أندريه ديمينتيف شاعر تغنى بالشباب والروح الرومانسية

أندريه ديمينتيف شاعر تغنى بالشباب والروح الرومانسية

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بقلم د. أيمن أيمن أبو الشعر

أندريه
ديمينتيف هو واحد من أشهر الشعراء الروس في النصف الثاني من القرن
العشرين، كانت ولادته في تفير – كالينينغراد – عام 1928 . بدأ ديمينتيف
بالنشر منذ بداية الخمسينات متأثرا بأجواء ما بعد الحرب والبناء السوفييتي
للإنسان الجديد . أنجز معهد غوركي للآداب عام 1952 ، وعمل منذ شبابه
المبكر في الصحافة الأدبية . ثم انتقل إلى موسكو عام 1967 ليتابع نهجه
المتميز وغدا بعد حين رئيسا لتحرير مجلة "يونوست" (الفتوة) واسعة الانتشار
آنذاك واستمر في هذا العمل أكثر من عشرين عاما .له عشرات المجموعات
الشعرية ، وقد تحول عدد غير قليل من قصائده إلى أغان محببة من مثل
اليونشكا ، وبيت الأهل ، وبالادا عن الأم ، ووفاء البجع ..

بطله
رومانسي مبدئي انساني النزعة، وأشعاره مفعمة بالحس الوطني ، يميل إلى
انتقاد المظاهر السلبية في الحياة المعاصرة والتغني بالسعادة حتى عبر
مظاهر الطبيعة . أشعاره تمتاز بالرقة والموسيقى العذبة والصور الجريئة ،
ويترك لقارئه العنان أحيانا في تساؤلات النص الذي يمكن أن ينظر إليه من
أكثر من زاوية وخاصة في تمحص الروح الإنسانية .

من أهم مؤلفاته : الأشعار العاطفية ، الطريق نحو الغد ، الشمس في البيت ، منفردا مع الضمير ، الولع ، ليست هناك صبية لا تعشق ، .



