إدراكه الصيد كالقيد لأنها لا يمكنها الفوت منه
كما أن المقيد غير متمكن من الفوت والهرب 52
الكر : العطف ، يقال : كر
فرسه على عدوه أي عطفه عليه ، والكر والكرور جميعا الرجوع ، يقال : كر من
قرنه يكر كرا وكرورا ، والمكر مفعل من كر يكر ، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم :
فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع ، وإنما جعلوه متضمنا مبالغة لان مفعلا قد
يكون من اسماء الأدوات نحو المعول والمخرز ، فجعل كأنه أداة للكرور وآلة
لتسعير الحرب غير ذلك ، مفر : مفعل من فر يفر فرارا ، والكلام فيه نحو
الكلام في مكر . الجلمود والجلمد : الحجر العظيم الصلب ، والجمع جلامد
وجلاميد ، الصخر: الحجر ، الواحد صخرة ، وجمع الصخر صخور ، الحط : إلقاء
الشيء من علو إلى أسفل ، يقال : أتيته من عل ، مضمونة اللام ، ومن علو ،
بفتح الواو وضمها وكسرها ، ومن علي ، بياء ساكنة ، ومن عال مثل قاض ، ومن
معال مثل معاد ، ولغة ثامنة يقال من علا ، وأنشد الفراء : باتت تنوش الحوض
نوشا من علا نوشا به تقطع أجوان الفلا وقوله : كجلمود صخر ، من إضافة بعض
الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبة خز ، أي كجلمود من صخر يقول : هذا الفرس
مكر إذا أريد منه الكر ومفر إذا إذا أريد منه الفر ومقبل إذا أريد منه
إقباله ودبر إذا أريد منه إدباره . وقوله : معا ، يعنى أن الكر والفر
والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله لأن فيها تضادا ، ثم شبهه في
سرعة مره وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عال إلى حضيض 53
زال
الشيء يزل زليلا وأزالته أنا ، الحال: مقعد الفارس من ظهر الفرس ، الصفواء
والصفوان والصفا : الحجر الصلب ، الباء في قوله بالمتنزل للتعدية يقول :
هذا الفرس الكميت يزل لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه يحمدان من
الفرس ، كما يزل الحجر الصلب الأملس المطر النازل عليه ، وقيل : بل أراد
الإنسان النازل عليه ، والتنزل والنزول واحد ، والمتنزل في البيت صفة
المحذوف وتقديره : بالمطر المتنزل او الانسان المتنزل ، وتحرير المعنى :
أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزل لبده عن متنه كما أن الحجر الصلب يزل
المطر أو الانسان عن نفسه . وجر كميتا وما قبله من الأوصاف لأنها نعوت
لمنجرد 54
الذبل والذبول واحد ، والفعل ذبل يذبل ، الجياش :مبالغة جائش
وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشا وجيشانا إذا غلت ، وجاش البحر جيشا
وجيشانا إذا هاجت أمواجه ، الاهتزاز : التكسر ، الحمي : حرارة القيظ وغيره ،
والفعل حمي يحمي . المرجل : القدر من صفر أو حديد أو نحاس أو شبهه ،
والجمع المراجل ، وروى ابن الانبارى وابن مجاهد عن ثعلب أنه قال : كل قدر
من حديد أو صفر أو حجر أو خزف أو نحاس أو غيرها فهو مرجل يقول: تغلي فيه
حرارة نشاطه على ذبول خلقه وضمر بطنه ، ثم شبه تكسر صهيله في صدره بغليان
القدر 55
سح يسح : قد تكون بمعنى صب يصب وقد يكون بمعنى انصب ينصب ،