قصائد لديمينتيف

ليست هناك صبية لا تعشق

ليست هُناك صبيةٌ لا تُعشقُ

بل توجدُ اللاتي بِهنَّ أحبةٌ لم يلتقوا

بالقُربِ يمضي عابرٌ

حينَ الجلوسُ مُحققُ

لو كلْمةٌ لو تُنطقُ

تتغيرُ الأشياءُ فيما حَولنا

يتغيرُ الماضي بلونٍ يبرقُ

كالفيلمِ يكشفُهُ الضياءُ فيُحرَقُ

ومُحِقةٌ كلُّ امرأة

في الروحِ يحيا حبُها

كحنانِ قوقعةٍ تعانقُ لؤلؤة

كلُّ الخطايا في الوجودِ مُيسَّرٌ إصلاحُها

فلتُظهِروا أنقى الخِصال

ليست هناكَ صبيةٌ لا تُعشَقُ

مادامَ في الأرضِ الرجال

*******

لاسبيل

لا منفذَ ، بل أمرٌ مَحتوم

فالحُبُّ بِنا

كالذنْبِ لنا

وحنانٌ لا يلقى مَعبَرْ

لا بدَّ سيفنى يَتبَخَّر

لا منفذَ بل يأسٌ وقُنوط

وأكفٌ أبداً مبتهِلة

فنانٌ رقَّ فأهداني

تحنانَكِ كيما يُنقِذُني

إن حلَّتْ أعوامُ فِراق

ميلادُك يبدو لي تأخَّرْ

أو أنّي منتظِرٌ أُرهِقت

ما نحنُ هنا إلا طيران

في الأجواءِ التقيا هاما

عن دربِ السربِ وحيدين

لا مَنفذَ يبدو لا مَنفذ

ستُعاني تعشقُ لا مَنفذ

هل يُمكن لي أن لا أعشق

حسبي أنّي منتظراً ما زلتُ أعيش

كي لا يُقتلَ – لا أكثر –

هاجسُ أنّكِ ذاتَ مساءٍ قد تأتين

*********

عندما يغادرنا الحب

حينَ ينأى الحبُّ ينأى للأبد

كُن ودودا في الوَداع

أنتَ منذُ الآنَ قد حُرِرتَ مِنها

غيرَ أنّك

لم تُحَرر بعدُ من ذِكراكَ عنّها

كُنْ إذن أرجوكَ مُمتنّا

دعِ هراءَكَ والخِداع

حينَ ينأى الحبُّ ينأى للأبد

كُنْ جَديراً بالوَداع

بالذي ودَّعتَ من عُمرِ السَعادة

كُنْ جديراً بالمُعاناةِ اتي كانت أساك

يومَ أعلنتَ هَواك

فعلينا الآنَ

أن نوفِّي دَينَ ماضينا الذي عِشناهُ أمسِ

كُنْ جَديراً بالمَحبَّة

إن دَنَتْ أو إنْ نأت عنكَ الحَبيبة

ذاكَ أنّا نَتَساوى في الهناء

والسعاداتِ الوديعة

غيرَ أنّا كلُّنا لسنا سَواء

في احتمالاتِ الفَجيعَة

******

وفاء البجع

طَيرا بَجعٍ قد ضَلا

وسْطَ سماءٍ مُتّسِعَة

عن دربِ السربِ تَخلا

تَعِبا والخوفُ تَسللْ

كاللصِ إلى قلبِ البَجَعة

كانت صحراءٌ في الأسفلْ

أرضٌ جَدباء

أرضٌ موحِشةٌ مَجهولة

لا قطرةَ ماءْ

غصَّتْ أغنيةٌ في قلبِ البَجَعَة

وأحسَّت بدُنوِ فَجيعَة

لكنَّ الطائرَ للأعلى ارتفعَ قليلا

ودعاها أن تمضيَ مَعَهُ

أقوى كانَ وأكثرَ حِكمَة

مذ أدركَ أنْ لا مُنقِذَ في الأجواء

غيرُ ركوبِ النَسمَة

ومَضت إثرَ الطيرِ تُجدِّف

أجنحةٌ بيضاءُ تُرفرِف

نَسيَت حتى التعبَ المُضني ونَجَت مَعَهُ

حينَ عنِ الذاتِ انفصلت كُلّيا – لا عَنه –

وظلَّت تَتَبَعَهُ

*******

عبر الهاتف

إنّي أيقظتُكِ ياحبي

برنينٍ جداً مُتأخِر

ها أنتِ إلى صَوتي تأتينْ

وسِراعاً نحوي بالقدَمينِ الحافِيَتين

وأحسُّ الآن كم دافِئةٌ أنتِ الآن

وأرى وأنا عَنكِ بعيد

مثلَ الرؤيا عَبْرَ وِشاح

كيفَ انزاح

ثوبُ النومِ عن الكتفين

*******

يخرج الأطفال عنا

من البيتِ أطفالُنا يخرِجون

قبيلَ الأوان

إلى العمرِ – عنّا – ولا يُمهلون

إلى موقدٍ في العراءِ وريح

لشيءٍ فسيح

أثيرٍ وأحلى

لديهم من البيتِ أغلى

ليمضوا إذنْ حيثُ شاؤوا

ليبنوا إذنْ وليطوفوا

وفي ساعةٍ حلوةٍ طيِّبة

إذا ما أرادوا لأيِ سبب

دعوهم عنِ البيتِ يمضونَ خلفَ الغيوم

على أن يظلّوا بنا وسطَ نبضِ القُلوب

*******

أمي

وأخيراً هاك انحزمَتْ

كلُّ الأغراضِ حقائِبهُا جُمِعَت

فلنجلِس لحظاتِ وداع .. أمي

كفاكِ الطيبتانِ نداء

صامِتتان ..وبِودِهما البوحُ كثيرا

عن أشياءٍ عن أشياء

كم أهوى كَفَي أمي

منذُ نعومةِ أظفاري

أنّى بي دربيَ ترمي

لم أبعُد أبداً عن عُمري

عن دفءٍ بهما عِطري

بل ظل حميما لجواري

كفّا أمي بغضونِهما بالشامات

كم جلبا عِشقا حُبا

كم جلبا لي من حاجات

عبرَ يديكِ رأيتُ الوطنا ..أمي