فيكون مرة لازما ومرة متعديا ، زمصدره إذا كان متعديا السح والسحوح ، تقول :
سح الماء فسح هو ن ومسح مفعل من المعتدي ، وقد قررنا أن مفعلا في الصفات
يقتضي مبالغة ، فالمعنى انه يصب الجري والعدو صبا بعد صب السابح من الخيل :
الذي يمد يديه في عدوه ، شبه بالسابح في الماء ، الوني : الفتور ، والفعل
ونى يني ونيا وونى ، الكديد : الأرض الصلبة المطمئنة ، المركل من الركل :
وهو الدفع بالرجل والضرب بها ، والفعل منه ركل يركل ، ومنه قوله عليه
الصلاة والسلام :"فركلني جبريل" . والتركيل التكرير والتشديد والمركل :
الذي يركل مرة بعد أخرى يقول : هذا الفرس عدوه وجريه صبا بعد صب ، أي يجيء
به شيئا بعد شيء ، إذا أثارت حياد الخيل التي تمد أيديها في عدوها الغبار
في الارض الصلبة التي وطئت بالاقدام والمناسم والحوافر مرة بعد أخرى في حال
فتورها في السير وكلالها . وتحرير المعنى : انه يجيء يجري بعد جري إذا كلت
الخيل والسوابح وأعيت وأثارت الغبار في مثل هذا الموضع وجر مسحا لانه صفة
الفرس المنجرد ، ولو رفع لكان صوابا ، وكان حينئذ خبر مبتدأ محذوف تقديره
هو مسح ، ولو نصب لكان صوبا أيضا وكان انتصابه على المدح ، والتقدير : أذكر
مسحا أو أعني مسحا ، كذلك القول فيما قبله من الصفات نحو كميت : يجوز في
كل هذه الالفاظ الاوجه الثلاثة من الإعراب ويروى المرحل 56
الخف :
الخفيف الصهوة : مقعد الفارس من ظهر الفارس ، والجمع الصهوات ، وفعلة تجمع
على فعلات ، بفتح العين ، إذا كانت اسما ، نحو شعرة وشعرات وضربة وضربات ،
إلا إذا كانت عينها واوا أو ياء أو مدغمة في اللام فإنها كانت صفة تجمع على
فعلات ، مسكنة العين أيضا ، نحو ضخمة وضخمات وخدلة وخدلات ، ألوى بالشيء :
رمى به ، وألوى به ذهب به ، العنيف : ضد الرفيق يقول : إن هذا الفرس يزل
ويزلق الغلام الخفيف عن مقعده من ظهره ويرمي بثياب الرجل العنيف الثقيل ،
يريد إنه يزلق عن ظهره من لم يكن جيد الفروسية عالما بها ويرمي بأثواب
الماهر الحاذق في الفروسية لشدة عدوه وفرط مرحه في جريه ، وإنما عبر
بصهواته ولا يكون له إلا صهوة واحدة ، لأنه لا لبس فيه فجرى الجمع والتوحيد
مجرى واحدا عند الاتساع لأن إضافتها إلى ضمير الواحد تزيل اللبس كما يقال :
رجل عظيم المناكب وغليظ المشافر ، ولا يكون له إلا منكبان وشفتان ، ورجل
شديد مجامع الكتفين ، ولا يكون له إلى مجمع واحد ويروى : يطير الغلام ، أي
يطيره ويروى : يزل الغلام الخف ، بفتح الياء من يزل ورفع الغلام ، فيكون
فعلا لازما 57
الدرير : من در يدر ، وقد يكون در لازما زمتعديا يقال :
درت الناقة اللبن فدر اللبن ، ثم الدرير ههنا يجوز أن يكون بمعنى الدار من
در إذا كان متعديا ، والفعيل يكثر مجيئه بمعنى الف
sage- دائم الحضور
- عدد المساهمات : 4949
مواضيع مماثلة
» أخبار امرؤ القيس - قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
» امرؤ القــيس
» شرح معلقة الحارث
» معلقة: الأعشى
» شرح معلقة عنترة
» امرؤ القــيس
» شرح معلقة الحارث
» معلقة: الأعشى
» شرح معلقة عنترة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى